تبون المتناقض: علاقتنا بالمغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة، ونعرض الوساطة في أوكرانيا

admin
تقارير وتحليلات
admin24 مارس 2023آخر تحديث : منذ سنتين
تبون المتناقض: علاقتنا بالمغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة، ونعرض الوساطة في أوكرانيا

ظهر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال مقابلة له مع قناة الجزيرة القطرية في منتهي التناقض، فهو يعرض الوساطة في أوكرانيا في الوقت الذي يعترف فيه بأن علاقة بلاده مع المغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة، فضلا عن أن علاقات الجزائر الإقليمية تحكمها توترات وأزمات مفتوحة لم يسبق أن عرفتها خلال العقود الماضية، فهناك توترات مع المغرب وإسبانيا وفرنسا وبرود في العلاقة مع تونس.

وتأتي المقابلة التي أجراها تبون كدليل واضح على عجز الجزائر عن تقديم نفسها سياسيا وإعلاميا فلجأت إلى الجزيرة بحثا عن تلميع صورتها، لكن المقابلة أظهرت الرئيس الجزائري في صورة الرئيس المعزول إقليميا، الذي جلب إلى بلاده توترات هي في غنى عنها.

وتساءل مراقبون جزائريون عن المقاييس التي يبني عليها تبون فكرة الوساطة في حرب بين قوى كبرى في الوقت الذي تفتقد فيه الجزائر شروط المصداقية والحياد التي تتطلبها عمليات التوسط في الأزمات الكبرى، ضِمْن وضع تجد فيه الجزائر نفسها مثار شكوك أوروبا والولايات المتحدة بسبب انحيازها إلى روسيا وتقديم خطاب متناقض يوحي بالموقف ونقيضه.

وأكد الرئيس الجزائري أن القطيعة بين الجزائر والمغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة من دون أن يحدد الجهة التي بدأت بتوتير العلاقة وقررت إيقاف تزويد جارتها الغربية بالغاز وأوقفت حركة الطيران عبر أجوائها ثم قطعت العلاقات من جانب واحد بالرغم من رسائل متعددة من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الرئيس الجزائري ودعوته إلى زيارة الرباط من أجل الحوار.

وسبق للملك محمد السادس أن دعا تبون كذلك إلى “تغليب منطق الحكمة” والعمل في أقرب وقت على تطوير العلاقات بين الجاريْن.

وقال العاهل المغربي في الذكرى الثالثة والعشرين لجلوسه على العرش في يوليو الماضي “إننا نتطلع إلى العمل مع الرئاسة الجزائرية لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك”.

ويرى المراقبون أن تبون فشل خلال هذه المقابلة في أن يحمّل المغرب مسؤولية تردي العلاقات الثنائية، معتبرين أن الجزائر إذا كانت فعلا راغبة في كسر القطيعة مع المغرب، فإن عليها ألا تكتفي بالتأسّف وأن تبادر إلى عرض واضح مثل عرض العاهل المغربي بشأن الحوار وفتح الحدود والتوقف عن الحملات الإعلامية والتراجع بشكل تلقائي عن قرار وقف الغاز ومنع حركة الطيران.

وإذا كانت الجزائر تسعى لكسر عزلتها عليها أن تغير خطابها الدبلوماسي العدائي لدول الإقليم وتعمل على تحقيق التهدئة بدل البحث في مكان بعيد عن التوسّط في قضية تفتقر فيها إلى الحياد.

وذكر الإعلامي والمحلل السياسي الجزائري سعد بوعقبة في تعليق له على التغييرات التي جرت في الجهاز الدبلوماسي أن ذلك يمكن أن “يكون مقدمة لمراجعات محتملة في عدد من الملفات الدبلوماسية الإقليمية، خاصة بالنسبة إلى العلاقات الثنائية مع المغرب وإسبانيا، وأن المواقف المحتملة تستوجب وجوها جديدة في وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي”.

لكن البعض ربط استقدام وزير الخارجية الجديد أحمد عطاف برغبة السلطة في تعزيز جبهة القطيعة مع الرباط؛ فالرجل المحسوب على الجناح السياسي الراديكالي الحاكم في تسعينات القرن الماضي، هو صاحب فكرة غلق الحدود البرية مع المغرب عام 1994.

وظهر التناقض في خطاب الرئيس الجزائري حين تحدث عن تونس ووصف ما يجري بأنه مؤامرة ضدها وأن “الجزائر تقف معها أحب من أحب وكره من كره”، في الوقت الذي لم يعرض فيه تبون صور وقوف بلاده إلى جانب جارتها الشرقية التي تعاني ظروفا اقتصادية صعبة فيما تكتفي الجزائر بالفرجة وتستنكف عن دعم تونس ماليّا لتخفّف عنها الضغوط الأوروبية والأميركية.

ومثلما ألقى تبون بالمسؤولية على المغرب في التوتر الحالي بين البلدين، سعى أيضا لربط الأزمة مع إسبانيا برئيس وزرائها بيدرو سانشيز، على خلفية إعلان دعمه للمقاربة المغربية في حل قضية الصحراء، معتبرا أن “القطيعة قائمة بين الجزائر والحكومة وليس الشعب الإسباني”، الأمر الذي يُعدّه المراقبون محاولة للقفز على واقع ثابت، لأن الحكومة تمثل الشعب الإسباني وتستمد شرعية قيادته من إرادة الإسبان، وأن الجزائر هي التي قامت بوقف اتفاقية الصداقة بين البلدين وعطلت التبادلات التجارية قبل أن تتراجع عن ذلك من جانب واحد دون وساطات ودون طلب إسباني.

ولأول مرة منذ اعتلائه كرسي قصر المرادية يصف تبون علاقات بلاده مع فرنسا بـ”المتذبذبة”، نتيجة التوتر الذي شهدته خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب الحماية التي وفرتها السلطات الفرنسية للناشطة السياسية الفرانكو جزائرية أميرة بوراوي، بعد فرارها من الجزائر إلى تونس.

وفي تناقض مع هذا الكلام الذي يحمّل فرنسا المسؤولية، أعلن تبون أن سفير الجزائر في باريس سيعود إلى منصبه قريبا، أي أن التنازل يأتي من الجزائر وليس من فرنسا، وهو ما يظهر أن الأزمة نابعة من مواقف الجزائر وتوتر دبلوماسيتها وليس العكس.

واختار الرئيس الجزائري قناة الجزيرة لإطلاق رسائل ومواقف بلاده الدبلوماسية تجاه مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين، وهو أمر يعكس شكوك الرجل في قدرة إعلام بلاده على تسويق صورة البلاد ومواقفها خارجيا، خاصة أن هذا الإعلام ظل مرتهنا للسلطة ويسير وفق أوامرها ومحاذيرها ما جعله يفقد المصداقية في الداخل قبل الخارج.

ويبقى أداء الإعلام الرئاسي في الجزائر محل انتقاد بسبب عدم توفيقه في إدارة واختيار الملف، حيث مازال يلجأ إلى تسجيل وتركيب الجلسات الإعلامية والتصريحات التي يدلي بها تبون لمختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، رغم مرور ثلاث سنوات على انتخابه رئيسا للبلاد، وهو ما يثير الشكوك لدى المتابعين حول نمط وإستراتيجية القائمين على الشأن الإعلامي في تسويق صورة البلاد.

المصدر: صحيفة العرب اللندنية

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.