عبد السلام انويكًة
فضلاً عن جدل أسئلة وتخوف حول ما من شأنه اعتراض سبيل اختراق بنية مجتمع ومجال ممتد بتوزع انسان وتباين ثقافة، سيناريو آخر ذلك الذي كانت عليه أطماع فرنسا الاستعمارية في المغرب منذ نهاية القرن التاسع عشر. وعليه، الى جانب ما اعتمدته من ضغط ممنهج جمع بين حبال سياسة واقتصاد وتعاقد وقوة عسكرية لبلوغ حلم شمال افريقي تابع، ولتحقيق توسع بأقل كلفة مادية وزمنية ممكنة مستفيدة من تجربتها بالجزائر، ارتأت الآلة الفرنسية سلاح تعَرُّفٍ شمل مجال وانسان وتاريخ وثقافة وقدرات بلاد، ما توجهت صوبه ورتبته عبر مخبرين هنا وهناك ناهيك عن رحالة وسياسيين ومبشرين وعسكريين، سواء قبل أو بعد فرض الحماية وخاصة خلال فترة ما عُرف بالتهدئة مكراً.
سياق يمكن الحديث فيه عن ورش مسح معرفي واسع، تقاسمه عمل فردي مغامراتي وآخر أكثر تحديداً هو ما أنيط بضباط عسكريين وضعوا تحت المجهر مناطق ومدن وبوادي وقبائل وقضايا عدة. فكانوا بعميق أثر ودور فيما حصل من كشف وابراز ورصد مستفيدين مما تلقوه من تكوين وإعداد وسند وتوجيه، فضلاً عما تحقق عبرهم من تقارير ودراسات كانت على درجة من الأهمية الاستراتيجية لفائدة عمليات عسكرية وبسط نفود.
وبقدر ما كانت عليه سلاح التعرُّف الاستعماري من رهان فتك بوضع بلاد، بقدر ما استهدفت الأطماع الفرنسية من خلاله اضفاء شرعية وجود مع أيضاً جميع ما هو لاحق من أنشطة وفق رؤية ليوطي وهندسة تهدئة بين قوسين. فالمعلومة في قناعة هذا الأخير حول وجهات يراد اقتحامها هي جزء من ربح عمليات ونجاحها، فضلاً عن أهميتها في زعزعة بنيان قبل إعادة هيكلته وإعداده على أساس ما هو محدد من مقاصد. وكان “جورج هاردي” مدير التعليم ومهندس ناشئة سنوات الحماية الأولى، قد أورد أن جميع ما يكتب حول ما هو مجالي وتاريخي وأركيولوجي واتنوغرافي وفني..، يبقى بهدف أساسي يخص بلوغ روح البلد (المغرب)، هكذا كان التعرف Reconnaissance بدور في تهدئة مغرب ومغاربة وفرض أمر واقع بعد ما حصل من احتلال.
ولا شك أن ما خلفته الآلة الاستعمارية من أرشيف كان نتاج عمل أطراف عدة، كما بالنسبة لضباط عسكريين شملت أنشطتهم ومهماتهم التعرفية كل جهات البلاد على امتداد حوالي المائة سنة. مع أهمية الاشارة الى أنه من خلال ما كتب حول مغرب الحماية وقبلها، يتبين أن ما هو زمن تاريخي فيه كان بدرجة عناية أهم وتراكم أكبر متبوعاً بما هو سسيولوجيا وفنون وأركيولوجيا واتنوغرافيا وغيرها. بل وعند التأمل فيما احتوته مجلة هسبريس مثلاً زمن الحماية نجد هيمنة أبحاث ودراسات بطبيعة تاريخية، ما يعني كون شغل الأطماع الاستعمارية الشاغل لهذه الفترة كان بالدرجة الأولى جعل ماضي البلاد أداة تحكم في حاضرها وفي نوازل ما باتت عليه من وضع جديد.
اشارات بمختصر مفيد غير خافية على باحثين مؤرخين، ارتأيناها مدخلاً لتسليط بعض الضوء حول نموذج كتابة كولونيالية ووثيقة تعرفية بطبيعة مونوغرافية عن زمن الحماية. تخص واحدة من مدن المغرب القديمة التي كان ممرها دوماً متحكما فاصلاً بين شرق البلاد وغربها، وواحدة من قبائل ممر شهير بأعالي ايناون عرفت بسلطة جبل وبتدافع وردود فعل وتقاليد قتال طبعتها منذ قرون. يتعلق الأمر بتازة وبممر تازة وبقبيلة غياتة، وبمؤلف موسوم ب” تازة وغياتة” للنقيب “فوانو” ذلك الذي تم إعداده منذ مائة سنة بالتمام والكمال.
مؤلف/ وثيقة كانت ولا يزال مرجعاً على قدر كبير من الأهمية أمام ما هو كائن من تواضع عدد أبحاث ودراسات، رغم ما يسجل من اضافة في هذا الباب من قبل مهتمين وباحثين وهنا وجه غرابة وسؤال حول واقع حال مدينة ومنطقة معاً. بحيث بقدر قِدم تازة ومحورية ووقع ممرها عبر تاريخ البلاد على الأقل منذ العصر الوسيط، وما كانت عليه من أدوار وتوجيه لوقائع ومعارك نفوذ ونشأة وانهار دول.. كذا من مهمة حجاب وستار لفاس العاصمة من جهة الشرق. بقدر ما لم تجد المدينة من ينصت لزمنها بما هو كاف ويبرز تاريخها خلال فترة الحماية عبر ما هو شاف من دراسة أو مصنف حقيقي مُلم يسمح محتواه بالتعرف على جوانب عميقة متكاملة، ومن هنا أهمية وقيمة ومكانة مؤلف”تازة وغياتة” للضابط الفرنسي “فوانو” الذي لم يكن عمله بأهداف علمية صرفة.
ويدخل مؤلف “فوانو” هذا حول مدينة تازة وقبيلة غياتة ضمن وثائق مكاتب ما عرف على عهد الحماية بالشؤون الأهلية، ولعلها تقارير ودراسات أنجزها هنا وهناك عدد من الفرنسيين المدنيين والعسكريين عن الادارة الاستعمارية ودواليبها. ما كانت عليه من تحريات ميدانية وحرص على جمع معلومة وفق ما ينبغي من حقيقة ودقة، جعل حجم تراكمها كأرشيف أجنبي بدهشة باحثين ومؤرخين. وكغيره ممن توجهوا بالعناية لمجال التعرف على المغرب ضمن أهداف محددة، كان “فوانو” شغوفا بتعلم اللغة العربية والأمازيغية وبمعرفة تاريخ البلاد، كذا بخبرة في الكتابة وجمع المعطيات من خلال ما أعده من أعمال بحث سابقة سواء بالجزائر أم بالمغرب الشرقي. فضلاً عما كان عليه من تناغم مع عقيدة عسكرية فرنسية ومن انضباط لأهدافها، فقد كانت تحركه رغبة إسهام في تحقيق مجد فرنسي فيما وراء البحار وبالمغرب تحديداً.
ويرتب عمل “فوانو” (1869- 1960)حول تازة وغياتة ضمن ما تم إعداده حول المغرب من نصوص وتقارير منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى العقود الأولى من زمن الحماية على البلاد، ما شكل جزء من أثاث استعماري جمع بين ما هو اقتصادي ومالي واقتصادي وعسكري وثقافي علمي. مع أهمية الاشارة في هذا الباب الى أنه بقدر ما لا تخلو هذه النصوص عموما من أهمية معرفية حول ماضي المغرب، بقدر ما كان هاجس أصحابها يراوح بين جمع أكبر قدر من المعطيات حول البلاد وتقديم تقارير، بقدر ما كانت أيضاً تمهيدا لعمليات عسكرية وترسيخاً لأساليب استغلال وتبريراً لسياسة مستعمر تجاه اقتصاد ومجتمع وثقافة.
كتاب “فوانو” هذا هو بحوالي مائتي صفحة من قطع متوسط وبثلاث فصول تقاسمتها مباحث وقد صدر عن مطبعة وهران بالجزائر عام 1920، لكل متصفح يتبين أنه تأسس على مصادر ومراجع لتقديم حقائق تاريخية ومعطيات مجالية وبشرية بقدر مما هو تنقيب وتحري ودقة علمية وحرص على إحالة. ففي فصل أول من ص 2 الى ص 60 توجه “فوانو” بعنايته كما في جل سابق أعماله، لما هو فزيائي وانساني يخص تازة موقعاً وموضعاً وممراً وجواراً، ثم لما هو تاريخي جمع بين بقايا أثرية ووثائق مختلفة وتنقيبات وأسوار قديمة ومصادر مياه وأبواب وأحياء وسكن وسكان من مسلمين ويهود وبنايات وأسواق ومعالم أثر ديني وفكري ودفاعي من مساجد وأضرحة ومدارس وحصون، مع أهمية الاشارة لما ذكره وأقحمه في هذا الفصل حول احتلال تازة من قبل الفرنسيين وما قال عنه أنه انهى فترة عدم استقرار.
ومن خلال صفحات معدودة مثيرة للسؤال في فصل ثان من المؤلف عنونه “فوانو” ب”غياتة”، تحدث عن موقع ومجال قبيلة وطبيعة جبل وقمم ومناخ وينابيع مائية ومجاري خاصة وادي ايناون وروافده، فضلاً عما أورده حول سكن أهل غياتة التي قال بأصولها الأمازيغية وبأنها كانت على دين يهودية قبل الفتح الاسلامي معتمداً في ذلك على ما جاء عند ابن خلدون. بل ربما وبخلفية ما أضاف أنNohum Slouschz قال أن غياب أصول جنيالوجية لغياتة، يجعل الاعتقاد قائما حول كونها تكونت من لاجئين يهود انتهوا الى تجمع وتقرب من البربر، ولا ندري لماذا أدرج “فوانو” الفكرة قبل أن ينتهي الى القول بصعوبة الاطمئنان اليها. وقبل أن يقول بوجود عناصر يهودية في القبيلة إنما بعمق أمازيغي. وبشكل محدود من حيث الدراسة والمعلومة التاريخية في نفس الفصل، أشار”فوانو” لفروع القبيلة وفرقها ولِما قاله “دوفوكو” حول قوتها وعدد فرسانها وسلاحها وعدد أفرادها.
أما في فصل ثالث من ص 80 الى ص 160 وهو الجزء الأهم في المؤلف من حيث الحجم، فقد تناول “فوانو” مكونين أساسين هما تاريخ المغرب ثم موقع تازة. مستحضراً جملة نقاط لا تخلو من اشارات دفينة وخلفيات، وهو ما توزع على أزمنة قديمة جمع فيها بين مرحلة الرومان والمغرب والعادات والتقاليد الاسلامية، قبل أن يعرج بعناية معبرة عن الدولة الادريسية وقبيلة مكناسة وفترة المرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين والعلويين، وقبل أن يتوقف على وقائع قبيلة غياتة خلال القرن التاسع عشر وهو ما تذكره مصادر مغربية عدة، وقبل أن يتحدث عن ثورة الفقيه الزرهوني(بوحمارة) وأحداث فاس الدامية ثم احتلال تازة 1914.
ويسجل منهجيا أن مؤلف “تازة وغياتة” هو ببليوغرافيا هامة حرص “فوانو” على وضعها لطبع عمله بما ينبغي من تقاليد بحث واخلاقيات، بل عمل على ابراز ما تأسست عليه معطياته من مراجع ومصادر مغربية باللغة الفرنسية فضلاً عن تقارير لفرنسيين ورحالة وهي بالعشرات. هذا اضافة لخرائط طبغرافية تخص تازة مع جداول تقاسمتها معطيات مجال المدينة، كذا خريطة تخص قبيلة غياتة وملحقات حول أعمال أركيولوجية ذات صلة.
ويتبين أن صورة تاريخ محلي منتظم ممنهج ببلادنا لم تتبلور سوى بعد فرض الحماية عليها، بالنظر لِما أنجز من منوغرافيات تناولت قبائل وبوادي ومدن ومناطق وقضايا أطرتها أهداف استعمارية بالدرجة الأولى، دعماً لعمليات عسكرية وإعداداً لأوراش لاحقة بطبيعة ادارية واقتصادية وثقافية وغيرها. ونادرة هي الكتابات التي اهتمت بتازة بشكل مفصل بعد احتلال المدينة، ومن هنا يبقى مؤلف “تازة وغياتة” على أساس ما ورد فيه من معطيات وتحليل وتفاصيل، الوحيد الذي توجه بعناية للمنطقة في اطار عمل منوغرافي، بعد جملة أعمال أعدها “فوانو” حول وجدة وتدكًلت فضلا عن تقارير اتنوغرافية أعدها “فوانو” حول قبائل مغربية وعمليات عسكرية خاضتها القوات الفرنسية منذ 1912، ناهيك عن مؤلف “الأثار المجيدة للمهدئين” و”وجدة والعمالة” وغيرها من الأعمال التي صدرت بوهران.
فحول كتاب”وجدة العمالة” لـ”فوانو” (1912) والذي جاء بنفس ايقاع وتركيب وصياغة عنوان كتاب “تازة وغياتة” (1920) أي بعد ثمان سنوات من التوغل الفرنسي في المغرب. من المفيد الاشارة لما كانا عليه من نقاط مشتركة عدة جمعت بين نهج عمل وتحليل وتصميم وخلفية إعداد ومحاور ثلاثة وهاجس معلومة مجالية وبشرية وثقافية ناهيك عن أحكام مسبقة وخلفية استعمارية، علما أن الكتابين معاً الأول حول تازة والثاني حول وجدة لا يزالان يعدان مراجع بقدر كبير من الأهمية، وعلما أيضاً أنه على قدم المدينتين وقيمة وحساسية موقعهما الطبيعي والسياسي في تاريخ البلاد، لم تحظيا بمؤلف خاص يهم طابعها ومميزاتها الاجتماعية والثقافية والعمرانية على عهد الحماية. ومن هنا القيمة المضافة لِما أعدته الآلة العسكرية الفرنسية حول تاريخهما عبر ضباط عسكريين توجهت جهودهم لتحقيق هذه المهمة التعرفية الاستكشافية، رغم ما يسجل حول الكتابين من تباين يخص الحجم بحيث كتاب “وجدة العمالة” هو ب 585 صفحة أي حوالي ثلاث مرات حجم كتاب “تازة وغياتة” وللمسألة علاقة ربما بطبيعة مجال اشتغال ووقائع تاريخية ومكون قبلي هنا وهناك بين منطقة حدودية وأخرى بممر استراتيجي فاصل بين شرق البلاد وغربها.
يذكر أن ما أعده “فوانو” من مؤلفات حول تاريخ المغرب بعد فرض الحماية عليه، كان ورش دراسة تحليلية نقدية مقارنة اشتغل عليها لسنوات الاستاذ عبد اللطيف الدقشي، ما قطع فيه شوطاً هاما مستحضراً ما هو بتماسات مع تازة موقعاً وممراً ووقائع وقبائل. لو اكتمل وتحقق هذا العمل كلحظة علمية لشكل بحق قيمة مضافة هامة للخزانة التاريخية المغربية عموماً ولنصوص خزانة تازة تحديداً، خاصة وأن الباحث هو بتكوين لغوي فرنسي متين ومواكبة أكاديمية وإلمام مفاهيمي وكفاءة ترجمة عالية، علماً أنه كان أول من ولج سلك الدراسات العليا بعد الاجازة نهاية سبعينات القرن الماضي بكلية الآداب والعلوم الانسانية ظهر المهراز بفاس.
والى حين اكتمال هذا العمل العلمي التركيبي المقارن بعد تجاوز صاحبه لمحنة مرض شفاه الله، تبقى أهمية الاشارة الى أن اعتماد مؤلف “تازة وغياتة” في أبحاث تاريخية مغربية كغيره من النصوص ذات الشبه. يطرح مسألة درجة صدقية وسبل تعامل مع وعاء معلومة تاريخية واردة بمؤلفات أجنبية عن تاريخ المغرب، وخاصة خلال فترات دقيقة حرجة كما أواخر القرن التاسع عشر وفترة الحماية، علما أنها كانت على قدر معبر من جهد وتحري وتنوير حول ما هو وطني ومحلي. ولا شك أن مؤلف”تازة وغياتة” لـ “فوانو” جاء في خضم توسع وتوغل وتسرب استعماري- مفاهيم بدلالة واحدة ضمن بعد تاريخي وليس مدرسي-، في نواحي تازة وخاصة بجنوبها الجبلي حيث غياتة والأطلس المتوسط. وهو ما كان بحاجة لمعطيات مجالية وبشرية دقيقة داعمة لعمليات عسكرية، من أجل بسط سيطرة على نقاط قوة وجبل واخضاع قبيلة.
يبقى أنه حول زخم تقارير ودراسات كولونيالية حول المغرب عموماً، كانت فرنسا قد جندت ضباطها لإعدادها من أجل أهداف وأدوار محددة. نعتقد أنه من المفيد للباحثين والمهتمين استثمار ما يحتويه مؤلف “تازة وغياتة” ومؤلف “وجدة والعمالة”، من نتاج عمل ميداني وجوانب موضوعية على علة ما قد يسجل حولهما. دون نسيان أن من كتب من المؤرخين الأجانب حول تاريخ مغرب الحماية، كثيرا ما رددوا نغمة سوء حظ البلاد في علاقتها بحكم رومان واعتناق اسلام وهجمة بني هلال..، بيد أن سوء حضها الحقيقي- يقول العروي- كون تاريخها كتبه هواة دون تأهيل وموظفون ادعوا عِلماً وعسكريون تظاهروا بثقافة..، وعموماً مؤرخون دون تكوين لغوي واركيولوجيون دون تأهيل تاريخي، يحيل بعضهم على بعض ويعتمد هذا على ذاك لفرض افتراضات بعيدة كحقائق مقررة وحبك خيوط مؤامرة. هكذا كان بعض من مؤلَّف “تازة وغياتة” و”وجدة والعمالة” للنقيب “فوانو”، بين مَهمة تعَرُّف ودسائس إلتفاتة ونقاط تشابه جمعت بين تحليل وتركيب وتصميم ومعلومة وهاجس توغل.
مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث
محمد شابيرمنذ 4 سنوات
شكرا لجريدة رسبريس على نشرها لهذا المقال الجميل . لقد اطلعت على المقال بكيفية عابرة قبيل ساعات بعد نشره وقررت إعادة قراءة وتحليل مضامينه بتمعن بعد ذلك .ولعل من أولى الأفكار التي تبادرت إلى ذهني هنا هو أننا بصدد موضوع – ومهما يمكن أن يقال في شأنه من ملاحظات ونقد – غير مطروق على ما أعتقد ، خاصة على مستوى المقارنة بين مؤلفين كبيرين متميزين أنجزهما Louis Voinot وهو شخص له مكانته ، حيث جمع بين اختصاصاته العسكرية والإدارية وكتابة أبحاث ودراسات علمية غزيرة ومرجعية ، طوال المدة التي قضاها في خدمة المشروع الفرنسي وأهدافه الاستعمارية وإرساء أسسه بجنوب الجزائر وفي الشرق المغربي على وجه التحديد .
ومما لاشك فيه أن مثل هذه المواضيع العلمية التي تنشر في جريدة رسبريس ستعطيها مصداقية إعلامية وعلمية وتوثيقية. لقد اطلعت سابقا على كل من الدراستين اللتان خصصهما Louis Voinotمن ضمن أخرى عديدة لكل من وجدة والعمالة وتازة وغياتة وعلى مقالات ركز أصحابها فقط على ملاحظات اهتمت بالبحث الأول. أما بعد صدور المقالة المقارنة بين الدراستين للباحث عبد السلام انويكة ، ففد ظهر لي أن أدلي برأيي حول هدا العمل باقتضاب قد لا يعطي للباحث ما يستحقه من تثمين وتقييم موضوعي على مجهوده . فشكرا إذن للسيد انويكة على مجهوده القيم لأن عمله المقارن هذا سيعمل على سد ثغرة معرفية ومنهجية لم ينتبه إليها الكثير من الباحثين وخصوصا المؤرخين منهم على مستوى المقالات التي تهم الشرق المغربي ، وشكرا كذلك لجريدة رسبريس على سبقها نشر المقالة ، وهذا شرف ومصداقية لها على المستوى الإعلامي الجهوي والوطني الملتزم . وتقبلوا تشجيعاتي ودعمي لكم .
محمد شابير
رئيس جمعية البحث في تاريخ وتراث الشرق المغربي