بنسبة نحو 50% من سكان العالم لا يمكن للنساء أن يشكلن أقلية بكل تأكيد، إلا أن التعامل معهن لا يتم على قدم المساواة، خصوصا في ساحات العمل والانتاج. وفي عام 2018 ازداد الوضع سوءا ولكن ليس في كل مكان.
لا يتلقين الدعم ويتقاضين أجورا أقل ويتعرضن جزئيا للإقصاء. الكثير من النساء والرجال على مستوى العالم يناضلون من أجل مزيد من المساواة وحققوا بعض النجاحات. لكن لم يحصل الكثير في الآونة الأخيرة. فالمساواة تشهد بعض الركود في العالم وفي بعض المجالات تتسع الفجوة مجددا، كما حذر منتدى الاقتصاد العالمي الذي يحلل منذ 2006 في كل سنة وضع مساواة النساء ويتم النظر إلى مجالات الاقتصاد مثل الأجور وفرص شغل مناصب قيادية والولوج إلى التعليم وإمكانيات المشاركة السياسية والصحة مثل معدل الحياة في 149 بلدا.
إيسلندا: الرائدة في المساواة
طبقا للدراسة الأخيرة نزلت ألمانيا في مؤشر المساواة السنوي بمقعدين لتحتل المرتبة 14 في التصنيف. وبهذا يتم سد نحو 78 في المائة من الفجوة بين الجنسين. والوضع أسوء في سويسرا التي تحتل المرتبة 20 والنمسا تأتي في المرتبة 53. وللمقارنة فإن في البلد الرائد إيسلندا تتقلص الفجوة بين الجنسين بـ 85 في المائة، وبهذا تكون البلاد للسنة العاشرة على التوالي رائدة في المؤشر.
وكنموذج في سد الثغرة بين الجنسين تكون البلدان الشمالية مثل النرويج (المرتبة 2) والسويد (3) وفنلندا (4). وتمكنت نيكاراغوا من احتلال المرتبة الخامسة ورواندا المرتبة السادسة. وبين بلدان مجموعة العشرين نجد فرنسا في المرتبة الأولى باحتلال المرتبة 12 وتتبعها ألمانيا في المرتبة 14 وبريطانيا في المرتبة 15 وكندا في المرتبة 16. ونزلت الولايات المتحدة الأمريكية بمقعدين لتحتل المركز 51.
المساواة لن تعيشها نساء اليوم
كيفما كانت النتيجة، فهي غير مرضية ـ 2017 كان الوضع أسوء. والسنة الماضية كانت الأولى التي توسعت فيها الفجوة مجددا بين النساء والرجال. ويبقى الكثير من العمل الذي يجب فعله: فإذا استمر الوضع على هذه الوتيرة، فإن الأمر سيتطلب 202 سنة إضافية إلى أن تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة في مجال العمل. وإذا ما نظرنا إلى جميع المجالات، فإن الوضع سيطول 108 سنة إلى أن تختفي الفجوة بين الجنسين.
تحسن طفيف في ساحات العمل
وإذا ما نظرنا إلى الفجوة الاقتصادية بين الجنسين، فإن الوضع ليس سيئا بهذه الدرجة. فالفجوة تقلصت بعض الشيء في 2018. وهذا التطور يعود إلى أن الرجال لم يعودوا يكسبون أكثر من النساء. ففي 2018 كانت فجوة الأجور تقع في حدود 51 في المائة. كما يشغل عدد متزايد من النساء مناصب قيادية (34 في المائة عالميا).
ويساهم في هذه النتيجة أيضا حقيقة أن نسبة النساء بين السكان العاملين عالميا تراجعت. كما أن النساء أقل تمثيلا في قطاعات عمل تستدعي كفاءات علمية. ومن بين الأسباب الممكنة أيضا هو البنية التحتية مثل رعاية الأطفال والمسنين التي تسمح بإعادة إدماج النساء في سوق العمل تبقى متأخرة والعمل غير المأجور تقوم به بالأخص نساء.
النساء لبنة هامة للاقتصاد
مع العلم أن النساء عنصر هام في الاقتصاد: “الاقتصاديات التي ستبقى قائمة في الثورة الصناعية الرابعة هي التي تعرف الاستفادة على أحسن وجه من المواهب المتوفرة”، كما يتنبأ كلاوس شفاب، مؤسس منتدى الاقتصاد العالمي.
وحقيقة أن يكون عدد النساء قليلا في المجالات العلمية (الرياضيات والمعلوماتية والعلوم الطبيعية والتقنية)، فهذا معروف منذ مدة. وهذه النسبة أقل أكثر في مجال الذكاء الاصطناعي. وتقول سعدية زاهيدي، عضوة رئاسة منتدى الاقتصاد العالمي:” الصناعة يجب أن تبذل الجهد من خلال إجراءات التعليم والتكوين الإضافي والإمكانيات الملموسة من أجل تغيير الوضع في المساواة لصالح النساء في عالم الشغل المستقبلي”.
آفاق مظلمة في المجالات الأخرى
وتدهور ولوج النساء لمجال الصحة والتعليم والسياسة على مستوى العالم. وفي المشاركة السياسية يزداد الوضع قتامة من سنة لأخرى بالنسبة إلى النساء. وحتى ولو أن أنغيلا ميركل وتيريزا ماي تلعبان دورا مهما ـ وفي 2018 شغل فقط عدد قليل من النساء مناصب قيادية حكومية. وهذا الوضع غير المتساوي ليس قائما في كل البلدان. ففي 22 من الاقتصاديات “الغربية” تحسنت إمكانيات المشاركة السياسية للنساء.
إنسا فريدي/ م.أ.م