لم يكن تاريخ 29 سبتمبر 1994 عاديا في الجزائر، فقد تناقلت الألسن خبر وفاة الشاب حسني مقتولا في وهران، لا أحد صدق في البداية تلك الرواية، بعدما سبقتها إشاعات عدة عن وفاة حسني، دفعته لأن يؤدي أغنية شهيرة عنوانها “قالوا حسني مات”.
لكن هذه المرة الشاب حسني، أو ملك الأغنية العاطفية، كما كان يطلق عليه، مات فعلا، كانت الرصاصات التي اخترقت جسده دقيقة التصويب من قاتله، الذي أرسل معها رسالة اغتيال للفرحة في الجزائر، البلد الذي كان يتخبط في أزمة دموية عنيفة قادتها الجماعات المتشدّدة، وتم اغتيال الشاب حسني قرب منزل عائلته بحي “قومبيطا”، وهو نفس الحي الذي وُلد فيه عام 1968، وأحب في دروبه كرة القدم التي مارسها في فريق محلي، ثم تخلى عنها بعد إصابة تعرض لها خلال مباراة كروية.
انساق الشاب حسني بعد ذلك إلى موهبته في الغناء، وقد بدأ حياته الفنية بإحياء الحفلات والأعراس والسهرات، إلى أن لمع نجمه في سماء الأغنية العاطفية، ولم يتخل أبدا عن العاطفة في أغانيه التي أداها، رغم القتل والخوف والكراهية التي حاولت بثها الجماعات المتشدّدة في ذلك الوقت.
وأدى الشاب حسني واسمه “شقرون حسني” أغاني كثيرة، إلى أن برز طابعه العاطفي الخاص الذي ألهب مشاعر ملايين الشباب، ليس في الجزائر فقط، بل وفي بلدان المغرب الكبير، وفي فرنسا وعواصم تواجد الجالية المغاربية، فقد غنى للحب والسلم، والصدق، وبرزت بصمة الحالة العائلية في أغانيه، عندما غنى لفراق ابنه عبد الله، الذي كان يعيش مع والدته المطلقة في الخارج.
أصدر الشاب حسني 175 شريط “كاسيت” أدى فيه الشاب حسني مئات الأغاني، لدرجة أن الجمهور تحدث عن أغنية للشاب حسني في الصباح، وأخرى في المساء، وقد أوضح في تصريح إذاعي، أنه سيُصلح هذا الخطأ الذي يؤثّر على نوعية الأغاني لا محالة.
كان الشاب حسني صوتا يتدفق إحساسا، رغم دموع الحزن التي كانت تلفّ الجزائر وقتها، فقد تمكن من اكتساح سوق “الكاسيت”، بإنتاجه الغزير الذي فاق التوقعات، ورغم قصر تجربته، فإن حياته كانت جزءا من صناعة الأفراح للشباب الجزائري الذي ردّد أغانيه في كل المناسبات.
عبد السلام بارودي