وردة الجزائرية: الوردة التي ذبلت، و ظل عطرها يفوح في أرجاء العالم..

admin
2020-05-22T01:17:25+02:00
حوارات وبروفيلات
admin22 مايو 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
وردة الجزائرية: الوردة التي ذبلت، و ظل عطرها يفوح في أرجاء العالم..

فريدة بن سليم

صادف تاريخ 17ماي الماضي الذكرى السنوية لوفاة أميرة الطرب العربي، الفنانة الجزائرية “وردة” التي زلزلت مسارح العالم بصوتها  الأنثوي الشجي. الفنانة التي تلاعبت بالسلالم الموسيقية شاءت الأقدار أن تسقط متعثرة بسلم غير مكتمل النوتات.و في لحظة موت مباغتة خفت صوتها ،مخلفا ضجيجا ملء العالم بأسره. فوردة التي ربطت اسمها بالجزائر، وعرفت ثقل تلك الأمانة التي حافظت عليها، لتحمل حبها لوطنها الحبيب ” الجزائر” بين ضلوعها، مفتخرة بكونها جزائرية.

الحب في حياة وردة:                                                                                                                  يا لسخرية الحياة ، فالفنانة التي غنت للحب لم يعمر الحب مدة طويلة في حياتها. فقد كانت تجربة زواجها  الأول مع السياسي الجزائري ” جمال القصيري” فاشلة ، و بالرغم من ذلك أثمرت طفلين رياض ووداد. 

وردة  عرفت بتقديسها للحياة الأسرية،ـ وهي التي فضلت العائلة على الفن في وقت سابق  ،و اعتزلته بناءا على طلب زوجها الأول لتتفرغ  لمسؤولياتها الزوجية و الأسرية .                                                                      و لعل تقديسها للحياة  الأسرية كان سبب فشل  زواجها الثاني من الموسيقار المصري” بليغ حمدي”- حسب ما قيل-فقصة  الحب الملحمية استطاعت  أن تشيع  إلى قبرها باكرا، ولربما كانت علاقة فنان بملحن ،والتي تفجر مشاعر جياشة في أغنية رومانسية أنجح من علاقة زوجية يشوبها الخلاف و الاختلاف.وهذا ما كانت لمحت إليه  وردة في مقابلاتها التلفزيونية بقولها :” بليغ زوج فاشل، لكنه فنان موهوب”. ومع ذلك كثير من ألحان ” بليغ حمدي ” غنتها وردة ،حتى أن  هناك من ربط نجاحها ببليغ حمدي ، ولكنها أتثبت لهم عكس ذلك عندما نجحت في تعاملها مع محمد عبد الوهاب، كمال الطويل، محمد الموجي، سيد مكاوي ، حلمي بكر،صلاح الشرنوبي و رياض السنباطي الذي قيل إنها أسمت ابنها رياض على اسمه.

رغم انفصال وردة عن بليغ إلا أن علاقتهما كانت علاقة مودة و احترام، ولا أدلّ على ذلك حين تم استضافتهما في أحد البرامج، غنيا سويا أغنية “تخونوه” للعندليب عبد الحليم، و أغنية العيون السود التي كتبها بليغ تعبيرا عن حبه لوردة. وظلت وردة لا تغادر ذاكرة بليغ حمدي، و استوطنت قلبه حتى بعد انفصالهما، وبقيت تلك القصة التي يفتش عنها في صندوق ذكرياته في لحظة حنين، حسب ما قاله أحد المقربين منه، حتى وافته المنية.

انفصال فني، و بداية مسيرة فنية جديدة :

وقد كانت أغنية “بودعك” لبليغ حمدي ، التي غنتها وردة آخر أغنية تجمع هذا الثنائي الفني  ، لتكون الأغنية بمثابة وداع ، و إعلان انسلاخ تأسيسا لحياة فنية جديدة تربطها بعلاقات، و ملحنين جدد شكلوا بدورهم منعطفا حاسما في مسيرتها الفنية، و لتطل علينا وردة  هذه المرة بطابع غنائي جديد من خلال أغنية” بتونس بيك” ،و لتغير من موال الأغاني الطويلة إلى الأغاني القصيرة ،و ذلك لجذب  جمهور أوسع بأغاني نابضة بالحياة و كلها بهجة -حسب مع صرحت به في إحدى مقابلاتها-  .  في وقت كان العالم في التسعينات يحترق و يشوبه التوتر ،كانت وردة تطل على جمهورها بطريقة مبهجة ، وليتراقص الجمهور العربي على أنغام حرمت أحبك و غيرها.  وظلت بذلك الطابع الجديد تعرف أوج نجاحاتها الفنية إلى جانب نجاحاتها في الصناعة السينمائية.  إذ استطاعت أن تكون ضمن تلك الكوكبة من الفنانين و عمالقة الفن الأصيل في فترة الزمن الجميل. أولئك الذين لم يبخلوا على المشاهدين بشيء فأعطونا لقطات ممتعة حملت أغاني كلاسيكية هادفة وراقية،و أفكار درامية يمكن تصديقها ،وأمام تلك الشاشات الصغيرة  نجلس مستمتعين مرة مع فيلم ” حكايتي مع الزمان ” ومرة مع فيلم “…الخ.            و أمام تلك الوعكة الصحية تساقطت أوراق تلك الوردة التي فاح عطرها لسنوات، و في معركة لم يتمكن المرض من الفتك بقلبها النابض بالحب و الحياة فراح يغرز مخالبه بكبدها حتى قضى عليه.                                                                     

يوم 17 ماي 2013 وافتها المنية لتدفن في مسقط رأسها الجزائر  ، مخلفة ريبرتوارا  هائلا من الأغاني و الأفلام  ، شكل أرشيفا ضخما من الذكريات و الأحاسيس . نعم وردة التي غادرت هذا العالم بهدوء، وتركته يضج بشجن أغانيها. غنت بين يوم و ليلة و تركتنا في ظلمة ليل طويل لا فجر له، و غنت “بتونس بيك”،  و كانت خير من يؤنسنا في ليالي البعد و الغربة و الفراق الموحشة . و غنت” ليالينا” و سافرت بنا إلى تخوم المدن البعيدة، و الأوطان التي باتت غريبة . و غنت  “حكايتي مع الزمان ”  و ظلت هي حكاية كل زمان ،و غنت “بكذب عليك”، وظل صوتها الصادق في عالم يشوبه الكذب ، و غنت” مازالنا واقفين”، و حملتنا وصية باتت ثقيلة.                                وبعد وفاتها تم عرض أغنيتها” أيام، التي صورت بعد وفاتها، وكانت من إبداع فنانين جزائريين تكريما لمسيرة حافلة بالإبداع البصري و الفني الساحر. لتظل وردة مخبرة إيانا عن قصص في الحياة،و إن مضت ، واستحال الرجوع إليها لكنها تظل محطات، و ذكريات مهمة في حياتنا . إنها قصص تستحق أن تروى.                                        نعم  وردة التي رفضت أي مسميات أو ألقاب فنية ،  لكن أحبت فقط أن تُنادى وردة، فكانت وردة منفردة ومتفردة في حديقة تتشابه فيها أنواع الورود .                                                                                                                                                                                                                                                                                             

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.