عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة وزيري خارجية ودفاع جديدين في الحكومة التي ترأسها إليزابيت بورن على أمل إحداث زخم إيجابي يتيح له الحفاظ على أغلبية برلمانية في الانتخابات التشريعية الشهر المقبل.
واختار ماكرون سفيرة فرنسا في لندن كاترين كولونا لتكون وزيرة للخارجية، ما يجعلها ثاني امرأة تتولى هذا المنصب المرموق.
كما أعلن قصر الإليزيه تكليف الوزير السابق لأقاليم ما وراء البحار سيباستيان ليكورنو حقيبة الدفاع خلفا لفلورانس بارلي.
ويأتي التغيير في الخارجية مع اقتراب نهاية الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي بدأت وحدته تتصدع مع اخفاقه حتى الآن في اعتماد حزمة عقوبات سادسة على روسيا.
في خضم النزاع بين موسكو وكييف، تعهدت كولونا أن تتحرك بفاعلية في الملف فيما عمل الرئيس إيمانويل ماكرون على إبقاء قناة دبلوماسية مفتوحة مع الكرملين.
ويتطلع الرئيس الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية في 24 نيسان/أبريل بنسبة 58,55 بالمئة من الأصوات، للحفاظ على أغلبية برلمانية من أجل المضي قدمًا في أجندته الإصلاحية المحلية التي تشمل تغييرات في نظام الرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية فضلاً عن خفض الضرائب.
جاءت المفاجأة الأكبر في وزارة التعليم حيث حلّ الأكاديمي الشهير باب ندياي، الخبير في التاريخ الاستعماري والعلاقات العرقية، خلفا لليميني جان ميشال بلانكيه.
ووصفت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن تعيينه بأنه “الخطوة الأخيرة في تفكيك بلدنا وقيمه ومستقبله”.
وقد عيّن ماكرون (44 عاما) الاثنين وزيرة العمل السابقة إليزابيت بورن رئيسة للوزراء، وهي المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة المنصب في فرنسا منذ أكثر من 30 عاما والمرة الثانية فقط في تاريخ البلاد.
– تأخير –
واتهمت شخصيات معارضة ماكرون بتأجيل تسمية حكومة جديدة عمدا، بعد نحو أربعة أسابيع من انتصاره الانتخابي في مواجهة زعيمة اليمين المتطرف لوبن.
حظيت المسألة بتغطية إعلامية محمومة في الأيام الأخيرة، طغت على حملة الانتخابات البرلمانية وأنشطة ومواقف أحزاب المعارضة.
وقال النائب اليميني جوليان أوبير من حزب “الجمهوريين” لراديو فرانس انفو الجمعة “لدى الفرنسيين مخاوف كثيرة بشأن المستقبل، وتكلفة الكهرباء والوقود والمسكن والطعام آخذة في الارتفاع”.
من المتوقع أن يواجه حزب ماكرون الوسطي أكبر تحد له في انتخابات الشهر المقبل من اليسار الذي شكّل مؤخرا جبهة جديدة.
يتطلع رئيس حزب “فرنسا المتمردة” جان لوك ميلانشون إلى تحقيق انتصار في الانتخابات البرلمانية يومي 12 و19 حزيران/يونيو بعد احتلاله المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية.
وأقنع ميلانشون مؤخرًا الأحزاب الاشتراكية والشيوعية وحزب الخضر بالدخول في تحالف تحت قيادته يوحد اليسار في جبهة لأول مرة منذ عقود.
واعتبر الزعيم اليساري أن الحكومة الجديدة لا تمثل “لا جرأة ولا تجديدا، جميعهم فاترون ورماديون”.
وأضاف متوعدا “كل شيء سيتغير خلال شهر”.
– وافد من المعارضة –
كما هي الحال مع حكومات ماكرون السابقة، تتوزع مقاعد مجلس الوزراء بالتساوي بين الرجال والنساء.
وسيضم المجلس وزراء مكلفين ملفي “التحول البيئي” و”الانتقال في مجال الطاقة”، في وقت تحضّ منظمات مثل “غرينبيس” ماكرون على إقران خطابه بأفعال.
كما واصل الرئيس عادته في اجتذاب وجوه من أحزاب المعارضة، فعيّن النائب البارز عن حزب “الجمهوريين” داميان أباد وزيراً للتضامن والحكم المحلي والمعوقين.
وأباد البالغ 42 عاما هو نجل عامل منجم من نيم في جنوب فرنسا وأصبح أول نائب يحمل إعاقة يتم انتخابه عام 2012.
يعاني الوزير الجديد اعوجاجا في المفاصل، وهو مرض نادر.
في المقابل، أبقى ماكرون وزير الاقتصاد برونو لومير ووزير الداخلية جيرار دارمانان في منصبيهما.
– سفيرة مخضرمة –
وزيرة الخارجية الجديدة كاترين كولونا سفيرة مخضرمة ومتحدثة سابقة باسم الحكومة في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك ووزيرة سابقة للشؤون الأوروبية.
كم عملت سفيرة لفرنسا في لندن ابان توتر في العلاقات الثنائية بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحقوق الصيد والهجرة.
وفي خطوة غير معتادة، استدعتها الحكومة البريطانية في تشرين الأول/أكتوبر 2021 خلال تنازع باريس ولندن حول حقوق الصيد في قناة المانش.
وكتبت في رسالة وداعية نشرتها الجمعة على تويتر “أريد أن أشكر كل من فهم أننا أصدقاء لهذا البلد وسنواصل العمل من أجل مستقبل أفضل”.
وتخلف كولونا جان إيف لودريان الذي تولى الوزارة منذ عام 2017 وكان يعد أحد أعمدة إدارة ماكرون.
ووعدت فرنسا بتكثيف إمداداتها من الأسلحة لأوكرانيا، بما في ذلك صواريخ ميلان المضادة للدبابات ومدافع قيصر.
وعلاوة على الملف الأوكراني، تعد مالي قضية ملتهبة أخرى.
وقد قطعت البلاد التي شهدت انقلابين في آب/أغسطس 2020 وأيار/مايو 2021 العلاقات تدريجياً مع فرنسا ودول أوروبية أخرى حاضرة عسكريًا على أراضيها، فيما تقاربت مع روسيا عبر استعانتها بعناصر من مجموعة مرتزقة فاغنر المثيرة للجدل. ( أ ف ب)