كشفت مجلة “لونوفال أوبسارفاتور” الفرنسية عن فحوى بعض التقارير السرية التي أعدتها الأجهزة الفرنسية حول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عندما كان أصغر وزير خارجية في العالم وأحد أكثر الشخصيات إثارة على الساحة والدولي وأكثرها تعرضاً للتجسس خاصة من قبل أجهزة استخبارات فرنسا ودبلوماسييها.
أحد هذه التقارير وصف بوتفليقه الذي تولى رئاسة الدبلوماسية الجزائرية في عام 1963 وهو في 26 من عمره؛ بأنه “ميكيافليٌ ومرتش وواثق من نفسه..وهوشخص عديم الضمير ويتمتع بذكاء حاد وطموح كبير، وقادر على المخاطرة برهانه مرة واحدة”.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن التقارير الأولى التي أعدتها الاستخبارات الفرنسية عن بوتفليقه كانت موجزة جداً. فمع أن هذه الأجهزة الفرنسية تعرف جميع التفاصيل حياة قيادات حرب استقلال الجزائر؛ إلا أنها كان تجهل تقريباً كل شيء عن بوتفليقة الذي سيشغل المشهد السياسي الجزائري خلال السنوات الستين المقبلة. وعندما أصبح وزيراً لم تكن لديهم حتى صورة له. لكن سرعان ما بدأ عناصر الاستخبارات الفرنسية التحري عن “هذا الشاب النحيل الضعيف”.
وتابعت المجلة التوضيح أن التقارير اللاحقة وصفت عبد العريز بوتفليقة يقدم نفسه على أنه يساري وأنه حريص جدا على التعلم ويقرأ كثيرا. كما أنه خفيف الروح وكامل اللباقة ومحاور مُخادع. وسرعان ما برز كمناور كبير ومحب للسلطة . فهو رجل كافة المؤامرات، وأولها وأكثرها شهرة تلك التي أدت في يونيو 1965 إلى الانقلاب على أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة، والذي تعتبر باريس أن الوزير الشاب (بوتفليقة) هو المحرض الحقيقي عليه”.
وبعد أن أطاح رجال العقيد بومدين بالرئيس بن بلة، قام عبد العزيز بوتفليقة باستدعاء لويس دوج الوزير المنتدب لدى سفارة فرنسا، و اجتمع به لـ 9 ساعات. و بعث الدبلوماسي الفرنسي بانطباعاته عبر برقية مشفرة بعد ساعات قليلة من اللقاء والتي جاء فيها : “ من الواضح أن وزير الخارجية مسؤول شخصيا عن الانقلاب”، وليس الأمر بالمفاجئ، حيث إن تقارير الاستخبارات الخارجية الفرنسية تحدثت قبل ذلك بأكثر من سنة عن تجاذبات بين مجموعات السلطة.
في مايو 1964 ، أعلنت وثيقة لجهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس اعتقال عبد اللطيف رحال مدير ديوان مكتب بوتفليقة، واعتبرت أن الوزير ”سيتبعه قريباً”. وبعد ذلك بأيام تحديداً في الثالث من يونيو، أشارت وثيقة أخرى إلى أن الرئيس بن بلة أبلغ بوتفليقة للتو بأن عليه “مغادرة منصبه الوزاري” . وهو ما دفع وزير الشؤون الخارجية لاتخاذ إجراء ضد رئيس الدولة، حيث نجح في بومدين في الإطاحة بالرئيس بن بلة، وهي الخطوة، التي كان من شأنها أن تؤدي إلى النظام الحالي.
وتابعت المجلة أن بوتفليقة الطموح لم يتوقف عند هذا الحد؛ بل انه نجح في القضاء على جميع منافسيه؛ بما في ذلك زوجة رئيس الجمهورية الجديد ( أنيسة بومدين) وفق الفرنسيين دائماً. إذ تقول مذكرة بوزارة الخارجية الفرنسية بتاريخ 7 أكتوبر 1974 إنه : “ من المؤكد تقريباً أن الرئيس بومدين قد أُجبر من قبل بوتفليقة ومدغري [وزير الداخلية] على ابقاء زوجته تحت الظل”. ويبدو أن رجل ثقة الرئيس استاء بشكل خاص من رحلة إلى كوبا في أبريل ، حيث عرض التلفزيون الجزائري خلالها السيدة بومدين “ مبتسمة إلى جانب الرئيس بينما اختفى السيد بوتفليقة، وسط الحشد “.
لإزاحة زوجة بومدين؛ هدد بوتفليقة بتشويه سمعتها من خلال شبكاته ، حيث “تم إرسال فواتير شراء مجوهرات في باريس عبر السفارة الجزائرية في فرنسا”، مما أجبر الرئيس بومدين على إبعاد زوجته
ولإزاحة السيدة بومدين؛ هدد بوتفليقة بتشويه سمعتها من خلال الشبكات الدبلوماسية التي يسيطر عليها؛ وفق الخارجية الفرنسية؛ التي أوضحت أنه “تم إرسال فواتير شراء مجوهرات في باريس عبر السفارة الجزائرية في فرنسا”، مما أجبر الرئيس بومدين على ابعاد زوجته من أجل تهدئة القضية.
غير أن المجلة اعتبرت أنه قد يكون هناك ما هو أخطر!. فالعديد من الاغتيالات السياسية تمت داخل السفارات.في الثامن عشر أكتوبر عام 1970، كان بطل الاستقلال كريم بلقاسم الذي أصبح مُعارضاً ضحية مؤمراة خطط لها في فرانكفورت الألمانية من قبل الملحق العسكري لسفارة الجزائر في باريس، وفق جهاز التوثيق الخارجي لجهاز مكافحة التجسس الفرنسي.
ومضت المجلة إلى التوضيح أنه بينما كانت الحرب الباردة مشتعلة؛ اعتقدت باريس أنها وجدت حليفا قويا في شخص عبد العزيز بوتفليقة الذي كانت تنظر إليه أنداك كالرجل الثاني في النظام الجزائري. فهو (بوتفليقة) نفسه لا لم يتردد خلال محادثات مع الوزير الفرنسي لوي دوغيرينغو في الإشارة إلى أنه على غرار جميع الجزائريين ينظر إلى الجزائر على أنها الابنة الروحية لفرنسا”.
ورحبت مذكرة للمخابرات الفرنسية بتاريخ 25 سبتمبر عام 1965 بأن: “ الشاب غريب الأطوار في السابق أصبح رجلاً سياسياً يؤمن حقاً بالتعاون بين بلده وفرنسا. […] لقد تطور بوتفليقة كثيرا. فبعد أن كان يعتبر أن كاسترو هو المثال الذي يحب أن يتحذى به، أصبح يصف رئيس الدولة الكوبية بالمجنون”.
بوتفليقة لم يتردد خلال محادثات مع وزير فرنسي في الإشارة إلى أنه ينظر إلى الجزائر على أنها الابنة الروحية لفرنسا!
لكن العلاقة المميزة التي نشأت مع فرنسا لن تحمي الوزير من الدسائس داخل النظام الجزائري.و بعد وفاة بومدين في ديسمبر عام 1978 لم يدعم الجيش بوتفليقة للخلافة؛ بل أبعده في غضون بضعة أشهر من أي وظيفة سياسية. ليكون “الخاسر الكبير الوحيد” في المرحلة الانتقالية؛ إذ كانت هناك تعليمات رئاسية بابعاد حاشيته بأكملها”، كما تشير الوثائق الفرنسية. ليغادر هذا الأخير إلى سويسرا.
لكن الضربة القاضية تمثلت في اتهام محكمة الحسابات الجزائرية له في عام 1983 باختلاس مبالغ كبيرة من فائض الميزانية المخصصة للسفارات. وهو الأمر الذي فنده بوتفليقة في رسالة بعثها إلى باريس والتي أكد فيها تمسكه بالدفاع عن شرفه.غير أن الفرنسيين لم يكن لديهم أدنى شك في صحة هذه الاتهامات، لأنهم كانوا على دراية بفساد بوتفليقة.
واختتمت المجلة بالقول إنه، رغم ذلك، لم يشك السفير الفرنسي وقتها غي جورجي ، في أن عبد العزيز بوتفليقة سيحقق يوماً ما حلمه بالسلطة العليا. وفِي عام 1999، وبعد رحلة طويلة؛ تولى رئاسة الجمهورية الجزائرية. واليوم وبعد 20 عاماً، مازالت حاشيته تأمل في التمسك به حتى 2024.
القدس العربي/ رسبريس
قدور سويديsouidikad@gmail.comمنذ 6 سنوات
لا شئ يدوم لا بوتفليقة. و لا نخن. الكل له.نهايته. والدوام لله وحده. كان.علي بوتفليقة وهو يودع ان يحيي دوااب المغرب العربي . وان ينهي تامر بلاده ضد الوحدة الترابية للمغرب. لكن الزمرة العسكرية تغلبت عليه و وهي التي تحكم وليس بوتفليقة وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. وداعا بوتفليقة….. لا