لم يمض على تشكيلها أكثر من 5 أشهر، حتى ارتفعت أصوات تطالب برحيل حكومة عزيز أخنوش، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار وخروج مواطنين للاحتجاج في الشارع.
ومنتصف فبراير ، تصدر وسم “أخنوش ارحل” منصة “تويتر” في المغرب والذي امتد لأيام، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار.
وقبل ذلك، احتج مئات المواطنين في عدة مدن مغربية، في 13 فبراير الماضي، رفضا لارتفاع الأسعار، الذي تشهده الأسواق المحلية خلال الشهور الأخيرة. كما شهدت مدن مغربية، وقفات احتجاجية إحياءً لذكرى احتجاجات 20 فبراير 2011، نددت فيها بارتفاع الأسعار، وطالبت بالحد منه.
وفي 10 سبتمبر 2021، عيّن العاهل المغربي، عزيز أخنوش الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار (وسط) رئيسا للحكومة، مكلفا بتشكيلها بعدما تصدر حزبه نتائج الانتخابات التشريعية للثامن من سبتمبر.
وولد أخنوش في مدينة “تافراوت” (وسط) عام 1961، وهو رجل أعمال متزوج وله ثلاثة أطفال، وينتمي إلى منطقة سوس، وتعرف بكونها مصدرا لأبرز تجار البلاد.
وحصل “التجمع الوطني للأحرار” بالانتخابات التشريعية الأخيرة، على 102 مقعدا برلمانيا (من أصل 395)، متبوعا بحزب “الأصالة والمعاصرة” ثانيا بـ86 مقعدا، يليهما حزب “الاستقلال” بـ81 مقعدا، وهذه الأحزاب الثلاثة شكلت تحالف الأغلبية الحكومية.
وفي 7 أكتوبر ، عيّن الملك محمد السادس، أعضاء الحكومة الجديدة، حيث ضمت 24 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش.
ارتفاع الأسعار ورد الحكومة
وبحسب النقابات المغربية، فإن أسعار عدد من المواد الاستهلاكية في المغرب “سجلت زيادات حادة في الآونة الأخيرة، ما ينعكس على جيوب المواطنين، خاصة الفئات الهشة منهم، التي تضررت من تداعيات جائحة كورونا”.
وأظهرت بيانات رسمية، خلال يناير الماضي، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في المغرب بنسبة 1.4 بالمئة في 2021، بضعف الزيادة المسجلة (0.7 بالمئة) في 2020.
وأرجعت المندوبية السامية للتخطيط، الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء، في بيان، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين، المحدد الأساسي للتضخم، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بـ0.8 بالمئة، والمواد غير الغذائية بـ1.8 بالمئة.
وأعلنت الحكومة أن الأسعار طرأ عليها ارتفاع في مختلف دول العالم، وليس في المغرب وحده، حيث قال الوزير المنتدب في الميزانية فوزي لقجع، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع الحكومة في 17 فبراير، إن ارتفاع أسعار عدد من مواد الاستهلاك بالبلاد، يعود إلى الارتفاع المطرد الذي شهدته أسعار الحبوب والمنتوجات البترولية في السوق الدولية.
وقبلها بيوم، أعلن وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، خلال برنامج متلفز، اتخاذ الحكومة إجراءات لتخفيض أسعار سلع وخدمات، مثل هوامش الربح والحد من المضاربة، لمواجهة زيادة الأسعار مؤخرا، موضحا أن المواد التي تنتج وتصنع في المغرب لم تشهد أي ارتفاعات، في حين زادت أسعار المواد المستوردة.
بنكيران يرفض رحيل أخنوش
وفي 19 فبراير ، أعلن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المغربي (معارض)، في فعالية حزبية بمدينة بوزنيقة، رفضه الدعوات المطالبة برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وقال بنكيران: “لست متفقا مع الدعوات التي تطالب أخنوش بالرحيل، طبعا هناك ارتفاع في الأسعار له أسباب خارجة عن إرادة الحكومة، وبعض التقصير من الحكومة، التي لم تتخذ قرارات مناسبة (لم يذكرها)”.
وتساءل: “ما هي الإشارة التي سنعطيها كدولة مستقرة في حالة ذهاب حكومة أخنوش؟”.
وأضاف: “إذا تبين بعد مدة معقولة، على الأقل سنة، أنه (أخنوش) فاشل، وتسبب في أمور كبيرة، حينها يمكن للعاهل محمد السادس أن يدعو إلى انتخابات جديدة”.
خيبة الأمل
وفق سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، في فاس، فإن “خيبة الأمل وانهيار سقف التطلعات التي قدمتها حكومة عزيز أخنوش للمواطنين، ولد إحباطا سياسيا واجتماعيا في ظل غلاء الأسعار وارتفاع نمط المعيشة وتدني القدرة الاستهلاكية”.
وأضاف بونعمان: “أخنوش لا يمتلك خطابا سياسا قويا ومقنعا للمواطنين إزاء مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية الحساسة والتي لها تأثير مباشر على حياة الناس ومعاشهم، ولذلك عجز عن تبرير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة”.
وأوضح أن “رئيس الحكومة يظهر بمظهر ضعيف ومرتبك وهش في التواصل السياسي، ما يغذي فكرة التشكيك في فعالية وعوده الانتخابية على أرض الواقع”.
وأرجع بونعمان ذلك إلى افتقاد رئيس الحكومة لـ”وجود كتلة شعبية وقواعد اجتماعية قادرة على التواصل مع المجتمع وتأطيره وإقناعه بسياسات الحكومة”.
الوضع الحرج
بدوره، اعتبر عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول، في سطات، أن “الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مختلف دول العالم صعب جدا بالنظر للتحولات المتسارعة التي يعرفها العالم إضافة إلى مخلفات جائحة كورونا”.
وأضاف اليونسي: “المغرب يعيش وضعا حرجا، فبالإضافة إلى العوامل السابق ذكرها، يعاني من حالة جفاف مما يعني أن الوضع الاجتماعي سيكون صعبا لفئات اجتماعية واسعة سواء في المجال الحضري أو القروي”.
وأوضح أن “المواطنين في مثل هذه الظروف ينتظرون من الحكومات التدخل للتخفيف من وطأة الظروف الصعبة، بينما الحاصل أن الحكومة حديثة العهد بالتعيين منطقيا والوضع المالي للبلاد لا يترك لها هامشا للفعل”.
واستدرك: “لكن موضوعيا أيضا، لا بد من الخروج من منطقة الغموض من حيث الحماية المؤسساتية للفعل الاقتصادي، سواء على مستوى ضمان المنافسة والجرأة في الإصلاحات التي تمس خصوصا المجال الضريبي، الذي يهم بعض الأنشطة الاقتصادية التي ظلت بعيدة عن فرض الضرائب”.
وأردف: “كما يجب استهداف الفئات الفقيرة بالمساعدات المباشرة في ظل هذه الظروف وهو ما سيشكل في المحصلة مقدمات لتضامن مجتمعي وتعبئة جماعية لتجاوز هذا الظرف الصعب”.
ورأى أن دعوات رحيل حكومة أخنوش يجب النظر إليها “بنسبية”، ذاهبا إلى أن الاحتجاجات التي خرجت “لا تعكس مزاجا شعبيا لإنهاء الحكومة بقدر ما هو إنذار لها للعمل أكثر”.
وفي السياق، ذهب اليونسي إلى أن “الشعبوية الطاغية في وسائل التواصل الاجتماعي، تزيد من تعقيد الوضع أكثر ولا تعطي صورة حقيقية لهذا الاحتجاجات”.
أياد خارجية
في حين، يرى القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، رشيد الطالبي العلمي أن “أن وقت الحساب والمراجعة قادم، وكل شيء له وقته الخاص، في ظل الاعتراف بالديمقراطية وآلياتها الذي يحدد الهامش الزمني لذلك”.
وفي مقابلة للطالبي العلمي وهو رئيس مجلس النواب، مع موقع العمق المغربي يوم 22 من فبراير، لمح إلى وجود “حهات وأياد خارجية” وراء حملة المطالبة برحيل أخنوش.
وتابع: “الحكومة الحالية انطلقت من فراغ لأنها وليدة أزمة وأن نتائجها هي من ستتحدث عنها، والمشكل هو في هذه اللحظة التي تعرف انتقالا في طريقة الاشتغال إلى طريقة جديدة، ونتائجها ستنسي المغاربة في كل ما يحدث وسندخل مرحلة جديدة”.
(الأناضول)