تتجه الأنظار الأسبوع المقبل إلى جنوب إفريقيا، حيث مقر انعقاد قمة مجموعة “بريكس”، والتي ستبحث في قضايا اقتصادية وعسكرية، والتصويت على اختيار أعضاء جدد.
مجموعة “بريكس” هي منظمة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006، وعقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009.
كان أعضاء المجموعة مؤلفين من الدول ذات الاقتصادات الصاعدة، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين، تحت اسم “بريك” أولا، ثم انضمت جنوب إفريقيا إلى المنظمة عام 2011 ليصبح اسمها “بريكس”.
نشأة التكتل
صاغ فكرة مجموعة “بريكس” كبير الاقتصاديين في بنك غولدمان ساكس، جيم أونيل، في دراسة أجريت عام 2001 بعنوان “بناء اقتصادات عالمية أفضل لدول بريكس”.
وفي عام 2006، أدى هذا المفهوم بحد ذاته إلى ظهور التجمع الذي دمج بين البرازيل وروسيا والهند والصين؛ قبل أن تنضم جنوب إفريقيا في القمة الثالثة عام 2011.
يطمح التكتل إلى إيجاد نظام اقتصادي مواز للنظام الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة، إذ ترى الصين في هذا التكتل نموذجا لمناصرة الاقتصادات النامية والفقيرة.
شكل الجانب الاقتصادي العمود الفقري الرئيس لتأسيس مجموعة “بريكس”، وأخذ الأعضاء يطورون خططهم الاقتصادية كتكتُّل واحد، وصولا إلى قوة اقتصادية قادرة على مجابهة القوة الاقتصادية الغربية الحالية.
ويقوم تحالف “بريكس” بإعادة تشكيل النظام العالمي من خلال تحويل القوة من “الشمال العالمي” إلى “الجنوب العالمي”.
مؤسسات بديلة
وأضحت “بريكس” منتدى لمعالجة القضايا العالمية الحرجة كالتجارة والتمويل، وتغير المناخ، وأمن الطاقة، وسطوة الغرب على مفاصل اقتصادية رئيسة: كالدولار -عملة التجارة والاحتياطي الأولى عالميا-.
وفي عام 2014، أطلقت الدول الأعضاء بنك التنمية الجديد (NDB) برأس مال أولي قدره 50 مليار دولار؛ يعمل بديلا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث يوفر التمويل لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة.
كما أنشأت دول “بريكس” ترتيب احتياطي الطوارئ (CRA)، وهي آلية سيولة مصممة لدعم الدول الأعضاء التي تواجه صعوبات في الدفع.
وتُظهر هذه المبادرات نية التكتل إنشاء مؤسسات تمثل مصالح الاقتصادات الناشئة، وتوفر بديلاً للمؤسسات المالية العالمية القائمة.
مشاريع طموحة
وشرع الأعضاء في مشاريع طموحة للبنية التحتية، مما يعكس رؤى كل منهم للتنمية الذكية والمستدامة.
على سبيل المثال، تهدف مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى إنشاء شبكات بنية تحتية واسعة النطاق تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا.
كذلك خططت الهند لتطوير 100 مدينة ذكية مرتبطة بقطارات سريعة، بينما تسعى روسيا إلى بناء الشرق الأقصى الروسي، كجسر اقتصادي جديد بين أوروبا وآسيا من خلال المناطق الاقتصادية الخاصة المتقدمة.
فيما ركزت البرازيل وجنوب إفريقيا على التوسع الصناعي، والزراعة على نطاق واسع.
واتخذ “الجنوب العالمي” خطوات لإدخال بدائل لنظام التجارة القائم على الدولار؛ إذ اتفقت الصين والبرازيل، على سبيل المثال، على الانخراط في تجارة عبر الحدود باستخدام عملاتهما الخاصة، متجاوزتين نظام الدولار.
كما دعت دول الآسيان إلى بدائل للتجارة القائمة على الدولار؛ علاوة على ذلك، انخرطت دول مثل روسيا والهند في التجارة باستخدام عملاتها الخاصة، والهند وبنغلاديش بصدد فعل الشيء نفسه.
أرقام لافتة
وبالأرقام، فإن الثقل الاقتصادي لدول “بريكس” كبير على مستوى العالم؛ إذ تظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن مساهمة التكتل بلغت 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي مع نهاية 2022، مقابل 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية.
والقوى الصناعية السبع، أو مجموعة السبع، أو “G7″، هي: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، وكندا، واليابان.
وتمثل مجموعة “بريكس” 42 بالمئة من سكان العالم الإجمالي، بـ 3.2 مليارات نسمة، فيما يبلغ عدد سكان دول مجموعة السبع نحو 800 مليون نسمة.
وتضم المجموعة كذلك ثلاث قوى نووية هي: روسيا، والصين، والهند؛ وأربعة من أقوى جيوش العالم: بصدارة الصين والهند وروسيا.
وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن حجم اقتصاد الصين وحده يفوق 6 من اقتصادات مجموعة السبع، وهي: ألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وكندا، وفرنسا، والمملكة المتحدة.
ويبلغ حجم اقتصادات “بريكس” حتى نهاية عام 2022 نحو 44 تريليون دولار، وتسيطر على 17 بالمئة من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.
(الأناضول)