ملف”رسبريس”.. الثقافة في زمن “الكورونا”.. مفكرون ومثقفون مغاربة وعرب يُقاربون الموضوع من خلال روئ وشهادات ومواقف..

admin
2020-04-08T01:29:34+02:00
ثقافة وفن
admin8 أبريل 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
ملف”رسبريس”.. الثقافة في زمن “الكورونا”.. مفكرون ومثقفون مغاربة وعرب يُقاربون الموضوع من خلال روئ وشهادات ومواقف..

الملف من انجاز: حياة جبروني

عرفت الساحة الثقافية المغربية والدولية مع انتشار فيروس كورونا، لحظات انسانية حرجة، قلبت مفاهيم وموازين وأفكار وإديولوجيات  ظلّت عصيّة على التجاوز والإختراق ، وبإعتبار الثقافة روح ونسغ المجتمعات، ودينامية لنحت وصنع التغيير والتجديد،فالذي يبقى دائما هو الذي يتجدد كما قال باشلار.

 لكن ما يشهده العالم من حرب وبائي، اجتاح البشرية، وأصاب أزيد من مليون وربع مليون، وحصد أرواحا تتخطى السبعين ألف أو يزيد، وما هو خاف سيكون أعظم لامحالة، وفي هذا الخضم اهتز عرش المثقف وتراجع دوره وخفت صوته ولزم بيته وظهر ما يسمى بثقافة الحجر والعزلة، فاكتفى المثقف بالكاد نشر الوعي الثقافي –افتراضيا- الذي يحث على ضرورة التقيّد بالتعليمات الوقائية السليمة في انتظار ثقافة ما بعد الوباء بطبيعة الحال..
لكن في ظل كفكاوية هذه الجائحة العالمية وما صاحبها من تحولات عميقة، والتي أصابت بسهمها المسموم كل القطاعات ، انبتقت روافد وسمات ثقافية افتراضية أخذت بجماع اهتمام الجمهور واستحسانه، كفن النكتة والفكاهة والسخرية… فاستطاعت إلى حد ما إخراجه-الجمهور- قليلا من عزلته ليسرق فرجة وابتسامة من جبروت وسطوة العدو الوبائي المتربص بنا. وعززت أهمية الثراء والتعدد والتنوع الثقافي في خضم هذا الزمن الموبوء بامتياز.
ومن خلال هذه المتغيرات والتطورات الثقافية المختلفة – على وجه خاص -، التي تمر بها البشرية جمعاء، تحت تهديد هذا الفيروس الفتاك، ارتأت  جريدتنا “رسبريس” التي تشتغل وفق نسق مهني راسخ وأفق ثقافي متجدد الحفر في هذا الملف وقلب تربته  استجابة لتطورات ومتقلبات المرحلة الراهنة،من خلال مشاركة أسماء وازنة لها حضورها الرسخ في حقل الثقافة المغربية والعربية، الذين  شاركوا معنا في هذا العمل الصحفي الثقافي وقدموا على إثره أوراقا تلخص رؤى ومواقف وشهادات تؤرخ لهذه الفترة وهذا الحدث الوبائي العالمي، فشكرا لهم على تفاعلهم السريع مع محاور هذا الملف وممتنون لهم بالوفاء والعطاء .

#أحمد شراك: كورونا والمثقف

 احمد - رسبريس - Respress
ذ.أحمد شراك


هناك سؤال يتجدد باستمرار أو-الاقل- كلما وقعت أزمة أوحدثا قويا ودالا، كحرب الخليج الأولى وأحداث شتنبر بأمريكا عام 2001 أو قيام الربيع العربي عام 2011 بل …… وهذا السؤال عادة ما يستنطق دور المثقف في هكذا أحداث. بل ودوره تجاه مجتمعه وقضاياه ومدى انخراطه في الدفاع عن الشعب وأحلامه التي لا تنتهي من أجل الكرامة والعدالة والمساواة والحرية… ولقد دفع المثقفون من حرياتهم الثمن باهظا في هذا المنحى والسبيل خاصة وأنه ساد في فترة ما مفهوم المثقف الرسولي أو المثقف الداعية.
لكن هذه الجائحة اليوم تتميز بكونيتها ومن هنا فهي عدو إنساني وليست سلطة قطرية أو قومية أو قارية أنها تحارب الحياة بشراسة ووحشية فوق ادمية وتاسيسا على هذا الملمح لاشك أن دور المثقف يمكن إجماله في التالي:
-مثقف تحسيسي بما يقتضيه الوضع وبما تقتضيه الظرفية الشاذة والقاسية في هذه الإقامة الجبرية الجماعية والمجتمعية.
-مثقف تنويري يقاوم التفسيرات الخرافية ويفككها ويشجب مروجيها.
-مثقف وطني ومواطني يرفع منسوب الوعي ويدعو إلى التلاحم لا التفرقة.
-مثقف يدعو ويساهم في الدعوة او سن سياسة بحث علمي مستمرة ترفع من الوضع الاعتباري للعلماء والباحثين
-مثقف يساهم في طرح أسئلة في زمن الجائحة وما بعدها.
-مثقف يضع كل ثروته الرمزية رهن إشارة الوطن.
-مثقف متسامح انطلاقا من أن الوطن في حاجة لكل الفعاليات في هذه الظرفية الدقيقة.
وأخيرا لابد من الإقرار بان المثقف المغربي اليوم يمكن له الفخر بانجازات بلده في محاربة كورونا ويدعو إلى تعميق الإجماع الوطني في هذه القضية كما فعل ومازال يفعل بالنسبة لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية
وتحية لرجال الأمن والصحة.. ورجال النظافة أيضا.

  • عالم سوسيولوجي  فاس – المغرب

#مصطفى سلاوي: الأزمة الوبائية فرصة للتأمل والتصحيح..

 - رسبريس - Respress
ذ.مصطفى سلاوي

لا يمكن التكهن بأي أمر بخصوص هذا الوباء الذي ألم بجميع بقاع المعمور. لا يزال هنالك وقت قد يطول قبل أن تستعيد المصحات أنفاسها ويعود الأطباء والممرضات والممرضون ونساء ورجال الأمن ورجال ونساء النظافة إلى بيوتهم. وبعد ذلك ينظر أصحاب رؤوس الأموال في أموالهم وما حدث من خصم في اصفارها من جهة اليمين. وبعد ذلك سينظر السياسيون على اختلاف مستويات تعليمهم وتفكيرهم في خرائط حملاتهم الانتخابية وتوزيع نفوذهم هنا وهناك…
كل هذا في نظري سابق لأوانه.
لكن الأمر الأهم في نظري هو الدرس الذي وجب أن يستفيده الجميع من هذه الأزمة وذلك من أكبر دولة في العالم قوة وعلما الى أصغر دولة.. الدرس يكمن أساسا في إعادة ترتيب بيوتنا وعقولنا وتصرفاتنا اتجاه انفسنا واتجاه الاخرين مما يعقل ومما لا يعقل وأيضا اتجاه الهواء الذي نتنفسه..
بالأمس كان الهواء دون مقابل لأنه من عند الله سبحانه. واليوم يلزم الغربيون الذين يدعون الإنسانية من يتنفسه في مصحاتهم دفع ثمنه.
الأزواج والأبناء ملزمون بإعادة النظر في علاقتهم باسرهم ومحيطهم وكيف أن الأزمة ألزمتهم باستكشاف أشياء لم يخطر ببالهم أنها موجودة من حولهم. وكم هي ثمينة تلك الأشياء.
أذكر ان لم تخني ذاكرتي أن الإمام جمال الدين الأفغاني قال مرة: (الأزمة تلد الهمة). فهل توقظ هذه الأزمة هممنا وتدفعنا إلى أن نعيد حساباتنا مع خالقنا ومع أنفسنا ومع أزواجنا وأبنائنا ومحيطنا ووطننا الذي لم يفرط لحظة واحدة في احتضاننا وحمايتنا، وهو الذي كنا نتحين الفرصة للهرب منه..
إنها الفرصة الثمينة لكل واحد منا. فمن أخذ بها افلح ومن ضيعها سيكون كالأنعام بل هو أضل..
إنها الفرصة لنا كأمة عربية لنعرف كيف أن الجميع سواء وأن من كانوا يظهرون لنا بمنأى عن الفشل والهزيمة هم اليوم قاب قوسين أو أدني منعا. وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين الذين يأخذون بسنن الله في الكون..
وليس لي في ختام هذا التداعي سوى أن أنحني لكل المغاربة الذين يحبون وطنهم وشعبهم ويدافعون عن مقدسات هذا الوطن العزيز بالغالي والنفيس.. علمتني هذه الأزمة بأن الإنسان المغربي ثمين جدا وغال في نظر وطنه وأطبائه ورجال الأمن والسلطة. وليس كما هو الحال في بلدان أخرى رفعت لعقود شعارات زائفة للمساواة.
رب يلطف بنا وبوطننا العزيز وبالانسانية جمعاء. وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، وعسى أن تكرهوا شيا وهو خير لكم.

  • ناقد وكاتب وجدة- المغرب

# شادية حامد: مزامير الذات

 حامد - رسبريس - Respress
ذ. شادية حامد


وجدت نفسي وجها لوجه مع شبه كائن ميكروسكوبي صمّم على مداهمتي
واقتحام أفقي انا وعائلتي
وأهلي وزملائي وأصدقائي
وأوراقي وأشيائي
وعاداتي وطعامي وشرابي
وأفكاري وآمالي ومخاوفي وإيماني …
وصلاتي وضعفي
وعصياني ….
ونومي ويقظتي
وصحوي وغفلتي
وعتمتي وضيائي….
هذا الميكرواورغانيزم الغير مرئي
استطاع ان يقلب كياني …
ويعقم حياتي اليومية
وان يثير خلخلة فيما تبقى من خلاياي الرمادية …
بل هزةً صاخبة في صروحي الوجدانية ،
هذا الذي لا يملك لا وجه ولا صوت ولا يدين ،
صفعني فصعقني مرّتين ،
لأجد نفسي بين جدرانها قبل ان تجد نفسها بين جدراني ..
وجها لوجه مع الذات ،
وحدها أمام مرآة ،
تتأرجح على شعرة مشدودة….
بين الموت والحياة …..
ترى ما هي سعادة الانسان وشقاوته الحقيقيتان؟
الغنى والفقر ؟ الخير والشر ؟ العدل والقهر ؟الضجر والصبر ؟ الطيبة والمكر؟ الإمساك والبِرّ ؟
فطوبى إذن لمن لم يسلك طريق الخطاة … وطوبى لمن كان ناموس الله هواه…
في ولادتي الجديدة وسط هذه الجدران ، رأيتني هباء ، تسخر منه كائنات السماء … غرور عابر وكبرياء ….
من التراب والى التراب ،
يا من يدّعون المجد …
يا من يقتتلون على رقعة من أرض …
لسنا سوى طين لازب
لسنا أكثر من دمى للرياء ….
اجيبيني يا مرآتي …
من ذا الذي يفرج كربي ،ويبدد حزني ،
ويسمع صلاتي ؟
إلامَ صروح الباطل تأويني؟
وإلامَ أبراج الكذب تُرضيني؟
أما آن لقلبي على مذبح الصدق ان يقدم قرابيني؟
فأنا وقلبي خطاة ….نتأرجح على شعرة مشدودة…
بين الموت والحياة
هلا أعدتِ إليّ البراءة من بسمة الرضيع ..
من اغرودة الكروان ، ومن فرحة الأطفال. وسكبتِ علي الأمل من خلف سَكينَة الظلال ؟
هلا عمّدت إنسانيتي بماء الورد وعبق النسيم في التلال ؟
الى متى ترجئين ؟
ها نحن معا ، عُراة إلا من حقائق الزيف وأوهام الضلال
علِقنا معا على ضرب من ضروب الهشاشة : فتات !
نتأرجح على شعرة مشدودة …..
بين الموت والحياة …
ها هنا والآن , اعترف أمامك يا مرآتي …
أني بدّدتُ حياتي…..
وصرفتُ وجهكِ عني ،
لم اكن منصفة في اختياراتي…..
هشَّمتُ جواهر روحي ….
وصقلتُ اوجاع قلبي حِلياً لخيباتي …
في غمرة الآخر شغلتني هذه الذات، خدعتني ، ضيّعتني ، أرّقت بي وتَرَ المفردات ….
أنستني في غمرة معراجي أن….ما زال من فوقي قمر ونجوم وسماوات
علّقتني على شعرة مشدودة ….
بين الموت والحياة
أما آن للشفاه الملِقة الكفّ عن الغرور؟
والالسُن المصقولة الإحجام عن الشرور؟
أما زال متسع في هاوية الصدور ؟
خبزيَ معجون بالآثام …
وملحي في جوفي اضطرام
فانتشليني من جحيمي أيتها الذات …
وابهجي من حولي قلبي بالكمال…
سرّحي روحي في مفازات الجمال…
ان نور الله في كل التجليات …
اتركيني أُبحِرُ من نوافل الموت …الى شواطئ الحياة…..

شاعرة وكاتبة وباحثة  فلسطين – حيفا

#يحيى عمارة: كورونا: الإرادة الإنسانية في مواجهة قوة الطبيعة..

 - رسبريس - Respress
ذ.يحي عمارة

لم أستوعب بعدُ التحولَ الغريب الذي أصبحتُ أحياه في هذه اللحظات المشؤومة باحتضار الإنسانية التي تريد العيش بالحب والجمال والأمن، والذي أعاد ذاكرتي إلى ما اطلعتُ عليه من أحداث وكوارث متعلقة بالإبادات والأوبئة والحروب التي عاشتها الإنسانية سابقا . وأتحدث هنا عن فعل الوباء الجديد وجوديا وليس ميتافيزيقيا وأتحدث عنه كذلك وفكرة غموض مصدره تغزو وجداني وعقلي معا بمعنى من أين أتى هذا الوباء؟ فلن يسعفني الوقت لكي أبحث عن أسباب ظهور ما يسميه الطب المعاصر وكما هو متداول الآن فيروس كورونا. هذا الوباء الزئبقي الفتاك، الذي جاء فجائيا ليغير مجرى التاريخ الإنساني. لكن يمكن القول إن هذه الكارثة أتَتْ لتُدْخِل الإنسانية جمعاء في فوبيا أخرى أكثر قساوة وشَرًّا على تأملات الإنسان الذي يحب الحياة والجمال والاستقرار، وينفر من الموت القاسي المُعذِّب والسوداوية واللاطمأنينة. ففوبيا الرعب والخوف الآتي من الموت الجماعي الذي أصبح يُسقط الإنسان فرادى/ جماعات كالتُّوتِ من شجرة الوجود إن صح هذا التعبير المجازي يُعَدُّ من أخطر الفوبيات وأقساها التي عشناها ولازلنا نعيشها : فوبيا تسونامي، فوبيا الإرهاب، فوبيا داعش، فوبيا الحديث عن الحرب العالمية الثالثة، فوبيا حُكم الرداءة…
وانطلاقا من تصورنا الأولي يمكن القول إن وباء كورونا صراع وجودي بين قوة الطبيعة وإرادة الإنسان، فسلطة الشر الذي اختارت الطبيعة أن تحاكمنا به من جديد هذه المرة دليل على أن الظواهر الخفية لن يستطيع الإنسان التغلب عليها إلا بعد مشقة ومشقة وبتعب سيزيفي لا ينتهي، لأن إرادته لا تمتلك القوة الكاملة لمقاومة تلك السلطة؛ خاصة إذا أصبحت البشرية في أغلبها تناصر ثقافة التفاهة. فالعيش بالطبيعة ولها يتطلب أحيانا الجدية في الحياة والتفكير السليم ووضع الاستراتيجيات الطارئة الملتصقة بالإنسان والبيئة مثل عالم الصحة. نقول هذا لأن العالم نَسي ولم يلتفت أو يناقش نتائج الأوبئة السابقة التي فَتَكَتْ به، ولم يَضَعْ بتاتا احتياطاته العلمية التي يَقْدر بها على الأقل التخفيف من سلطة الشر التي تأتي بين الفينة والأخرى من الطبيعة في احتكاكها بالعنصر البشري. وأعتقد أن هذا أقوى درس يقدمه فيروس كورونا للامبراطوريات الرأسمالية المتوحشة التي أصبحت هي الأخرى مهددة بقوة الطبيعة.
إن العالم الذي كنا نعيشه قبل الوباء لن يعود كما هو بعد كورونا على المستويات جميعها، فالتحولات السياسية والاجتماعية والبيئية والثقافية بدأت تبرز ونحن لم نخرج بعد من هذه الآفة الكونية الفتاكة. كما أن مخلفاتها المأساوية لن يستطيع الإنسان نسيانها بسهولة، الأمر الذي سيؤثر لا محالة على سلوكياته وأفعاله وعلاقاته وأفكاره. ربما ستكون الأزمة المقبلة أكثر قساوة. لكن بالرغم من هذا وذالك، تبقى الحياة جميلة تستحق الهدوء والمغامرة والإرادة. فإذا كانت سلطة الشر تنتصر للموت، فإن إرادة الإنسان تستطيع هزم تلك السلطة بثقافة المواجهة والمقاومة والممانعة وذلك بالتحدي والتشبث بالحق في الحياة المليئة بالخير والسلام والمحبة والجمال. وهذا ما تقوم به الكتابة والإبداع والثقافة منذ تاريخ الإنسانية إلى الآن.

  • شاعر وكاتب وباحث – وجدة المغرب

#حمادة البوزايدي: جائحة تجتاح العالم

 - رسبريس - Respress
ذ.حمادة البوزايدي


يستيقظ القرن الحادي و العشرين على خبر يسري سريان النار في الهشيم… من كان يصدق أن جهود العلم و تطور البشرية و ثوراتها المتعاقبة التي ظنت أنها تؤمن بقاء و رفاهية الجنس البشري، تقف اليوم عاجزة أمام فيروس بحجم النطفة او العلقة ؟
من قال أن جبروت الإنسان سينكسر يوما أمام حقيقة عجزه وضعفه؟
الإنسانية اليوم تستيقظ على حقيقة لطالما حدثنا عنها التاريخ و دونتها الأساطير ولم نعتبر حقيقة لخصها المسعدي في رائعته “السد” حيث يصارع الإنسان ليحقق مجده و يصل إلى القمة لكنه سرعان ما ينهزم و يسقط، و ينهزم أمام مشيئة القدر و يظل يصارع. علمنا الحكيم في مسرحيته الرائعة أهل الكهف أن الإنسان يعيش مأساة بين مطلق الإرادة و حدود العجز. وكل ابطال الاساطير اثبتوا أن هزائمهم و مآسيهم هي مجرد مرحلة في مسيرة تتقدم نحو مصير أفضل وتتعلم من زلاتها وضعفها كيف تقاوم. هذا ما يؤشر على أن الوباء ستنتهي جوقته الصاخبة و يهدأ الكون بعد العاصفة و تنهض الهمم من جديد لبناء المجد و المحاولة من جديد، محاولة العودة إلى مسار الإنسانية بأكثر نضج و وعي وحذر.هذه المرة، و يعيد الإنسان ترتيب اولوياته، العلم ثم الصحة ثم الاعلام.
وداعا سباق التسلح التكنولوجي و سلاما على اهل المعرفة و العلم في حربهم ضد الاوبئة و الامراض الخبيثة .
سلاما على من يعتبر من واقع الحال. ويستخلص الدروس من التاريخ. قناعتنا اليوم راسخة، أنه لاخلاص لنا بغير الوعي العميق بضرورة تأمين الصحة و التعليم و الغذاء على بساطة هذه المطالب فإنها أضحت الأهم على الإطلاق.
لا بد أن تكرس الجهود جميعها لتطوير الاكتشافات و تدقيق البحوث قصد تجويد الأمان الصحي للإنسان أولا ثم تأمين الغذاء ورفع الجهل. العدالة في تامين هذه المطالب الحيوية سينشر السلام في العالم. فهل من عقول راجحة تقدر ضرورة نشر السلام في العالم، بعد أن أفلس منطق الحرب؟ لأن الحرب الحقيقية مع القدر مع الله الذي لا غالب له.

  • شاعر وكاتب – الجمهورية التونسية تبرسق، الولاية باجة

#محمد الرويسي: ورقة التوت

 - رسبريس - Respress
ذ.محمد الرويسي



النقد الذاتي، وهل هناك نقد يوازي في قيمته أن تخلو كل البشرية إلى ذاتها، في حجر فرضه كائن لا يرى بالعين المجردة ولا يتعدى حجمه مائة وخمسين في الألف من النانو. نقد تراجع أثناءه سذاجة واقعها وفظاعة أخطائها، لقد نسيت البشرية الكثير من ظروف بقائها، حتما ستعود إلى تلك الظروف، تعيد مراجعتها لتضمن بقاءها، ستعود للثقافة أصالتها، وللحياة عذوبتها وللعلاقات طراوتها. ستروي الأجيال القادمة عبر مئات السنين عن إنسان كورونا كما كانت تروي عن إنسان سومر وبابل وآشور.
كل العالم كان في هرولة مجنونة غير محسوبة النتائج. ضخمت أناه، فتوهم في لحظة انتشاء أنه قادر على كل شيء.
سكنته أنانيته فهوى على كل جميل، يقتل في الإنسان إنسانيته وفي الفن عذوبته وفي الحب طهارته. أحس في لحظة غرور ان لا شيء يمكن أن يعلو عليه، وبين عشية وضحاها تكشت أمام عينيه هشاشة واقعه وضآلة معارفه وقتامة مشاعره وأن ما أنجزه عبر آلاف من السنين أوقفه في حيرة أمام هذا الكائن المجهري الغريب.
كورونا طبعا سترحل، ولكن لن تغادرنا حتى تكون قد رتبت كل أوراقها. سيكون عالم ما بعد كورونا غير ذلك الذي كان قبلها، وإنسان ما بعد كورونا، غير الذي كان قبلها. سيكون الاقتصاد العالمي قد خرب ولكن سيعاد بناؤه بعقول قوية وإرادات صلبة. ستكون العلاقات قد توترت، ولكن الإنسان بما استوعبه من نقد لذاته سيعيد بناءها.
كورونا لن تجمع حقائبها حتى تكشف المستور عمن يقامرون في مصائر الشعوب. سترقع عن عوراتهم ورقة التوت يتساقطون تباعا كأعجاز نخل خاوية، فإذا كانت صرخات شعوبهم قد ضاعت في واد سحيق، فإن صرخة القادم المميت ستقتص من جبروتهم أو تعيدهم إلى صوابهم.

  • شاعر وكاتب الدار البيضاء -المغرب
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.