بعد أن حظيت الشخصية الافتراضية “كنزة ليلي”، المطوّرة بتقنية الذكاء الاصطناعي، باهتمام واسع على منصات التواصل الاجتماعي، اتخذت الشركة المغربية التي طوّرتها خطوةً إبداعية جديدة، فطوّرت أخاً وأختاً لـ “كنزة ليلي”، لتشكيل أول عائلة افتراضية في المغرب قادرة على صنع المحتوى والتواصل مع البشر.
تتكون هذه العائلة من “كنزة ليلي” و”زينة” و”المهدي”، ويقوم فريق مكوّن من 13 شخصًا بقيادة مريم بسة، رئيسة الشركة، في مدينة الدار البيضاء، غرب المغرب، بإدارة هذه العائلة الافتراضية.
تعرض “ليلى كنزة” محتوياتها على متابعيها بواسطة فيديوهات تظهر فيها وهي تتحدث باللهجة المغربية الدارجة، وتشاركها على منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، ويتناول المحتوى مواضيع عدة تتعلق بأسلوب الحياة.
مُلهمة العائلة الافتراضية
تُعد مريم بسة، صاحبة الأربعين عامًا، وراء ابتكار عائلة “كنزة ليلي” الافتراضية. ولدت مريم في مدينة الرباط (غرب)، وتابعت دراستها في مدينة مكناس (شمال) حتى حصولها على شهادة الثانوية العامة.
ثم انتقلت إلى فرنسا، لإكمال دراستها العليا في مجال التسويق والإعلان لمدة خمس سنوات، قبل أن تعود إلى المغرب، عام 2008، للعمل في مجال التجارة مع عدد من الشركات الكبرى.
في عام 2016، أسست مريم، وهي حاليًا أم لبنتين، شركة “لاتوليي ديجيتال”، المتخصصة في المجال الرقمي. وابتكرت شخصية “كنزة ليلي” الافتراضية عام 2023، مستفيدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
توضح مريم أنها استلهمت فكرة “كنزة ليلي” من نموذج أمريكي يُدعى “ليل ميكيلا”، عام 2018. لكن التقنيات آنذاك كانت صعبة ومرتفعة التكلفة لإنشاء نموذج مغربي وعربي وإفريقي.
خلال ديسمبر/ كانون أول 2023، تم ابتكار شخصية “كنزة ليلي” من قبل شركة مريم، تلتها أختها “زينة”، في يناير/ كانون ثان 2024، وأخوهما “المهدي” بعد ذلك بشهر واحد.
تضم الشركة 28 موظفًا يعملون في مجال التسويق ومنصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، 13 منهم متخصصون في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير الشخصيات الافتراضية.
ظهور “كنزة ليلي” للعلن
وحول بدايات خروج شخصية “كنزة ليلي” إلى العلن، تقول مريم إنه لم يتم التعريف بها كشخصية افتراضية مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي، عند إطلاقها في ديسمبر 2023، كان ذلك بهدف اختبار تفاعل الجمهور المغربي والعربي مع هذه الفكرة الجديدة.
وبعد ثلاثة أسابيع من إطلاقها، تم الإعلان عن كون “كنزة ليلي” شخصية افتراضية مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي نظرًا للتفاعل الكبير الذي حظيت به.
وتضيف مريم: “انطلاقًا من القيم، كان لزامًا علينا أن نُعلن عن هوية كنزة ليلي؛ فقد تم الإعلان عن كونها شخصية افتراضية مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي على منصتي أنستغرام وتيك توك، كما نحرص على الإشارة إلى ذلك في جميع مقاطع الفيديو التي تنشرها كنزة ليلي”.
وتحظى حسابات “كنزة ليلي” بتفاعل كبير من آلاف المتابعين. إذ تُجيب هذه الشخصية الافتراضية على التعليقات والرسائل، وتظهر في صور ومقاطع فيديو مرتديةً الأزياء المغربية المميزة، ما أثار إعجاب روّاد منصات التواصل الاجتماعي، خاصةً على انستغرام وتيك توك.
وتشير مريم إلى أن التجاوب الكبير مع هذه الشخصيات الافتراضية من قبل الجمهور يعود إلى سعيها لنشر قيم إيجابية مثل حب المغرب والمغاربة، والتحدث عن “تمغربيت” (ما له صلة بالمغرب). فقد ساعد ذلك على تقبل الجمهور لهذه الفكرة، خاصةً أنها ابتكار مغربي خالص.
وتوضح أن “شات جي بي تي” يُقدم خدمة الإجابة على الأسئلة على المواقع الإلكترونية، بينما تُعد “كنزة ليلي” و”زينة” و”مهدي” أول شخصيات افتراضية تُجيب على التعليقات والرسائل على منصات التواصل الاجتماعي باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي.
مخاوف من الذكاء الاصطناعي
وحول المخاوف المتصاعدة من تقنية الذكاء الاصطناعي، تشير مريم إلى أن هذه المخاوف تتضمن تساؤلات حول السلبيات المحتملة لهذه التقنية على فرص العمل والعلاقات بين البشر.
وترى مريم أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يتفوق على البشر، فهو يقدم خدمات محددة، ولكل خدمة موقع متخصص، لكن الإنسان يملك القدرة على القيام بالعديد من الأمور في نفس الوقت.
وتُشير إلى إمكانية ابتكار ذكاء اصطناعي يقدم كل الخدمات خلال السنوات الخمس القادمة، لكنها تُؤكد على أنه لا داعي للتخوف حتى الآن، لأن الإنسان هو المسيطر على هذه التقنية، ولا يمكن أن تعمل بدون أوامر منه.
وتوضح: “الذكاء الاصطناعي هو أداة لمساعدة الإنسان في العمل وتخفيف عبء العمل عليه. فبدلاً من العمل 5 أو 6 ساعات مثلاً، يمكن للذكاء الاصطناعي إنجاز نفس العمل في وقت أقل”.
وتختتم مريم حديثها قائلة: “لا يجب أن ننظر إلى الذكاء الاصطناعي كأمر سلبي، بل يجب النظر إليه بشكل إيجابي، حيث يُساهم في تقوية إنتاجية الفرد، سواء في الدراسة أو العمل، في الكثير من المجالات الأخرى”.
وبشأن الإقبال على خدمات الذكاء الاصطناعي، توضح مريم أنه تم تسجيل إقبال على هذه التقنية في المراحل الأولى من طرف المنظمات الحكومية، ثم المنظمات غير الحكومية.
وتشير إلى أن العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الشركات على تحسين أدائها وإتقان عملها.
وتختتم مريم حديثها بالتأكيد على أهمية تثقيف السوق المغربي حول تقنية الذكاء الاصطناعي، وذلك لفهم طبيعتها وتطبيقاتها بشكل أفضل، وتجنب أي تخوفات أو مخاوف.
(الأناضول)