رسبريس – د ب ا
تشير البيانات والمؤشرات الاقتصادية إلى أن
الأسواق الصاعدة ستنقسم إلى معسكرين، كل معسكر يمضي في مسار منفصل عن الآخر. فما
نراه هو أن تداعيات جائحة فيروس كورونا واختلاف تعامل الأسواق الصاعدة مع تداعيات
الجائحة على صعيد أسواق الأسهم والسندات تخلق بسرعة معسكرا للرابحين، وآخر للخاسرين
في الأسوق الصاعدة حول العالم.
وحسب محللي وكالة بلومبرغ فإن هذا التباين المتزايد يظهر بوضوح أكبر في سوق
السندات، حيث زاد طلب كبار مستثمري السندات نسبيا على سندات الدول الصاعدة ذات
التصنيف الاإئتماني الأفضل، مقارنة بسندات الدول الصاعدة الأعلى مخاطرة. وحسب
مؤشرات بنك الاستثمار الأمريكي «جيه.بي. مورجان تشيس» لمتابعة أسواق السندات في
العالم، فإن الفارق في العائد على سندات الدول عالية المخاطر وسندات الدول منخفضة
المخاطر، أي ذات التصنيف الإئتماني من درجة الاستثمار، اقترب من أعلى مستوى له منذ
عام 2002. ولذلك استحوذت الدول الصاعدة ذات التصنيف الإئتماني العالي، مثل قطر
والسعودية وإمارة أبوظبي، على حوالي ثلث مبيعات الدول الصاعدة من السندات الدولية
خلال أبريل/نيسان الحالي.
يقول بول غرير، مدير صناديق الاستثمار في مجموعة «فيديلتي إنترناشيونال» في لندن
التي تدير أصولا بقيمة 380 مليار دولار «سندات الدول الصاعدة وصلت بشكل عام إلى
أقل مستوياتها خلال مارس الماضي، وسوف تبدأ التعافي البطيء من الآن… على المدى
القريب ستكون أفضل الفرص لتحقيق أفضل عائد على الاستثمار، موجودة في سندات الدول
الصاعدة ذات التصنيف الائتماني الجيد». ويُبرز هذا التباين، كيف جعل انتشار فيروس
كورونا، واختلاف طرق تعامل الحكومات مع الأزمة، سواء فيما يتعلق بقرارات الإغلاق
العام أو إطلاق حزم التحفيز الاقتصادي، كيف جعل المستثمرين أكثر حذرا في استثمار
أموالهم في أي سندات غير أقوى السندات الموجودة في السوق. وحسب بيانات «بنك كريدي
أغريكول» الفرنسي، شهدت الأسواق الصاعدة حتى 17 أبريل/نيسان استمرار خروج رؤوس
الأموال للأسبوع التاسع على التوالي، ولكن في المقابل عادت إلى هذه الأسواق حوالي
4ر1 مليار دولار في صورة مشتريات سندات.
وحسب مصادر فلبينية فإن الفلبين، المصنفة عند درجة الاستثمار وفقا لمؤسسات التصنيف
الائتماني الدولية، بدأت تسويق سندات خزانة دولية بالدولار، لتنضم إلى العديد من
الدول الصاعدة التي قررت الاقتراض من سوق السندات الدولية لتكوين احتياطي من
السيولة النقدية لمواجهة اي تداعيات لجائحة كورونا. وتطرح الفلبين السندات في
فئتين الأولى مدتها 10 سنوات والثانية 25 سنة.
ورغم أن السندات ذات التصنيف الإئتماني الأعلى ستظل رهانا أساسيا لدى بعض
المستثمرين، فإنه من المحتمل أن تظل عملات الدول الصاعدة متراجعة، في ظل استمرار
الضجيج حول الدولار الأمريكي.
وقد ارتفعت الفجوة بين مؤشر «جيه.بي مورغان» لقياس التقلبات المتوقعة لعملات الدول
النامية، ومؤشر تقلبات عملات الدول الصناعية السبع الكبرى إلى أعلى مستوى لها منذ
عام 2018.
يقول خبراء اسواق الصرف في مجموعة «غولدمان ساكس» المصرفية، وبينهم تساش باندل، في
تقرير «لا نعتقد ان الشروط الضرورية لتراجع الدولار توافرت بالفعل… وفق توقعاتنا
سيبدأ الدولار يتراجع في حدود منتصف العام مع بدء التعافي الاقتصادي العالمي»
وفي الوقت نفسه، فإن استمرار ضعف عملات الدول الصاعدة يمكن أن يمثل فرصة جيدة
بالنسبة لأسواق أسهم العديد من هذه الدول. فقد ارتفع مؤشر «إم.إس.سي.آي» لأسهم
الدول الصاعدة بنسبة 16% بعد أن كان قد تراجع منذ شهر إلى أقل مستوى له خلال 4
سنوات. ويأتي هذا في حين تواصل البنوك المركزية في العالم، سواء في الدول المتقدمة
أو الدول الصاعدة، تبني سياسات تحفيز اقتصادي غير مسبوقة للحد من التداعيات الاقتصادية
لجائحة كورونا.
فقد ألغى البنك المركزي الياباني الحد الأقصى لمشترياته من السندات الحكومية.
وأطلق البنك المركزي الهندي تسهيلات إئتمانية مدتها 90 يوما بقيمة 500 مليون دولار
لصناديق الاستثمار المشتركة. ومن المقرر أن يعقد مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك
المركزي) الأمريكي اجتماعه الدوري خلال الأسبوع الحالي، والحال نفسه بالنسبة للبنك
المركزي الأوروبي، بعد أن أضطرا إلى التحرك بصورة أسرع لمواجهة حالة الشلل
الاقتصادي واضطراب أسواق المال بسبب تداعيات جائحة كورونا.
ومن المتوقع أن يتخذ البنكان المزيد من الإجراءات الرامية إلى الحد من الركود
المتوقع للاقتصادين الأمريكي والأوروبي خلال العام الحالي، وضمان تحقيق تعاف سريع
للاقتصاد. ومن بين الخيارات المتاحة لدى البنكين توسيع نطاق إجراءات التخفيف الكمي
النقدية، وتسهيل اقتراض الشركات المتعثرة والإبقاء على أسعار الفائدة المنخفضة
لفترات أطول.