تدخل السعودية في اليمن : جنون العظمة و شهوة الطغيان..

admin
كتاب واراء
admin1 أغسطس 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
تدخل السعودية في اليمن : جنون العظمة و شهوة الطغيان..

حسوني  قدور بن  موسى     

المحامي  بهيأة وجدة – المغرب

عرفت اليمن في العصورالقديمة حضارة عريقة خاصة في عصر مملكة سبأ، و سميت في عهد الرومان باليمن السعيد و كانت في معظم الاحيان شبه مستقلة بحكم موقعها الجفرافي و أراضيها الوعرة ،وعلى مرالزمان كانت السعودية تطمع في السيطرة السياسية على اليمن ، فمنذ سنة 1939 شنت حربا عدوانية على هذا البلد الجار، الا أن العدوان على اليمن ازدادت حدته و قساوته في عهد محمد بن سلمان، حرب مدمرة دامت 6 سنوات يُنظراليها على أنها أسوأ أزمة إنسانية في عصرنا الحديث، تتراوح تقديرات القتلى بين 10 آلاف إلى أكثر من 70 ألف قتيل،غالبيتهم من اليمنيين وبحسب التقاريرالدولية فإن الغارات الجوية التي تقودها السعودية تسببت في مقتل ثلثي هذا العدد، و ان حصيلة 4 سنوات من القتال في أنحاء اليمن مرعبة جدا فأكثر من6.700 طفل قتلتهم الألة الحربية السعودية و العديد منهم يعيشون أوضاع بائسة و بعيدة عن حياة الطفولة السعيدة.

اليوم في اليمن ، يوجد 7 ملايين طفل ينامون كل ليلة وهم جياع و في كل يوم يواجه 400 ألف طفل خطر سوء التغذية الحاد ، ويتعرضون لخطرالموت في أي لحظة بسبب الحرب التي يشنها خادم الحرمين الشريفين على الشعب اليمني، أكثر من 2 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدرسة،أما الذين يذهبون اليها يتلقون تعليما متدنيا جدا.

ان التاريخ البشري حافل باحداث كثيرة مأساوية و حروب دامية مدمرة وقعت في مختلف أنحاء العالم تسبب في اندلاعها حكام مصابون بجنون و أمراض نفسية، ولم يسلم الوطن العربي من هذه الظاهرة اذ توجد عند بعض الحكام العرب حالات مرضية تتعلق بالعظمة و شهوة الطغيان و حب الزعامة و السيطرة على شعوبهم ومحاولة احتلال الدول المجاورة بقوة السلاح ، هذه الظاهرة ناتجة عن اضطرابات نفسية أو سلبيات و نقص في التربية منذ الطفولة أوالعلاقات الاجتماعية التي تعني شعورالطاغية بمتعة وهو يشاهد الأخرين يتألمون و يعانون في حياتهم أنواعا من العذاب والحرمان و الفقر والقمع والاضطهاد ، ولا يدرك الطاغية بأنه ظالم و مستبد ، و هذه الظاهرة مرتبطة دوما بجرائم ضد الانسانية ارتكبها الطغاة المستبدين المجانين ضد معارضيهم السياسيين، هذه الظاهرة موجودة عبرالتاريخ الانساني في كل الأزمنة، ولكل طاغية طريقته الخاصة الوحشية الدموية يستعملها ضد شعبه ، و لا يترك الطاغية مؤسسة أو أي مجال من مجالات الحياة المدنية أو العسكرية خارج نفوذه و سيطرته مستخدما في ذلك جميع مؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و الاعلامية لخدمته و يصل مستوى الطغيان و الاستبداد الى اختزال كل شيء في شخصيته، و كل ما يدور حوله ينطلق من وجوده ولا وجود لأي شخص أخر منافس له، و اذا وجد هذا الشخص المنافس فمصيره السجن أو التصفية الجسدية ان اقتضى الحال، و تنتاب الطاغية أوهام و تخيلات توحي اليه بأنه مهدد من الخارج ، و يرى العالم الذي حوله عدوا يتربص به ،و من مميزات الطاغية أنه يعتقد بأن الجميع يريد النيل منه عبر حياكة مؤامرات خفية ضده و ينتابه شعور بالتهديد من قبل أعداء لا وجود لهم سوى في مخيلته، وان لم يكونوا موجودين في الواقع يعمل على ايجادهم في ذهنه لذلك يكون دائما شديد الحذرأينما حل و ارتحل محاط بحراسه، غير متسامح أبدا مع خصومه ، حساس و شديد القلق و سريع الاتهام للأخرين بانهم يكذبون عليه و يتأمرون عليه و يؤيدون قتله لقلب نظام حكمه، في حين أن هؤلاء الأخرين لا يريدون سوى الحرية و العيش في أمن و أمان .

ان الشخص الطاغية المستبد يقدم نفسه كشخصية مطلقة تجتمع فيها المتناقضات، فهو يتظاهر بالقوة و الجبروت و الشجاعة لكنه وقت الجد و المواجهة يتلاشى و يذوب كقطعة الثلج يهرب من المواقف الحاسمة كالقط الخائف انه غير ناضج لا يدرك أن الحياة بها صعاب و مشكلات لا بد من مواجهتها لذا فان الطاغية يهرب من المسؤولية، يضرب معارضيه بيد من حديد دون شفقة و في نفس الوقت لا يتردد عن ارتداء ثوب الأب الحنون المحب لشعبه العطوف على المواطنين.

 والحاكم المصاب بمرض جنون العظمة وشهوة الطغيان  يبدو ظاهريا سليما من حيث القدرة العقلية لكنه يبني تحليلاته على الخيال و الأوهام، و هذا مرض يصعب علاجه، كان موجودا عند الطغاة في الأنظمة الديكتاتورية وأبرز مثال على ذلك زعيم النازية ” أدولف هتلر” الذي أطلقت عليه مجلة التايمزالبريطانية اسم :” الديكتاتورالأعظم” و موسيليني في ايطاليا و جوزيف ستالين في روسيا حيث قتل في عهده 49 مليون روسي أي ما يعادل 40 الف قتيل كل أسبوع و بوكاسا الأمبراطورالمجنون في افريقيا الوسطى الذي كان يأكل لحم البشر، و  الدكتاتورالكمبودي الجنرال “بول بوت” قائد حركة “الخمير الحمر” قتل ما يقرب من 3 ملايين مواطن عام  1967  و معمرالقذافي وغيرهم من الطغاة الذين كانوا يبنون جميع تصرفاتهم السياسية على أوهام و حوادث غير واقعية لا وجود لها على أرض الواقع ، يعيش الطاغية في عالم غيرعالم شعبه، فعند اندلاع الثورة الاسلامية الايرانية سنة 1979 على يد الامام الخميني، لم يصدق شاه ايران محمد رضى بهلوي ما يحدث في الشارع الايراني من تظاهرات و احتجاجات شعبية عارمة كانت تناذي باسقاطه ، فصعد الى الطائرة المروحية للتأكد من صحة خبرقيام الثورة، و هذا دليل على الأوهام والكبرياء و الاستعلاء و الشعور بالعظمة و الغرورالذي كان يعيش فيه الشاه بعيدا عن هموم  الشعب ، في 16 يناير 1979 ترك شاه ايران سلطته و لم يعد اليها الى الأبد ، انتقل من بلد الى أخر، قبلته ادارة “جيمي كارتر” على مضض من أجل العلاج ، أمريكا التي كانت تدعمه تخلت عنه تحت ضغط الشارع السياسي، واضطر الشاه الضعيف الى مغادرة أمريكا الى باناما ثم الى مصر، الطاغية لا يؤمن بالتغيير، فعندما سأل أحد الصحفيين الرئيس الروماني ” نيقولا تشاوسيسكو”عما اذا كانت المظاهرات التي عمت مدن رومانيا ستؤدي الى التغيير و هل يخشى أن تتطور الأمورالى الأسوأ قال : لا يوجد شيء مما تقولونه و استطرد بعنجهية مستهزئا  قائلا : ” لن يحدث تغيير في رومانيا الا اذا تحولت أشجارالبلوط الى أشجار تين” و بعد أربعة أيام فقط  من هذا التصريح تم القبض على الطاغية هاربا مع زوجته و تم اعدامهما بالرصاص.

 أمريكا تتعامل مع الطاغية لكن عندما تشعر بأن مصالحها السياسية و الاقتصادية مهددة تتخلى عنه و ترميه في الزبالة ،تم قتل السادات برصاص الجنود المنشقين فأدى ثمن الخيانة و التطبيع مع اسرائيل، و ظل العسكر طوال عقود من الزمن يسيطرون على الحياة السياسية في جمهورية مصر العربية و ساهم الحكم العسكري في مصر في وقوع أحداث مؤلمة أهمها قتل الشهيد محمد مرسي أول رئيس منتخب بطريقة شرعية ، و أخطر الحوادث المؤلمة في عهد محمد بن سلمان ولي  العهد السعودي اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية التركية في اسطنبول بمساعدة المخابرات الاسرائيلية، و التاريخ يسجل أحداثا مأساوية أخرى مشابهة وقعت في الوطن العربي نذكرمنها تصفية المناضل اليساري المهدي بنبركة في العاصمة الفرنسية باريز سنة 1965 و لا زال مصير جثته مجهولا الى يومنا هذا واختفاء الامام موسى الصدر في ليبيا في عهد القذافي و قتل الرئيس الجزائري محمد بوضياف و هو يلقي خطابا على المنصة من طرف الجنرالات في النظام العسكري الجزائري.

انه لمن المخجل مقارنة عظماء التاريخ رموز الحرية و العدالة و المساواة أمثال عمرالمختار و المحامي ماهاتما غاندي الذين استطاعوا طرد الاستعمار الأحنبي من بلادهم بحكام دكتاتوريين أعداء الحرية و الديمقراطية…

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.