رصد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مجموعة من العقبات والمعيقات التي تقف في وجه نجاح مشروع التغطية الصحية الشاملة، وعلى رأسها قلة الأطر الصحية، والممارسات غير المشروعة التي تقوم بها بعض البنيات الصحية الخصوصية، ومطالبة المرضى بأداء مبالغ غير مدرجة في فاتورة العلاجات “النوار”، وغيرها.
وتوقف المجلس في تقريره السنوي على أن من أبرز ما يواجه ورش تعميم التغطية الصحية النقص الحاد في أعداد مهنيي الصحة، والذي زادت حدته مع أزمة “كورونا”، وهو النقص الذي يتوقع أن يتفاقم خلال السنوات المقبلة مع النمو الديمغرافي، ويبقى تقليصه رهينا بقدرة مؤسسات التكوين على رفع أعداد الخريجين.
وإلى جانب تأكيده على أن ضمان استدامة التمويل يشكل أهمية قصوى لنجاح الورش، أبرزالمجلس أن توفير الرأسمال الطبي يلعب دورا حاسما في ذلك، ودعا في هذا الإطار إلى معالجة الإشكالية عبر الحد من هجرة الكفاءات الصحية، عبر التشجيع والتحفيز، وتقليص مدة التكوين، والتخفيف من المهام ذات الطبيعة الإدارية التي تشكل عبئا يثقل كاهل الأطباء والممرضين.
وسجل ذات المصدر أن عرض العلاجات يظل دون ما تقتضيه دينامية تعميم التغطية الصحية، كما يؤدي النقص في مهنيي الصحة، إلى صعوبات في الولوج للعلاجات، تؤثر سلبا على تجربة المواطن مع المرفق الصحي، وتتجلى أساسا في فترات الانتظار الطويلة للحصول على موعد طبي، ما ينعكس على نتائج مؤشر ثقة الأسر، الذي يكشف أن 60.8 في المئة من الأسر المغربية في 2022 لا تزال تعتبر أن جودة الخدمات الصحية تعرف تدهورا.
كما نبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى الممارسات غير المشروعة على مستوى الخدمات التي تقدمها بعض البنيات الصحية الخصوصية، وما يشكله ذلك من تعثر لورش تعميم التغطية الصحية.
وحسب التقرير، فإن هذه الممارسات غير المشروعة تتعلـق أساسـا باتفاقـات استقطاب المرضى؛ وتشمل اتفاقات بين البنيات الصحية وبعض العاملين في مجال النقل الصحي، كما تتعلـق هـذه الممارسات بمكافآت تمنح لبعض الأطر الطبية في القطاعين العام والخاص، ليقوم هؤلاء بتوجيه المرضى نحو بنيات صحية معينة، وهذه المكافآت تكون بمثابة أجور غيــر مدرجـة في فاتورة العلاجات وغير مصرح بها لدى الإدارة الجبائية، ويتحملها المرضى.
كما يعد أداء مبالغ غير مدرجة في الفاتورة “النوار” واحدة من العقبات التي تعيق نجاح مشروع التغطية الصحية الشاملة، يضيف التقرير، إذ يجد ُ المواطن نفسه، حتى في حالة توفره على تغطية صحية تشمل العلاجات المقدمة من لدن القطاع الخاص، مضطرا لدفع مبلغ إضافي ولا يتم إدراجه في الفاتورة المصرح بها لهيئات تدبير التأمين الصحي.
وفي هذا السياق، أوصى المجلس بإجراء مراجعة شاملة للتعريفات (التعريفة الوطنية المرجعيةTNR)، بالإضافة إلى تعزيز عملية المراقبة والتتبع للوقاية من أي تجاوزات.
كما دعا المجلس إلى اتخاذ مجموعة من التدابير، من بينها تعزيز إمكانيات التناوب والحركية المهنية في صفوف مهنيي الصحة بالمجالات التي تعاني الخصاص، وإرساء نظام للرفع من الأجور وتعزيزه بتعويضات مرتبطة بالأداء، وإعادة النظر في نماذج التكوين، وإضفاء جاذبية أكبر على المهنة، والرفع من عدد الخريجين.