تحليل “من في المغرب لا يستغرب”

admin
2019-04-05T21:06:15+02:00
تقارير وتحليلات
admin5 أبريل 2019آخر تحديث : منذ 6 سنوات
تحليل “من في المغرب لا يستغرب”

د.جواد مبروكي*

كثيراً ما أسمع المغربي يردد هذه القولة الشهيرة “إوا من في المغرب لا يستغرب” في جميع حالات خيبة الأمل “الحُكْرة” كان شاهدا أو مظلوما، مثل مواطن أمام الإدارات، أو القبض عليه بشكل خاطئ، أو حرمانه من حقوقه أمام الأغنياء أو الشخصيات البارزة، أو ببساطة بسبب البؤس والفقر وعدم المساواة الاجتماعية والفساد والدعارة أو الأطفال المتخلى عنهم أو حالة مستشفياتنا.

في الحين نفسه أجد في هذه القولة نوعا من التحذير مثل: “هذا لن يدوم طويلًا، فسوف يفاجئك المغرب بشكل آخر لما تدق الساعة”.

سواء الخيبة بالأمل أو التحذير، كلاهما يخيفني لأنهما نوايا عاطفية خطيرة على المجتمع والبلاد.

إذن، كيف يمكننا تحليل الحالة النفسية للمغاربة من خلال هذه القولة؟

1. الاستسلام المدمر

المغربي ليس واعياً بدوره كمواطن في تغيير وضعه وبلده، بل بالنسبة إليه لا يمكن أن يأتي التغيير إلا من الحكومة. وبالتالي ينتهي به الأمر إلى الاستسلام ويتحول بدوره إلى طاغية تجاه من أضعف منه حسب قاعدة الغابة “القوي يسحق الضعيف”.

2. العجز القاهر

هذا الشعور الحادّ يوقد عند الضحية غريزة القتل. ولكن الأخطر من ذلك، أن الضحية يُسقط غريزة القتل على كل شخص يُذَكِّره بطاغيه، وهذا ما يفسر لنا تزايد الجرائم والاغتصاب الجماعي والانتحار في مجتمعنا.

3. “حالة ضحية”

في غياب أي تغيير، ينتهي الضحية بتطوير “منطق الضحايا” ويدخل في “حالة ضحية” ويفقد كل وسائله الدفاعية وحتى غريزة القتل ويسعى فقط إلى الاعتراف به كَ “ضحية” وتقديم المساعدة له. وفي تقديري، يوجد معظم المغاربة في هذه المرحلة “حالة ضحية”.

4. فقدان الإيمان

بالطبع، الطاغي لا يعترف بالضحية وبالتالي لا ينقذها. وهكذا يفقد المغربي الثقة في كل شيء وحتى في نفسه ويدخل في حالة “سبات عصبية” يتفاعل مع أقل إثارة للبقاء على العيش. وهذا ما يفسر رد الفعل الفوري والعنيف والمفرط عند المغاربة أمام كل إثارة في الوسط العائلي وفي الشوارع والأسواق ومع زملاء العمل والجيران، مثلا.

5. فقدان الكرامة وحب الذات

بعد هذه المراحل، يشعر المغربي بفقدان كرامته ثم يفقد من بعدئذ حبه لذاته، وبطبيعة الحال يفقد بعد ذلك حب أسرته وجيرانه ومجتمعه وبلده. مرة أخرى، في تقديري، فإن غالبية المغاربة قد وصلوا إلى هذه المرحلة، ولهذا السبب تزداد وتزدهر تجارة السعادة (كوتش، التنمية الذاتية، البرامج الإذاعية والتلفزية …) في مجتمعنا على نطاق كبير.

6. التفكك وإعادة الاندماج

مع غياب أي تغيير وتقدم مجتمعي، يتفكك المغربي في النهاية عن نفسه وأسرته ومجتمعه وبلده ويشعر فجأة بالانتماء إلى لا شيء!

لكن الإنسان يحتاج إلى الانتماء إلى المجموعة، لذا، يسعى المغربي إلى إعادة انتمائه إلى بلد آخر بأي ثمن والحصول على جنسية جديدة، أو إلى جماعات مختلفة، دينية أو متطرفة أو مرتزقة أو غيرها.

*خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.