عرفت جهة الشرق، مؤخرا، تساقطات مطرية مهمة ساهمت في إنعاش حقينة السدود؛ بما في ذلك سد محمد الخامس المزود الرئيسي للمنطقة، والذي سجل تحسنا ملحوظا بعد أن وصل إلى أدنى مستوياته من الملء منذ تشييده سنة 1967.
وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يجيب رئيس قسم التدبير المستدام للموارد المائية بوكالة الحوض المائي لملوية، مصطفى بوعزة، عن ثلاثة أسئلة بخصوص الوضعية المائية بالجهة، وانعكاس التساقطات المطرية الأخيرة على حقينة السدود، وكذا التدابير الاستعجالية والمهيكلة للحد من العجز المائي في الحوض.
1 – هلا حدثتم لنا عن الوضعية المائية بالحوض المائي لملوية خاصة بعد التساقطات المطرية الأخيرة ؟
كان للتساقطات المطرية التي سجلت خلال الأيام القليلة الماضية على مستوى الحوض المائي لملوية، وقع إيجابي جد مهم فيما يتعلق بالواردات من المياه السطحية المعبأة بواسطة السدود، وذلك بعد تراجع غير مسبوق لمستويات منسوب الحقينة بسبب توالي سنوات الجفاف.
هذه التساقطات المطرية أنعشت حقينة السدود على مستوى المركب الهدرو مائي لجهة الشرق، كما شهدت تحسنا ملموسا، حيث بلغت نسبة الملء بالنسبة للسد المشيد على واد زا 100 في المائة، وسد محمد الخامس 37 في المائة بعد أن كان في حالة جد صعبة إذ وصل منسوب حقينته إلى أقل من 1 في المائة خلال صيف هذه السنة.
وقد تزامنت هذه التساقطات المطرية الأخيرة مع انطلاق الموسم الفلاحي الحالي 2022/2023؛ مما مكن من استئناف عمليات السقي لإنقاذ الأشجار المثمرة التي لم تستفد من حقينة السدود منذ أزيد من سنة. هذا المخزون المائي يجسد الحاجة الماسة للحوض المائي لملوية إلى الأمطار لملء السدود، وكذا تطعيم الفرشات المائية التي أصبحت تعاني من انخفاض مستمر لمستوياتها بسبب الاستغلال المفرط والعجز الذي سجلته التساقطات المطرية.
2 – عرفت هذه السنة عجزا كبيرا في الموارد المائية، ماهي التدابير الاستعجالية المتخذة لتأمين تزويد الجهة بالماء الشروب؟
لقد كان للعجز المهول المسجل في الموارد المائية السطحية المعبأة بواسطة السدود خاصة في ظل الوضعية الصعبة وغير المسبوقة التي وصلها سد محمد الخامس خلال صيف هذه السنة بالنسبة للموارد المائية بالحوض المائي لملوية، تأثير سلبي على مستوى التزويد بالماء الصالح للشرب، لاسيما بالنسبة لعدد من المدن بأقاليم الجهة التي تعتمد بالأساس على هذه الموارد بالنظر إلى مشكلة الملوحة التي تعرفها الفرشات المائية بهذه الأقاليم.
وفي ظل هذا الوضع، تم عقد عدة اجتماعات للجان الاقليمية والجهوية للماء تحت إشراف ولاية الجهة والتي تمخض عنها اعتماد استراتيجية استباقية ذات طابع استعجالي كان لها دور كبير في تأمين التزويد بالماء الصالح للشرب خاصة خلال تلك الفترة من الصيف التي عرفت توافدا استثنائيا لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج والذي نجم عنه تزايد كبير في الطلب على هذه المادة الحيوية.
وهذه الاستراتيجية الاستباقية التي تم الاشتغال عليها شكلت موضوع اتفاقية شراكة موقعة في نهاية دجنبر 2021، والتي تروم إنجاز البرنامج الاستعجالي والمهيكل لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب بالحوض المائي لملوية.
وتضمنت هذه المشاريع الاستعجالية التي رصد لها غلاف مالي قدره 1,3 مليار درهم مجموعة من العمليات أهمها؛ تعبئة الموارد المائية عبر إنجاز أثقاب مائية لاستغلال الفرشات المائية، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، وكذا اقتناء وحدات لإزالة ملوحة المياه الأجاجة بالطبقات المائية الجوفية، بالإضافة إلى استعمال مياه محطات الضخ التي كان لها دور كبير في تأمين التزويد بالماء الصالح للشرب لأقاليم الناظور والدريوش وبركان وكذا المراكز التابعة لها.
3 – ماذا عن المشاريع المهيكلة للحد من العجز المائي في حوض ملوية؟
علاوة على العمليات الاستعجالية، يتضمن البرنامج الاستعجالي والمهيكل على مستوى الحوض المائي لملوية أيضا مشاريع مهيكلة؛ بما فيها إنجاز وتأهيل مجموعة من السدود الكبرى؛ كما هو الشأن بالنسبة لسد محمد الخامس (إقليم الناظور) الذي يعرف حاليا أشغال التعلية بكلفة مالية تبلغ 1300 مليون درهم، حيث ستصل طاقته الاستيعابية بعد ذلك إلى حوالي مليار متر مكعب.
ويتعلق الأمر أيضا بسد بني عزيمان على مستوى إقليم الدريوش بكلفة مالية قدرها 1200 مليون درهم وبطاقة استيعابية تبلغ 44 مليون متر مكعب، وسد تاركا ومادي بإقليم جرسيف الذي هو في طور الانطلاق (بطاقة استيعابية تبلغ 287 مليون متر مكعب)، بالإضافة إلى إنجاز سدود تلية، ومشروع إنشاء محطة تحلية مياه البحر على مستوى إقليم الناظور، وكذا إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة.
هذه البنية التحتية المائية المعززة، ستمكن من تجاوز هذه المراحل الصعبة التي يعيشها الحوض في ظل عجز التساقطات المطرية وانعكاساتها السلبية على تعبئة الموارد المائية بصفة عامة.
وتأتي هذه المشاريع الاستعجالية والهيكلية أيضا في إطار تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020 – 2027)، الذي يكلف استثمارات بقيمة 115,4 مليار درهم، موضوع اتفاقية إطار تم التوقيع عليها أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 13 يناير2020.