عاد ملف سجناء “حراك الريف” في المغرب إلى نقطة الصفر، بل وازداد تعقيدا، بعدما أعلن ستة من قادة الحراك تخليهم عن جنسية المملكة.
وقال أحمد الزفزافي، والد قائد “حراك الريف”، في 23 غشت ، إن ابنه ناصر وخمسة آخرين من ناشطي الحراك المسجونين أعلنوا تخليهم عن الجنسية.
وتلا الأب، في بث مباشر عبر صفحته على فيسبوك، بيانا قال إنه “موقع من طرف ابنه وخمسة معتقلين آخرين”، من دون أن يوضح كيف وصله البيان.
وينتقد حقوقي مغربي الخطوة، معتبرا أنها “مطلب عاطفي متسرع”، ويطرح “إشكالا قانونيا وحقوقيا”، فيما يقول الزفزافي الأب إن السجناء أقدموا عليها بعد أن “أصبحت حالتهم خطيرة”.
ولمدة عشرة أشهر، بداية من أكتوبر 2016، شهدت مدينة الحسيمة والعديد من مدن وقرى منطقة الريف شمالي المغرب احتجاجات طالبت بـ”تنمية المنطقة، وإنهاء تهميشها ومحاربة الفساد”، وفق المحتجين.
وأصدرت محكمة مغربية، العام الماضي، أحكاما نهائية بالسجن عشرين عاما بحق الزفزافي؛ بتهمة “المساس بالسلامة الداخلية للمملكة”، إضافة إلى السجن بين عام وعشرين عاما بحق 41 آخرين من موقوفي الحراك.
وأعفى ملك المغرب، محمد السادس، نهاية أكتوبر 2017، أربعة وزراء من مناصبهم؛ بسبب اختلالات (تقصير) في تنفيذ برنامج إنمائي بمنطقة الريف.
إشكال قانوني وأخلاقي
وفق المتحدث باسم المبادرة المدنية لحراك الريف (لجنة غير حكومية)، محمد النشناش، فإن “الحقوقيين في المغرب كانوا ينتظرون عفوا شاملا عن سجناء حراك الريف“.
وبمناسبة الذكرى العشرين لتوليه الحكم، أصدر الملك نهاية يوليوز الماضي، عفوه عن أربعة آلاف و764 شخصا في سجون المملكة، بينهم مجموعة من معتقلي أحداث الحسيمة.
ويوضح النشناش أن “عدم العفو عن قادة الحراك، بما فيهم الزفزافي، جعلهم يفقدون الأمل، ما دفع ستة منهم إلى التسرع والمطالبة بسحب الجنسية المغربية منهم”.
وينتقد متحدث المبادرة ذلك المطلب، معتبرا أنه “لا فائدة منه، سواء في قانون المغرب أو عاداته”.
ويتابع: “حتى اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل في أوقات سابقة، لم تسقط عنهم الجنسية المغربية، فهي لا تسقط بإرادة الشخص، بل بحكم قضائي، وهو ما لم يسبق تسجيله في المغرب”.
ويردف: “قادة حراك الريف، الذين تقدموا بذلك المطلب، كان دافعهم عاطفيا أكثر من أي شيء آخر، واتخذوا قرارهم من دون استشارة حقوقيين”.
ويشدد النشناش على أن “تلك الخطوة تطرح إشكالا قانونيا وأخلاقيا، وعلى قادة حراك الريف العودة إلى الصواب بالتخلي على ذلك المطلب”.
فقدان الأمل
أما الزفزافي، والد قائد “حراك الريف”، فيقول إن “ملف سجناء حراك الريف أزيح من على الطاولة من طرف بعض الجهات (لم يسمها)”.
ويضيف: “رغم أن ناشطي حراك الريف سبق أن وجهوا دعوات إلى محاربة الفساد، إلا أنهم وجدوا أنفسهم داخل السجون”.
ويعتبر أن “إيجاد حل لملف سجناء حراك الريف بيد من صنعوه، وليس بأيدي السجناء”.
وأوضح أن “مطلبهم بالتخلي عن الجنسية جاء بعد أن أصبحت حالتهم خطيرة”.
معالجة شجاعة للملف
أمينة ماء العينين، النائبة عن حزب العدالة والتنمية (إسلامي يقود الائتلاف الحكومي)، اعتبرت أن “وضع معتقلي حراك الريف ومبادراتهم لا تحتمل النقاش العاطفي ولا القيمي أو الأخلاقي”.
وأضافت النائبة، في تدوينة عبر فيسبوك، أن “النقاش ذو بعد سياسي، ويحتاج إلى أفق مختلف يقود إلى طي الملف بصفة نهائية بالدفع في اتجاه إيجاد الشروط الإيجابية من طرف الجميع”.
وتابعت: “لا أحد يستفيد من تعميق الخصومات والأحقاد، ومن ينفخون تحت الجمر ليسوا أبطالا، وليسوا وطنيين أكثر من غيرهم”.
وزادت بقولها إن “الوطنيين الحقيقيين هم من يتحلون بروح المسؤولية لوقف منطق التنازع ومقاربة (الرابح والخاسر) للوصول إلى حل يخرج فيه المغرب منتصرا قادرا على لملمة الجراح وتصريف الأحقاد”.
وشددت على أن “التحديات القادمة تحتاج إلى وحدة وطنية بعمق سياسي، كما تحتاج إلى تعبئة شعبية واسعة لن تتحقق إلا بمعالجة شجاعة للملفات العالقة، وعلى رأسها ملف معتقلي حراك الريف”.
مصير السجناء
وقال السجناء الستة (قادة حراك الريف)، في بيانهم: “عازمون على التخلي عن جنسية الدولة المغربية بدءا من تاريخ قراءة البيان”.
وحمّل السجناء المجتمع الدولي مسؤولية تتبع مصيرهم، والدولة المسؤولية عن وضعهم الصحي، بداية من هذه الخطوة (التخلي عن الجنسية).
ولم يصدر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج (حكومية) تعقيب بشأن البيان المنسوب للسجناء الستة.
(الأناضول)