أفادت يومية “القدس العربي” أن وفاة الشيخ يوسف القرضاوي أشعلت موجة واسعة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم العربي حول مواقفه السياسية وثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض الأنظمة العربية خلال العقد الماضي، والتي كان القرضاوي قد أيدها وأيد تحرك الشارع العربي من أجل التغيير في بلاده.
وكان الدكتور القرضاوي توفي يوم الاثنين الماضي السادس والعشرين من سبتمبر الماضي عن عمر ناهز 96 عاماً، وشيع جثمانه في دولة قطر التي أمضى فيها السنوات الأخيرة من عمره.
ويُعتبر القرضاوي أحد أبرز وأشهر العلماء المسلمين السنة، كما أنه أحد أبرز قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، كما يُعتبر المنظر الأبرز لجماعة الإخوان منذ سنوات رغم أنه لم يشغل منصب «المرشد العام» للإخوان والذي رفض توليه أكثر من مرة. وغادر القرضاوي مصر آخر مرة في العام 2013 بالتزامن مع الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، وحُكم عليه بالإعدام غيابياً في العام 2015 ضمن عشرات الأحكام بالإعدام التي صدرت بحق عدد كبير من قيادات وعناصر جماعة الإخوان.
وتجدد الجدل حول القرضاوي فور إعلان وفاته، حيث سارع الكثير من أبناء المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج إلى نعيه واستشعار فقده، فيما سارع مؤيدون للنظام في مصر والامارات إلى انتقاده واستذكار مواقفه المؤيدة لثورات الربيع العربي والتي يعتبرها المعارضون له دعوة للعنف.
وسرعان ما أطلق أنصار القرضاوي حملات على شبكات التواصل الاجتماعي لاستذكار مآثره والتعزية بوفاته والترحّم عليه، وشارك مئات الآلاف من العرب في التغريد والتدوين عن القرضاوي الذي شكل موضوعاً للجدل والخلاف خلال الأيام الماضية، كما جدد الجدل بشأن ثورات الربيع العربي وما إذا كانت مآلاتها قد ذهبت لصالح الشعوب العربية أم لا.
وسرعان ما تصدرت وفاة القرضاوي اهتمام مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وسرعان ما أصبح الوسم «#وفاة_القرضاوي» أحد أبرز الوسوم الأكثر تداولاً والأوسع انتشاراً في العالم العربي، فيما أطلق المؤيدون للقرضاوي العديد من الوسوم على «تويتر» من بينها «#رجل_بأمة» و«#رحيل_القرضاوي» وغيرها من الوسوم. وكتب خالد بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في دولة قطر: «صادق العزاء والمواساة للأمتين العربية والإسلامية في وفاة فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بعد مسيرة حافلة في ميادين العلم والدعوة والاجتهاد.. أسأل الله لأسرته ومحبيه الصبر والسلوان وله الرحمة وجنة الرضوان وإنا لله وإنا إليه راجعون».
ونشر الدكتور علي القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو الاتحاد الذي ظل القرضاوي رئيساً له لأربعة عشر عاماً، نشر تغريدة تتضمن كلمته خلال الجنازة، وكتب معلقاً : «عاش حقا لقضايا أمته، ودافع عن دين.. من كلمتي في جنازة أخي وشيخي وقدوتي يوسف القرضاوي رحمه الله تعالى».
ونعاه الدبلوماسي والسياسي المصري محمد البرادعي قائلاً: «رحم الله الشيخ يوسف القرضاوي وألهم آله الصبر والسلوان. كان رسولُ الله ﷺ إذا صلَّى على جنازةٍ يقول: اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا وشاهدنا وغائِبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأُنثانا».
كما نعاه الدكتور محمد الصغير، الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، وعضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين، مستشار وزير الأوقاف، وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان المصري السابق.
وكتب الإعلامي المصري المعروف جمال سلطان: «أيها الأصدقاء، رفقا بشيخ الأزهر، الشيخ الطيب ليس ناشطا على تويتر، الشيخ يرأس مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة المصرية، والدولة ـ مع الأسف ـ وضعت فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ـ رحمه الله ـ في قائمة الإرهاب، مجاملة لمموليها، فإعلان الأزهر رثاءه يعني تحدي الدولة والخروج على قوانينها» وذلك في محاولة لتفسير موقف الأزهر الذي لم يُعلق على وفاة القرضاوي ولم يذكره من قريب ولا بعيد.
وغرد الداعية الكويتي محمد العوضي معلقاً على وفاة القرضاوي بالقول: «رحم الله الشيخ العالم والداعية الكبير يوسف القرضاوي مذ كنا طلبة كانت كتبه غذاءً فكريا لنا، شارحا لمفاهيم الإسلام الكبرى بلغة عصرية وأسلوب جميل وشواهد من نصوص الشرع والتراث والمعاصرة. نحسبه تجرع في سبيل الله مرارة السجن والتعذيب والتهجير وظل ثابتاً على حبه لأمته ودفاعه عن دينه».
وغرَّد الصحافي والكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة: «رحم الله الشيخ يوسف القرضاوي، ورفع مقامه مع الأنبياء والصديقين والشهداء. تفقد الأمة رمزاً من رموزها، لكنها أمة ولادة، لا تتوقف عن إنجاب العلماء والمجاهدين والحكماء. اختلف معه وخالفه كثيرون، لكنه بقي علما حقق من الشعبية والحضور ما لم يحققه سوى قلة خلال العقود الطويلة الماضية».
وكتب الإعلامي الأردني ياسر أبوهلالة يقول: «قدم الشيخ يوسف القرضاوي مكتبة للأمة بقيت صدقة جارية بعده يرد عليها بمكتبة،فهو يؤخذ منه ويناقش من علماء مثله. خصومه الذين يرتدون لحى حفلة تنكرية يطعنون به بتغريدة هنا وبمقطع فيديو هناك، يكشفون ما وراء اللحى من وضاعة وجهالة ويكفيهم إنهم اشتركوا مع الصهاينة في الموقف ذاته».
وعلق المدير العام السابق لشبكة «الجزيرة» وضاح خنفر على وفاة القرضاوي بالقول: «رحم الله الإمام العالم المجدد ذو العلم الغزير يوسف القرضاوي وأسكنه فسيح جناته، كان ممن قرن الكلمة بالموقف والعمل ولم يخش في الله لومة لائم، تربى على علمه وفقهه أجيال من أبناء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، وقلما يجود الزمان بمثله، إنا لله وانا اليه راجعون».
وكتب الفنان يحيى حوى من كندا: «رحمك الله يا عالماً كنت تيسر على الناس في الفتوى بعلم وحكمة. ولا تخشى كلام الناس وأنصاف المتعلمين. كنت إماما راسخا في العلم ولم تنافق ولم تهادن ولم تعط الدنية في دينك». كما انتقد حوى «الشامتين والصامتين الذين ملؤا مواقع التواصل الاجتماعي بالصراخ والعويل عندما توفت الملكة إليزابيث الثانية ونوال السعداوي» بينما لازموا السكوت عند رحيل القرضاوي.
كما دعا الناشط السعودي مهند الحبيل في تغريدة إلى إقامة صلاة الغائب على الراحل، وقال إن «على المراكز الإسلامية في أوروبا وأمريكا الشمالية أن تقيم صلاة الغائب على روح والدنا الإمام يوسف القرضاوي وأن ينوه باللغات الرسمية عن ترجماه ومفاهيم الاعتدال التي تبناها في مسيرته خلال ستة عقود في ترشيد الخطاب الديني».
مفتي الإرهاب
في المقابل، وصف الكثير من المعلقين المؤيدين لمصر والإمارات القرضاوي بأنه «مفتي الإرهاب والدم» وربطوا بينه وبين الاقتتال الذي تشهده بعض الدول العربية، كما انتقدوا تأييده لثورات الربيع العربي التي أطاحت بعدد من الأنظمة العربية خلال العقد الماضي.
وكتب الصحافي والكاتب المصري أحمد سعيد طنطاوي تغريدة قال فيها: «وفاة مفتي الإرهاب والدم يوسف القرضاوي. حرض كثيراً على الفتنة والخراب والدمار وقتل الشعوب» وأضاف: «أسأل الله العظيم أن يهدي من اقتنع بأفكار القرضاوي وأدعوهم للقراءة كثيراً في المقالات والردود التي خرجت للرد على فتاويه المتشددة».
ونشر تركي بن رشيد الزلامي، وهو مواطن سعودي على حسابه على توتير، الصورة الشهيرة للطفل الكردي إيلان الذي عثر على جثته ملقاة على شاطئ البحر في تركيا، وكتب معلقاً: «أحد ضحايا يوسف القرضاوي».
أما عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ فكتب يقول: «هلاك مفتي الدم والإرهاب المدرج اسمه على قائمة الإرهاب السعودي والبحريني والإماراتي والمصري».
يشار إلى أن الدكتور يوسف القرضاوي ولد في دلتا النيل بمصر في أيلول/سبتمبر 1926 وعاش منفيا في قطر منذ السبعينيات، حيث أسس كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الدوحة وأصبح عميدا للكلية، كما كان يقدم أيضاً برنامجاً لقي متابعة كبيرة في العالم العربي بعنوان «الشريعة والحياة» على قناة الجزيرة ويجيب على أسئلة المتابعين في ميادين عدة.