رسبريس – وكالات
تم، اليوم الجمعة بوجدة، تقديم وتوقيع إصدار جديد للكاتب والباحث، خالد حاجي، بعنوان “المثقَّف-المُثقِّف”، وذلك خلال لقاء احتضنته كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
ويضم هذا الكتاب، الذي يقع في 232 صفحة من الحجم المتوسط، مجموعة مقالات حول مواضيع ذات راهنية تتناول، على الخصوص، دور التكنولوجيا اليوم في رسم معالم المجتمع الجديد، ودور الفن في التثقيف وضرورة استيعابه في بناء المجتمع.
كما يتناول المؤلف، الصادر عن دار الإحياء للنشر والتوزيع بطنجة، سؤال الثقافة بشكل عام وحاجة الثقافة العربية الإسلامية اليوم إلى الانفتاح على روح العصر بقدر التمسك بالمبادئ والثوابت التي بنيت عليها، حتى تضمن تحقيق فرض الذات في فضاء جديد وفي سياق كوني متجدد.
وخلال تقديمه للكتاب، أكد حاجي، في هذا اللقاء الذي نظمه فريق البحث والفضاء والثقافة بمختبر التواصل والتربية والاستخدام الرقمي والابداع بالكلية، أن أهم ما جاء في هذا المؤلف التنصيص على دور المثقَّف-المثقِّف، مبرزا أن المثقَّف هو اسم مفعول يقع عليه فعل التثقيف، لكن هناك حاجة إلى مثقِّف يساهم في توسيع آفاق إدراك المجتمع حتى يجنبه ما يصطلح عليه العلامة ابن خلدون بـ” نقطة وقوف في تاريخ الأمم”، أو ما يمكن أن تسميته بلغة العصر “الغيبوبة الثقافية”.
وأشار إلى أن الأمم والمجتمعات تقف عند نقطة وقوف إذا لم تحاول المزج ما بين التثقيف والمثاقفة؛ بمعنى الانفتاح على سياقات ثقافية أخرى، حتى تستوعب روح العصر وتضمن مكانة لائقة بين الأمم وتحت شمس الحضارات الأخرى.
وعلاوة على ذلك، أكد الكاتب على الحاجة إلى “مثقَّف – مثقِّف يبلغ الذروتين؛ ذروة الاغتراف من عالم ثقافته المحلية الأصيل، وذروة الانفتاح على العالم الخارجي الفسيح؛ وكلما هَمَّ أحد العالمين أن يستأثر به لاذ بالآخر”، مبرزا أن “علاقة الداخل والخارج عنده، شأنها شأن مجموعة من العلاقات الأخرى، هي علاقة تشارط، فحينما نتمثل هذا المثقَّف- المثقِّف في سياقنا نجده تراثيا-حداثيا، أصيلا-معاصرا”.
واعتبر أن المقالات التي يتضمنها هذا المؤلف، على ظاهر الاختلاف بين عناوينها ومواضيعها، هي في أصلها انعكاس لحالة نفسية شعورية تستحث صاحبها على الخروج من وضع “الانحجار” لتدفعه للقيام بالجولان الفكري، بحثا عن فضاء مفاهيمي جديد، لافتا إلى أن الكاتب هو ثمرة تجارب شعورية ولقاءات فكرية واجتهادات علمية قادرة على المساهمة في التثقيف وتوسيع آفاق الادراك، “حيث مسعى القارئ أن يجد فيه من القول البليغ ما يجلي الحقائق التي قد يخفيها عنه وخرف القول”.
وخلال هذا اللقاء الفكري الذي حضره، على الخصوص، مجموعة من الأساتذة الجامعيين والباحثين والطلبة، قدم الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، عبد الكريم بوفرة، قراءة نقدية للكتاب، أشار خلالها إلى أن هذا الإصدار يثير كثيرا من القضايا المهمة التي تشكل دعوة لنوع جديد من المثقف الذي يحاول أن يغترف من الثقافات الأصلية وينفتح على العالم الخارجي الفسيح.
من جانبه، توقف الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بوجدة، عباس بوغانم، في قراءته للكتاب، عند ميزات هذا الأخير، مسجلا أن الكتاب يلامس إشكالات وقضايا في غاية التعقيد والصعوبة، حيث التضاريس البحثية لهذا المتن هي من الصعوبة والمشقة أن يخوض المرء غمارها لكونها تتطلب التسلح بالكثير من الآليات والأدوات المعرفية.
وبعد أن أكد أن تناوله لهذا المؤلف ينطوي على حس نقدي عميق يستحث فيها جوانب المسؤولية الملقاة على جسم المثقفين عموما، أبرز بوغانم أن صاحب الكتاب تعامل مع القضايا والاشكالات التي يثيرها المؤلف بكثير من الاقتدار والاجتهاد، مضيفا أنه يسعى من خلال هذا العمل إلى تفكيك وتفسير وتحليل الكثير من القضايا التي يحبل بها عالم اليوم وتقديم عناصر إجابة على الكثير منها.
يذكر أن خالد حاجي، وهو أستاذ التعليم العالي بشعبة الدراسات الإنجليزية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة محمد الأول بوجدة، صدرت له عدة مؤلفات، منها “من مضايق الحداثة إلى فضاء الإبداع الاسلامي والعربي”، إضافة إلى عدة روايات، أبرزها “عبد الرحمان والبحر”.