رسبريس – الأناضول
يشهد موضوع تقنين الاستعمالات المشروعة لـ”القنب الهندي” جدلا في المغرب منذ فترة بين مرحب ورافض، ولا يزال يثير الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي خطوة وصفها البعض بالمفاجئة، أعلنت الحكومة مشروع قانون ينظم استخدام “القنب الهندي” (مخدر الحشيش) في الأغراض الطبية والصناعية.
و25 فبراير الماضي، أفاد بيان لرئاسة الحكومة، بـ”شروع مجلس الوزراء في دراسة مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، على أن يتم استكمالها والمصادقة عليه في اجتماع الحكومة القادم (الخميس 4 مارس)”، دون تفاصيل أكثر.
ويدعو المؤيدون إلى تقنين زراعة “القنب الهندي” على غرار باقي الزراعات الأخرى، فيما يحذر الرافضون من تأثير ذلك في ارتفاع مساحة زراعة المخدرات، وتفاقم ظاهرة الاتجار فيها.
العفو عن المزارعين
يرى نور الدين مضيان، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الاستقلال (معارضة)، بمجلس النواب أن “المدخل لتنزيل (تدبير) مشروع قانون تقنين القنب الهندي، هو إقرار مصالحة حقيقية مع المزارعين”.
ويقول مضيان: “المصالحة تقتضي أولا، إلغاء المتابعات القضائية، والعفو عن المتابعين”.
ويشير إلى أن “وزير العدل السابق، أكد للبرلمانيين، إحصاء أكثر من 30 ألف شخص مطلوب، بسبب زراعة القنب الهندي”.
ويتابع: “جميع المزارعين يعتبرون أنفسهم في سراح مؤقت، واليوم أمامنا مشروع قانون للتقنين جاءت به الحكومة، ونأمل أن يضع حدا لحالة الخوف والرعب في صفوف المزارعين”.
ويوضح البرلماني المغربي أن هدف حزبه، الذي أثار الموضوع قبل أكثر من 7 سنوات، وتقدم بمقترح قانون لتقنين “القنب الهندي”، والعفو عن المزارعين، هو “تحرير المواطن”.
ويردف: “المفروض توفير البدائل للمزارعين، والحلول الكفيلة بضمان العيش الكريم لهم، وتعزيز استقرارهم الاجتماعي، بعدما أصبحوا يعيشون وضعية اجتماعية متأزمة”.
جلب استثمارات
ويطمح المغرب إلى جلب “استثمارات عالمية” واستقطاب الشركات العالمية المتخصصة في الاستعمالات المشروعة” لـ”القنب الهندي” في الأغراض الطبية والصناعية.
وقالت المذكرة التقديمية لمشروع القانون الخاص بـ”الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي”، إن “المغرب يمكنه أن يستثمر الفرص التي تتيحها السوق العالمية للقنب الهندي المشروع، بالنظر لمؤهلاته البشرية والبيئية”.
وتشير إلى أن “تطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي كفيل بتحسين دخل المزارعين، وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات”.
ووفق المشروع فإنه “يجب العمل على تأهيل الترسانة القانونية لتطوير وعصرنة زراعة وتصنيع القنب الهندي، وجلب الاستثمارات العالمية؛ بغية الاستفادة من مداخيل السوق الدولية لهذه النبتة”.
وينص مشروع القانون على “إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص”.
ويسعى إلى “خلق وكالة (هيئة) وطنية يعهد لها بالتنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والشركاء الوطنيين والدوليين، لتنمية سلسلة فلاحية وصناعية تُعنى بالقنب الهندي”.
كما ينص المشروع على “فتح المجال للمزارعين للانخراط في التعاونيات الفلاحية”، و”سن عقوبات لردع المزارعين المخالفين للقانون”.
مساحات غموض
ويرى خالد البكاري، الأستاذ الجامعي والحقوقي المغربي، أن “مشروع القانون المتعلق بتقنين القنب الهندي، تتخلله مساحات غموض وجب تداركها”.
ويضيف البكاري: “مقتضيات مشروع قانون الحكومة، قد يكون مصدر أخطار مستقبلية، والمطلوب تنقيحه، خاصة فيما يتعلق بالمناطق الزراعية التي سيرخص فيها بزراعة القنب الهندي”.
ويزيد: “يجب حصر زراعة (القنب الهندي) في المناطق التاريخية التي تميزت بهذا النوع من الزراعة، ولا يمكن توسيع رقعة الزراعة بباقي المناطق الأخرى في البلد”.
ويتابع: “فلاحو المناطق التاريخية سيصبحون المتضرر الأول من التقنين، إذا تم توسيع مجال الزراعة، ومنحت الرخص بشكل واسع”.
ويوضح البكاري، أنه “في تجارب مقارنة بأمريكا اللاتينية، أدى التقنين إلى الإضرار بالفلاحين الصغار، حيث أصبحوا تحت رحمة المستثمرين الكبار”.
ويقول: “إذا تمت المصادقة على المشروع كما أعدته الحكومة، واتسعت رقعة المساحات المزروعة، وشملت مناطق ذات جودة عالية من حيث التربة والسقي والبنى التحتية، فسيزداد سكان المناطق النائية، المعروفة تاريخيا بزراعة القنب الهندي، فقرا وتهميشا”.
غضب حزبي
من جهته، رأى عبد الصمد السكال، رئيس جهة الرباط، وهو قيادي بحزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، في منشور عبر حسابه على فيسبوك، أنه “لا يمكن اعتبار المشروع إلا خطوة إيجابية لاعتبارات متعددة”.
وأوضح السكال أن “المشروع يأتي منسجما مع القرار الذي اتخذته المنظمات الدولية ذات الاختصاص، (الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية)، نهاية السنة الماضية، بإعادة تصنيف النبتة من المواد الأقل خطورة”.
وأشار إلى “وجود عدد من أوجه الاستعمال الطبية والتجميلية والصناعية لهذه النبتة”، قائلا: “أمام المستجدات العلمية، وقرار المؤسسات الدولية، فالتقنين أفضل حل”.
وأضاف: “الموقف السياسي السابق (الرافض للتقنين)، هو أساسا مرتبط بسياق التوظيف السياسي الذي طُرح فيه الموضوع”.
وتعليقا على موقف القيادي في “العدالة والتنمية”، قال بلال التليدي، العضو بالمجلس الوطني للحزب نفسه عبر صفحته على فيسبوك، مخاطبا السكال: “أدعوكم إلى مطالبة الأمين العام للحزب (سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة)، ألا يتسرع في المصادقة على مشروع القانون، حتى يحصل النقاش داخل المؤسسات”.
وفي السياق ذاته، انتقد حسن حمورو، عضو المجلس الوطني للعدالة والتنمية، عبر صفحته على فيسبوك، إحالة السكال على القانون الدولي، وقال: “هذا تدليس”.
وتابع حمورو : “التوصية قدمتها منظمة الصحة العالمية رسميا منذ 2018، ولم تتبنها لجنة المخدرات إلا في ديسمبر 2020، ولكي تصبح لها حجية قانونية، وجب تعديل الاتفاقية الدولية للمخدرات، وهو ما لم يتم بعد”.
وزاد: “لا توجد أي دولة لجأت إلى تقنين زراعة القنب الهندي، بعد إقرار التوصية الأممية في ديسمبر الماضي”.
وسيحال مشروع القانون المتعلق بتقنين “القنب الهندي”، عقب تصديق الحكومة، إلى غرفتي البرلمان للتصديق عليه، ثم ينشر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ.
وفي نوفمبر الماضي، أعلنت السلطات ضبط 467 طنا من المخدرات منذ بداية 2020، وحتى نهاية سبتمبر من العام نفسه، منها 145 طنا من “الكيف” (القنب الهندي).