الشاعر نور الدين مبخوتي في حوار لـ”رسبريس”: توزع دمي شعريا بين فضائين بينهما أشياء كثيرة مشتركة..

admin
2020-03-04T23:12:45+01:00
حوارات وبروفيلات
admin4 مارس 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
الشاعر نور الدين مبخوتي في حوار لـ”رسبريس”: توزع دمي شعريا بين فضائين بينهما أشياء كثيرة مشتركة..

الحوار من انجاز: حياة جبروني

هو شاعر ومثقف متعطش للقراءة والبحث والاطلاع…

 شاعر، مخضرم توزع عشقه بين ضفتين بينهما آلام وامال وأحلام  واشتياق ولوعه تحرثه من الأعماق وتعتصره  نثرا وشعرا…

شاعر، تشبع من ينابيع منهمرة من الثقافات المتنوعة والإبداعات الرفيعة منذ أن رأى النور بمسقط رأسه وجدة، حتى إذا ما اشتد عوده واتسعت مداركه وتقوت وازدهرت، غادر مدينة طفولته وشبابه ليستقر به الأمر بولاية تلمسان مزَوَّدا برصيد وافر من فنون وثقافات وإبداعات مختلفة ومتنوعة أثْرَتْ ملكته من معان وأسرار وغموض ومفارقات وهوس وشجون  ليواصل بعد ذلك مشواره الإبداعي في موطنه الجزائر…

شاعر، عشق الجمال، وسعى خلف شغفه بها دون أدنى مقاومة لكبح جماح وإلحاح مشاعره ووحي وجدانه، فصار شاعر الأحاسيس وجمال الروح الهائمة في غياهب الحرف…

إنه الشاعر المخضرم المغربي المسقط الجزائري الأصل نور الدين مبخوتي، ورغبة في معرفة غيض من فيض شخصية هذا الكائن الشعري، الباحث عن الاستقرار الروحي والوجودي، عقدت جريدة  “رسبريس” الإلكترونية، هذا الحوار الذي اتسم بالأسئلة المسؤولة والمهتمة بالشعر وعوالمه… وإليكم نص الحوار.

 2 - رسبريس - Respress
الشاعر نور الدين مبخوتي رفقة الصحفية حياة جبروني بمقر جريدة “رسبريس”

س: بداية نرحب بك ابنا وشاعرا وكاتبا في هذه الفسحة الحوارية وأول سؤال نود طرحه عليك هو: من هو الشاعر نور الدين مبخوتي من حيث المولد والمنشأ والتعليم والتعلم والإبداع؟

ج:  في المستهل ممتن وشاكر للجريدة الغراء “رسبريس” على هذه الاستضافة .

 المتحدث شاعر وناشط ثقافي جزائري مقيم بولاية تلمسان. رأى النور لأول مرة في منتصف الستينيات بوجدة،  درس بها الأطوار التعليمية الثلاثة، وبها بدأ مشواره الشعري في الثمانينيات من القرن الماضي. ويمكن أن أؤرخ لعلاقتي بالشعر أنها بدأت مع الشاعر المغربي الراحل الدكتور محمد بنعمارة رحمه الله الذي تتلمذت على يديه سنة 1980 بإعدادية باستور، ثم عند رموز الشعر بالمنطقة الشرقية  بجامعة محمد الأول  بوجدة، على سبيل المثال الدكتور محمد علي الرباوي والراحل الدكتور منيب البوريمي رحمه الله. فقد كانت تربطني علاقة قوية بشعراء الجهة الشرقية بالمملكة المغربية، خاصة الرواد منهم،  كأسرة آل لقاح والدكتور حسن الأمراني وعبد الرحمان بوعلي والراحل عبد السلام بوحجر. والجميل في هذه الفترة أني تعرفت على شعراء مجايلين لي من قبيل عبد القادر لقاح وميلود لقاح ويحيى عمارة ومصطفى بدوي ومحمد ميلود غرفي.

 المهم مشواري الشعري بدأ بالمغرب من خلال نشر أولى قصائدي التي احتضنتها جريدة “العلم” و”بيان اليوم” وكل من قرأ ديواني “بلاغة الهدهد” الصادر في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية يلاحظ هذه الصلة الوثيقة بيني وبين الشعر المغربي بالجهة الشرقية .

س: الشاعر نور الدين مبخوتي شاعر مخضرم نصف رحلته الحياتية كانت بوجدة والنصف الآخر بولاية تلمسان، يحيا بقلبين وضميرين وروحين، كيف يمكنك أن تعيش في ظل هذه الازدواجية؟

ج:فعلا توزع دمي شعريا بين فضائين بينهما أشياء كثيرة مشتركة. لا أخفيك عشت حالة نوستالجيا مذهلة للمكان الأول ستظهر تجلياته في مجموعتي الشعرية “البريد والهوامش” ومجموعة “الشاهد”. دون إغفال حضور تلمسان القوي في إغناء تجربتي الإبداعية ومساهماتي كناشط ثقافي جمعوي أشرف على عدة ملتقيات في الرواية والشعر والقصة وأدب الطفل.

 شكلت تلمسان، محطة ثانية في مساري الشعري من خلال تعرفي على الشاعر حكيم ميلود الذي يمثل  نسيجا شعريا مذهلا قائما بذاته، أو من خلال اطلاعي على الشعر الجزائري المكتوب بالفرنسية، فهو رافد مهم ومرجعية ثقافية أساسية.

س: كيف ساهم الشعراء في مد جسور المحبة والتواصل بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر وهل استطاع شعرهم أن يتجاوز الحدود؟

ج:هناك مبادرات فردية تشتغل في هذا الاتجاه، فهي قليلة ومتقطعة، لكنها موجودة ويمكن أن أسرد لك نماذج منها: كتجربة لي، فقد قدمت أصواتا شعرية مغربية من خلال حوارات ومتابعات صحفية في الصحافة الجزائرية، ومن الاجتهادات أيضاً، يمكن أن أستحضر تجربة الرائعين الراحلين الدكتور محمد بنعمارة والإعلامي الأديب بلقاسم بن عبد الله، فقد خاضا تجربة إقامة توأمة بين برنامجين إذاعيين ثقافيين هما: “حدائق الشعر” بوجدة، و”دنيا الأدب” بوهران،كذلك تجربة الشاعر الطوبي المتميزة. فالرجل، قدم أصواتا شعرية جزائرية للمتلقي المغربي والعربي أخص بالذكر: بوزيد حرز الله وسعيد هادف وعياش يحياوي ونصيرة بن ساسي.

فشعراء الجهة الشرقية أيضا حاضرون بقوة في الجزائر، كما وصلتنا أصوات شعرية مغربية فازت بجائزة “مفدي زكريا الشعرية” بإشراف جمعية “الجاحظية” ومن ضمنهم الراحل عبد السلام بوحجر وجمال بوطيب وعبد الرحيم كعوان. وفي هذا المقام أثمن جهود الشاعر المغربي عدنان ياسين الذي كان يستضيف باستمرار شعراء من الجزائر في برنامجه الوازن “مشارف”.

س: كونك شاعرا كَبُر وترعرع في حضن ودفء مغربيين وأخص بالذكر مسقط رأسك مدينة وجدة، هل نثرت قصائد تعكس عمق العلاقة التي تربطك بهذه المدينة؟

ج: كثيرة هي أسماء الفضاءات التي شغلت حيزا معتبرا في كتاباتي الشعرية، بعضها عربي مثل غرناطة والكرمل، وبعضها جزائري، كتلمسان ومغنية، جنب حضور وجدة معجما شعريا تكرر أكثر من مرة في نصوصي وقد اشتغلت الدكتورة أمينة بلهاشمي على هذا الحضور في أطروحة جامعية بجامعة “أبو بكر بلقايد” بتلمسان.

من مظاهر تعلقي بمسقط رأسي أيضا، استدعاء إسم نهر إسلي وأسماء أفراد يعيشون بوجدة تربطني بهم علاقة إنسانية كبيرة كإسم فدوى وإدريس،والإهداء الوارد في ديواني “بلاغة الهدهد”، كعتبة نصية يوحي بامتياز لهذا الارتباط الروحي.

س: في حديث سابق عن مسيرتك العلمية والتعليمية، استحضرت ذاكرتك التي سافرت بك إلى الزمن الجميل لتذكرك بمعارفك وأصدقائك: شعراء ومثقفو جيل الثمانينيات من القرن الماضي، توقفت بالتحديد عند الكاتب والناقد المسرحي لحسن قناني، أردتَ البوح بأشياء لم يسعفك حينها الوقت لذكرها. أظن أن الفرصة الان سانحة للحديث عن علاقتك بهذه الشخصية؟

ج: هذا السؤال البهي يعود بي إلى منتصف الثمانينيات وتحديدا بثانوية إسلي لما كانت المؤسسات التربوية تحتفل بالفعل الثقافي وتؤازره، يومها كانت أمسية شعرية مشتركة بين الأستاذ لحسن قناني وعبد القادر لقاح، الطالب بالثانوية وبحضور ثلة من خيرة الأساتذة الشغوفين بالأدب. لازلت أتذكر رغم مرور السنين أجواء هذه الأمسية الشعرية العطرة ومجمل النقاشات الجادة المطروحة للتداول، ضمنها كانت مساهمتي في النقاش رغم حداثة مشواري الشعري المتمحورة حول توظيف الرمز والقناع في الشعر.

س: على ذكر الفلسفة، قلت إنك بصدد تحضير لمشروع فني إبداعي يتمثل في المسرح الشعري أو تمسرح الشعر، ما الذي يمكن للفلسفة أن تضيفه للشعر؟

ج: يشغلني المسرح الشعري كثيرا منذ أمد بعيد قراءة ومتابعة. بالرغم أني لم أنجز إلى حد هذه اللحظة خطابا مسرحيا شعريا فعليا، إلاأني أطلقت دعوات في شكل بيانات قصيرة، وأنجزت مقاربات تتمحور حول هذا الشكل التعبيري الجميل. لكن ما يحز في القلب حقا، أن الشعراء في الوقت الراهن يهجرون من الشعر إلى الرواية ومن المفروض أن تكون الهجرة من الشعر إلى المسرح. أما الشق الثاني من السؤال، أعتقد أنه آن الأوان أن نعيد الشعر إلى رحم الفلسفة كما حدث مع المعري وشيلي وهولدرلين، فيستعير الشعر من الفلسفة روحها وجوهرها وقلقها الأنطولوجي لا صرامتها ومقولاتها الصارمة.

س: الشعر التزام  ورسالة تحمل هموم ومعاناة والام وأحلام الإنسانية، فهل تعتقد أن شاعر هذا العصر مازال على عهده برسالته؟؟  

 ج: أعتقد أن معركة الشعر الحقيقية في الراهن، هي كيفية توطين الشعر في تربة المشهد الثقاقي العربي بعد انحساره وضموره لأسباب كثيرة يضيق المجال لذكرها. ومن هنا على القائمين على الشعر والمشتغلين به أن يبتكروا صيغا جديدة لتقريبه للمتلقي. ومن هذا المنطلق كان انشغالي بالمسرح الشعري وبشعر الطفولة وبحوارية الشعر مع بقية الفنون كالتشكيل والموسيقى وفي هذا المضمار تندرج كل مساهماتي.

 الشعر اليوم ليس مجبرا أن يشتغل على القضايا الساخنة الكبرى على نحو ما ظهر في العقد السبعيني حيث شكل الالتزام ظاهرة جماعية شغلت جيلا بأكمله.

 الشعر اليوم مطالب أن ينصت لأسلئة الوجود الإنساني المقلقة لكن بمستويات جمالية عالية ولا ينبغي ان يفهم من كلامي هذا أن لا ينتصر الشعر لقضايا المجمتع، ولكن الشرط الجمالي ضروري وأكيد.

س: ماذا عن حضور المرأة وعوالمها في شعر نور الدين مبخوتي؟

ج: من التيمات التي تحضر بكثافة في كتاباتي الشعرية، حضور الأنثى في تجليات متعددة سواء من خلال ذكر لبعض الأسماء التاريخية مثل خولة وحيزية وفدوى ومن خلال استحضارها كأنثى كانت أمّا أو أختا أو حبيبة. فهناك في ديواني ما يشبه المراثي. وفي المقابل، هناك عوالم أخرى، فالمرأة صارت هي المعادل الموضوعي للخصب والجمال والألم اللذيذ. ومن باب الأمانة أعترف أني تأثرت بالمنجز الشعري الذي أبدعته أنامل الشاعر المغربي الراحل محمد الطوبي الذي احتفل بالأنثى احتفاء بهيا في مجموع أعماله الشعرية.

س: ماذا يمكن للشاعر أن يضيفه في زمن تطغى فيه الرواية بامتياز؟

ج:الشعر بالرغم من منافسة الرواية له هو أعمق وأقدر على تعميق الإحساس بالحياة  والوجود بالإضافة إلى كونه هو الأكثر رحابة للاشتغال على اللغة بمفهومها الاستعاري والرمزي، وفي الوقت نفسه نقر بإمكانات الرواية الجمالية الهائلة، فهي تكتفي فقط برصد الواقع وتناقضاته و تحولاته الكبرى.

س: حسب ما ورد في سيرتك الذاتية، أنك تساهم كعضو فاعل في عدة جمعيات ثقافية وروابط أدبية، كيف تم اختيارك مندوبا لبيت الشعر الجزائري بتلمسان وما هي أهداف وأبعاد هذا البيت الثقافي؟

ج:رغبة مني في تأسيس تقاليد وازنة في المشهد الثقافي بعاصمة الزيانيين تلمسان انخرطت في العمل الجمعوي وكان لي دور حاسم في المسألة ومنها تجربة بيت الشعر الجزائري الذي يديره ثلة من شعراء الجزائر منهم الشاعر سليمان جوادي فهو رئيس هذه المؤسسة الثقافية والأمين العام الشاعر عاشور فني بمساعدة آخرين وقد كان لبيت الشعر طموحات كثيرة جسد بعضها باحترافية عالية ميدانيا منها تنظيم ملتقيات وأمسيات شعرية وقد كان في النية إصدار موسوعة شعرية ضخمةعن الشعر الجزائري تحت إشراف الناقد والشاعر د عبد القادر رابحي وكنت من المتعاونين معه في توفير بعض مواد هذه الموسوعة ومن مشاريع بيت الشعر الطموحة كذلك إصدار مجلة شعرية وإصدار دواوين لشعراء الهامش لكن العملية تسير ببطء وهذا منطقي جدا لوجود ضغوطات الواقع المعيش.

س: باعتبارك من أبناء مدينة تلمسان روض الأولياء والمشايخ الصوفية وعلمائها، هل خُضت تجربة الشعر الصوفي؟

ج: من عجيب المفارقات أن أول نص نشرته بجريدة العلم المغربية في نهايات الثمانينيات وكان عنوانه “الصحو من عالم الجنون”، فيه نفحات صوفية وقد تقوت هذه النزعة في كتاباتي الشعرية مع تدفق التجربة ومن يقرأ نصوصا لي في ديوان “بلاغة الهدهد”، يقف على حضور هذه الظاهرة ومن بين نصوصي الشعرية:  “القنديل” و”منديل الأمان”. ومرد اهتمامي بالتصوف يعود إلى قراءاتي الشعرية لمجاميع شعرية صدرت بالجهة الشرقية تحتفي بالتصوف مثل ديوان “مملكة الروح” و”السنبلة” للراحل الشاعر الدكتور محمد بنعمارة وديوان “مملكة الرماد” لحسن الأمراني وديوان “الأحجار الفوارة” لمحمد علي الرباوي ثم علاقتي بالشاعر الجزائري المتصوف الراحل عثمان لوصيف والناقد الأكاديمي الجزائري الدكتور عبد الحميد هيمة الذي أنجز أكثر من دراسة حول الشعر الصوفي.

 أظن أن التصوف سيظل محطة أساسية في مشواري الشعري حيث أطلع منذ مدة على إشراقاته في تراثنا الثري.

س: أيمكنك تسليط الضوء على بعض الأسماء اللامعة التي ساهمت في إغناء الحقل الأدبي والثقافي الجزائري والمغربي بفعل القرابة التي تجمعك بالبلدين؟

ج: هذا السؤال يوحي لي بإجابتين مختلفتين أولها أن هناك صلات تاريخية ثقافية بين فاس وتلمسان وبجاية والشواهد على ذلك كثيرة والإقامة في فضائين كانت متيسرة جدا لمبدعي المنطقة وهذا ما حدث مع رمزين من رموز الشعر بالجزائر وهما المنداسي وأبي مدين شعيب دفين تلمسان. ويمكن أن نتحدث عن حضور مغربي لافت عند السائحي من خلال احتفاله بعدة مدن مغرببة. وفي المقابل نتحدث عن وجود جزائري في المتن الشعري المغربي بتجليات مختلفة خاصة بالمنطقة الشرقية. بالنسبة لأعلام الشعر في البلدين سأحاول أن أسلط الضوء على روافد شعرية ومرجعيات أساسية أكدت حضورها في المشهد الثقافي، لكن لم تحظَ  بالقدر الكافي من الذيوع. وأقصد هنا الشعر المكتوب بالفرنسية ففي المغرب مثلا هناك تجربة اللعبي ومحمد خير الدبن وعبد الكبير الخطيبي وفي الجزائر يمكن ان نتحدث عن الراحل محمد ديب الذي ذاع صيته في الرواية لكن منجزه الشعري هو من الطراز الرفيع وتقاربه في هذه المكانة أصوات شعرية وازنة جزائرية من قبيل جمال عمراني ومحمد سحابة وسميرة نقروس. الرافد الشعري الثاني هو ظاهرة الزجل فقد حقق نضجا فنيا كبيرا كما هو الحال بالنسبة للشاعر إدريس أمغار المسناوي وأحمد لمسيح بالمغرب وتوفيق ومان وعبد القادر عرابي وبوكبة في الجزائر.

س: رسالة قصيرة عن كثرة الشعر وقلة الشاعرية؟

ج: هذه الرداءة التي يعيشها الشعر بامتياز هي التي جعلت الشاعر الفلسطيني محمود درويش يصرخ صرخته الشهيرة: “أنقذونا من هذا الشعر”. صراحة الكثير مما يكتب اليوم باسم الشعر هو مجرد “هدرة” وشتان بين الشعر واللاشعر.كم هو قاس أن يقع الشعر في مجمر الرداءة .

س: أهم الأدوات التي ترتكز عليها لكتابة الشعر، وما هي مصادر إلهامك الشعري؟

ج: هناك أساسيات في الشعر ثابتة لا تتحول بتحول الزمان والمكان كحضور التجربة والرؤيا والإيقاع والصورة الشعرية والاشتغال على اللغة. أنا حريص جدا على توفر هذه الجماليات في كتاباتي الشعرية أما بالنسبة لمصادر الإبداع، يمكن أن أعتبر القراءة من أهم الروافد الملهمة لي لهذا يحضر التناص بكثافة في منجزي الشعري إما بشكل خفي أو جلي.

س: تربطك علاقة قوية بالإعلامي والشاعر مصطفى قشنني والذي  صدر له مؤخرا ديوان جديد موسوم بـ”على محض أجنحة”. هذا المولود الشعري الجديد، تزامن مع وجودك بمدينتك وجدة لحضور فعاليات ثقافية مغربية ومغاربية بالرباط، هلا تفضلت وقدمت الشاعر مصطفى قشنني إلى القارئ الجزائري والعربي بالشكل الذي تراه مناسبا بما أن لك تجارب إعلامية وسبق لك أن قمت بعدة حوارات مع مجموعة من الشعراء؟ 

ج:علاقتي بالإعلامي الشاعر البهي مصطفى قشنني بدأت في سنة 2000 وتوطدت مع زياراتي المتكررة للمغرب وإن كانت متباعدة والمتابع للمنجز الشعري لدى الرجل يلمس أولا تراكم تجربته بشكل مطرد ويتميز متنه الشعري بمواصفات خاصة ولا غرابة في ذلك، فالرجل مبدع حقيقي ينفق على الشعر من روحه وقد قدم تضحيات كبيرة نتيجة إخلاصه للشعر يعرفها المقربون منه.إنه يبدع في إطار قصيدة النثر وهو يكتبها باقتدار لكونه يمتلك جمالياتها وقد حقق مكاسب معتبرة أعتقد أن النقد المغربي مطالب اليوم باكتشاف جماليات خطابه الشعري.

س: ماذا عن مشاريعك الجديدة في عالم الكتابة التي أنت بصدد تحضيرها؟

ج: أنا مقل في كتابة الشعر وكثير العزوف عن النشر وهذه ضريبة النشاط الثقافي، لكن ومع ذلك أشتغل على نص شعري مطول هو في مجمله شبه مرثية هذا النص هو قصيدة مطولة يمكن أن تصدر في ديوان مستقل وفيه أشتغل على تيمة الموت الذي يشكل محطة مهمة في تجربتي الشعرية. كما بحوزتي كتاب مخطوط اسمه الشجرة الشعرية وأغصانها وهو في الأصل حوارات مع الشاعر المغربي الراحل محمد لقاح وبعض أفراد أسرته. ولي مشاريع أخرى في شعر الطفولة والنقد.

س: مطلب وليس سؤال: هلا أمتعت القارئ ببعض أجمل وأرق ما جادت به قريحتك الشعرية تهديها لأبناء وجدة؟

ج:هديتي لطاقم جريدة “رسبريس” الغراء، وللقراء آخر نص كتبته بعنوان “آخر نرْد”

 كأنك آخر نرد لعبته يدي

 أم قنال تهشم عند المصب

كأنك ياقوتة اكتشفت سرها المتوحش

 في قاع سنبلة

 أم عطور مناديل تثغو ثغاء الخراف

 أقصك سيدتي بالمقص الأخير

وأحلم بالناهوند

بزرزور عينيك يقتات من زهرة اللوز

 بالأبجورة في غرفة الحوريات

وأحلم في حضرة الورق الموسمي

 بنار تهب من الكأس مخمورة

 أنتشي بين فاصلتين

 كما ينتشي الوقت باليرقات

هنا تستدير الثواني على عنقي

مثل أفعى

 أكاذيب أبريل كالسمكات تطير

 وفي صفرة الزعفران أغوص

أحط الصباح على عتمات الصباح

 أعيش وحيدا قيامة هذا النبيذ.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.