اعتبر رئيس المعهد المغربي للمعلومات الاستراتيجية أن المغرب وجد نفسه، فجأة، ودون سابق إشعار، في قلب المعالجة الاعلامية الفرنسية من خلال هوس إعلامي غير مسبوق.
وكتب عبد المالك العلوي في مقال نشرته الصحيفة الأسبوعية الفرنسية “لوجورنال دو ديمانش”، عبر موقعها على الأنترنيت، أن الأمر يدعو الى تأمل مفارقة أساسية وهي أنه في الوقت الذي يتم إنكار الوضع القائم الذي يتمتع به المغرب كقوة اقليمية جديدة، ها هو ينسب اليه التوفر على نفوذ هائل.
وأضاف الخبير قائلا أن المغاربة يبدون كما لو أنهم حلقات حاسمة في منظومة جميع السلط داخل هذا العالم، يحركون جميع الخيوط في الظل ليجد في هذه الحالة نوعا من الفكر المؤامراتي الرهيب، كما لو أن الشائعة المشينة كافية لإثبات الذنب.
وقال انه بالنسبة لغالبية المغاربة فإن هذا السلوك الذي ينبثق عن روح من التعالي الأبوي غير مقبول على جميع الأصعدة، وهو ضرب من محاكمة النوايا التي تتعرض لها المملكة.
وتابع: “إن الخلفيات الاستعلائية الاستشراقية ليست بعيدة. لا فرصة تمر دون التعبير عن ذلك. ينظم المغرب تظاهرة رياضية أو مهرجانا فيصبح عملية ل ‘ممارسة التأثير’. يحاول الدفاع عن مصالحه لدى فاعلين سياسيين فتصبح هذه الخطوة مملاة ب ‘أجندة ملتبسة’. يسعى الى التعريف بمشروعه بخصوص الصحراء فيصبح عدوا للحرية. يعبر بقوة عن ارادته بأن يحدد شركاؤه بوضوح موقفهم لصالح الحل الوحيد لهذا النزاع الاقليمي، الحكم الذاتي، فيصبح بصدد ممارسة ‘الابتزاز’. يختار الانفتاح على شركاء عالميين جدد فيقال انه بصدد ‘تنويع تحالفاته’. على جميع المستويات، تجد المملكة نفسها في مواجهة محاكمة للنوايا”.
والحال أن المغرب بلد ذو سيادة له سلسلة من المصالح السياسية والاقتصادية والثقافية والاستراتيجية التي يتعين حمايتها.
وأضاف أن المغرب يفعل ذلك بحماس وإخلاص، لكن كيف يصح نعت تحركاته بأنها نوع من التأثير الخادع؟ يتساءل مشيرا الى الحملات الاعلامية التي تستهدفه خصوصا خلال الأشهر الأخيرة.
ومن جانب المجتمع المدني المغربي، فإن هذا التكالب الشرس يثير من أحد الوجوه قدرا من الضحك، حسب الخبير الذي يضع الأصبع على مزيج ملتبس من المغالطات، علما أن معظم محرري هذه التعاليق لم يزوروا المغرب منذ أكثر من عقد من الزمن ويقدمون تحليلا يفتقر الى الأهم: رؤية عن قرب.
ولاحظ، كدليل على ذلك، أنه خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة بالمغرب 2022، لا واحدة من كبريات الصحف الفرنسية رأت أنه من المناسب إيفاد مراسل الى عين المكان. كما لو أنه كان كافيا الحديث عن المغرب من أرصفة نهر السين، بينما كان من الأجدر الوقوف على الميدان لنقل واقع أكثر تركيبا ووضوحا مما يتم الترويج له في الآونة الأخيرة.
واعتبر رئيس المعهد أن المغرب بلد تنشط فيه آلاف المقاولات الفرنسية دون أن يفرض عليها أحد العمل مع شريك محلي أو اقتطاع إتاوات. إنها أمة حيث يقيم العديد من الفرنسيين بشكل دائم منذ عقود في إطار طبيعي.
لذلك، فإن المغاربة، بأغلبيتهم الساحقة، يقول الكاتب، “لا يفهمون السلوك الفرنسي بإجماله تجاهنا، بينما تاريخنا، كما علاقاتنا المعاصرة، ومبادلاتنا الاقتصادية الثنائية ومصالحنا الأمنية المشتركة، خصوصا في الساحل، من شأنها أن تحفز على اقامة شراكة أورومتوسطية مزدهرة ترفع رهانات المستقبل”.
وأشار الى أن المغرب بلد فريد، يتمتع باستقرار مؤسساتي وماكرو اقتصادي أبان عن فعاليته ونجاعة مساره التنموي، ومن الممكن بناء تحالف من جيل جديد معه.
في هذا الإطار، يخلص الخبير الى أن العلاقات الفرنسية المغربية تحتاج الى الصراحة وأيضا الى التوازن مشيرا الى أنه بالنسبة لفرنسا، فإن الخطر الأكبر ليس أن يزيد المغاربة في نقمتهم على فرنسا، بل أن يتمخض هذا المسار عن حالة من التجاهل.