رفضت بكين، بشكل قاطع دعوة أطلقتها منظمة الصحة العالمية لتعاون أفضل فيما يخصّ منشأ وباء كوفيد-19، معترضةً على إجراء تحقيق جديد وإعطاء بيانات إضافية و”تسييس” الملف.
وحسب وكالة الانباء فرنسا برس، فإن العلماء يبذلون جهودا حثيثة لتحديد منشأ الوباء، إن كان الفيروس قد انتقل من حيوان أم تسرّب من مختبر صيني، في ظل اعتراض بكين الشديد على الفرضية الأخيرة، إذ أنها لا تريد أن تظهر بمثابة الجهة المسؤولة عن تفشي الوباء.
وزار فريق من الخبراء الدوليين أرسلته منظمة الصحة العالمية مدينة ووهان في يناير 2021 لإجراء دراسة أولية حول منشأ الفيروس، غير أن تقريرهم الذي وضع بالتعاون مع خبراء صينيين، لم يسمح بالتوصل إلى نتيجة نهائية حول منشأ الفيروس.
وكانت الدراسة ذكرت أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو انتقال الفيروس من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان وسيط، مؤكدة أنه من “المستبعد إلى أقصى حد” أن يكون الفيروس قد جاء من المختبر.
وحسب المصدر ذاته، فإن منظمة الصحة طرحت، فرضية التسرب من مختبر التي تحدثت واشنطن مراراً عنها في سياق من الخصومة السياسية مع بكين، وطلبت المنظمة من كافة الدول خصوصاً الصين نشر “كافة البيانات حول الفيروس“.
وقالت المنظمة “بهدف التمكن من النظر في فرضية المختبر، من المهم أن يكون لدينا حق الوصول إلى كافة البيانات غير المعالجة”، معتبرةً أن “الوصول إلى البيانات لا ينبغي أن يكون في أي حال من الأحوال رهاناً سياسياً“.
من جهتها، ردّت بكين على منظمة الصحة العالمية، أول أمس الجمعة، بتأكيد موقفها الذي دافعت عنه لأشهر وهو أن التحقيق الأولي المشترك كافٍ وطلبات الحصول على بيانات إضافية لها دوافع سياسية خفية.
وقال ما تشاوتشو، نائب وزير الخارجية الصيني: “نعارض تسييس البحث عن الأصول والتخلي عن التقرير المشترك” بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، مضيفا “نحن ندعم البحث العلمي“.
وذكر المسؤول الصيني أن “البحوث المستقبلية يجب أن تتابع وألا تجري إلا على أساس هذا التقرير”، مؤكدا أنه “يجب ألا نبدأ من الصفر من جديد“.
فيما يخص البيانات الخام التي طالبت بها منظمة الصحة، خصوصا حول المصابين الأوائل في “ووهان”، تحدثت الصين مجددا عن السرية الطبية.
وأكد ليانغ وانيان، رئيس الوفد العلمي الصيني الذي شارك في إعداد التقرير المشترك مع منظمة الصحة، “نرغب فقط في حماية الحياة الخاصة للمرضى”، وتابع “بدون موافقتهم، لا يحق لأي خبير أجنبي تصوير أو نسخ البيانات الأصلية“.
وبعدما رفض عدد كبير من الخبراء لوقت طويل فرضية تسرّب الفيروس من مختبر، عاد الحديث عنها منذ بضعة أشهر.
وأصبحت هذه الفرضية متداولة أكثر بعد التصريحات الجديدة الصادمة التي أدلى بها بيتر امبارك، الرئيس الدنماركي الجنسية لفريق الخبراء الدوليين الذي زار ووهان في يناير 2021.
ففي وثائقي بثته الخميس قناة “تي في 2” الدنماركية الرسمية، بدا الخبير للمرة الأولى ينتقد بكين بشدة، وقال “حتى قبل 48 ساعة من انتهاء المهمة، لم نكن قد توافقنا بعد حول ذكر فرضية المختبر في التقرير”، موضحا أنه بعد مباحثات حصل وفد منظمة الصحة أخيرا على إذن زيارة مختبرين، حيث تُجرى أبحاث حول الخفافيش.
وأضاف “تحدثنا وطرحنا الأسئلة التي أردنا طرحها، لكن لم تكن لدينا فرصة الاطلاع على أي وثيقة”، ليخلص بالقول، إن “موظفا (في مختبر) أصيب أثناء أخذه عيّنات يندرج في سياق إحدى الفرضيات المحتملة، وهي أن الفيروس انتقل مباشرة من الخفاش إلى الإنسان“.