من المؤسف له فعلا أن التعيين في المناصب العليا أصبح عبارة عن “تبليص” للمنعم عليهم من أصحاب النفوذ السياسي و الحكومي وحاشياتهم ومن لفّ لفهم من المحظوظين الذي اصبحت مناصب بعينها تفصل لهم على مقاس شواهدهم ,بالرغم من ان هذا النوع من التعيينات يجب ان يخضع لشروط ضرورية وصارمة , أولها التطبيق الصارم لمقتضيات القانون التنظيمي الخاص بالتعيين في المناصب العليا. ثانيا، احترام فلسفة وروح دستور 2011 الذي تحدث عن مبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، في إسناد المسؤولية. والحال أننا حين نبحث في المساطر المعمول بها نجد أنها تتغير من تعيين إلى آخر، ما يطرح الكثير من الأسئلة، ويسائل الحكومة حول مدى احترامها للضوابط المعلن عنها في القانون وفي الدستور كأسمى نص قانوني يلزم الجميع حاكمين ومحكومين .وقد اثارت التعيينات التي تباشرها حكومة العدالة والتنمية في نسختيها الأولى و الثانية والتي وصلت الى ما يناهز 1400 تعيين, انها في مجملها تعيينات يغلب عليها توزيع الغنيمة او الوزيعة بين الفرقاء الحكوميين ,آخر تعيين اثار لغطا كبيرا هو حصة حزب الإتحاد الإشتراكي من كعكة التعيينات حيث كان حظه منها في ظرف وجيز جدا منصب عضوية “الهاكا “الذي ظفرت به المحظوظة بديعة الراضي بمؤازرة ودعم وإيعاز من الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب.وتعيين آخر كان من نصيب نجل هذا الأخير طارق المالكي – خلال هذا الأسبوع -الذي كان من حظه وميمونه ادارة المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالرباط.. إنه وضع مهين للكفاءات المغربية التي لم يعد لها من متنفس للتشغيل سوى التعاقد وما يجاريه من عقد وتعقيدات لا يعلمها إلا الذين اكتووا بنارها .
لذلك نرى أنه من الواجب على الفعاليات المدنية كل من موقعه , القيام بما يلزم لفضح هذه الممارسات الشاذة المكرسة للريع و الفساد ، كما انه على احزاب المعارضة في إطار الاختصاصات المخول لها تشريعيا ونيابيا تشكيل لجنة تقصي الحقائق من داخل قبة البرلمان لفضح مثل هكذا خروقات وتجاوزات , لوضع حد لهذا العبث الذي يساهم في الرفع من منسوب اللا أمل وكذا فقدان الثقة في مؤسسات الدولة ويضرب العمل السياسي في مقتل ويكرس مظاهر نكوص الكفاءات المغربية وهجرتها الى أرض الله الواسعة من البلدان التي تحترم العقول والأدمغة وتقدر الطاقات و الكفاءات .