بعدما تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسفرهم مع عائلاتهم إلى سوريا، أحدهم جندي سابق في الجيش الفرنسي، كشفت اعترافات الجهاديين الفرنسيين الذين تسلمهم العراق من قوات سوريا الديمقراطية مسار هؤلاء المقاتلين الذين قد يواجهون الإعدام.
وهذه “الاعترافات” التي سجلت خلال تحقيقات أجراها محققون عراقيون، نشرها مجلس القضاء الأعلى في العراق، رغم تنديد منظمات حقوقية بعمليات تعذيب خلال عمليات التحقيق ومحاكمات جائرة.
ويبدو أن الشخص الذي أعطى القدر الأكبر من المعلومات هو فرنسي يبلغ من العمر 33 عاما، ولم يذكر المجلس اسمه في بيانه.
لكن البيان يشير في المقابل إلى أنه اعتنق الإسلام وكان مقيما في فيجاك، بجنوب غرب فرنسا، قبل أن يتم اعتقاله مع أخيه غير الشقيق في سوريا.
ونهاية العام 2017، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية أنها اعتقلت كيفن غونو (33 عاما) وأخاه غير الشقيق توماس كولانج (31 عاما)، اللذين يتحدران من تلك المنطقة.
وأبلغ الموقوف محققيه بأن أخاه ووالدته وزوجته اعتقلوا في سوريا.
فيديوهات للتجنيد
يروي الجهادي الذي كان يعمل سائق شاحنة، بحسب اعترافاته أمام قاضي التحقيق، أنه سافر إلى مصر لدراسة اللغة العربية، حيث تعرف على صديق له كان كفيلا بتجنيده.
ويقول: “كان يريد الذهاب إلى سوريا للقتال هناك، وبدأ بإقناعي وعرض عليّ مقاطع مصورة للقتال”.
وفي أعقاب ذلك، دخل هذا الجهادي إلى سوريا بطريقة غير شرعية عبر تركيا، على غرار جميع الجهاديين الفرنسيين المذكورين في البيان. وبعدها، انضم إلى “جبهة النصرة” وعمل مترجما ومدرسا للغة العربية للمقاتلين الأجانب، قبل أن يبايع “الخليفة” أبو بكر البغدادي.
وحمل هذا الجهادي الفرنسي السلاح للمرة الأولى في حمص بغرب سوريا حتى العام 2015، ثم انتقل إلى مدينة الموصل في شمال العراق.
وهذا المسار هو نفسه الذي سلكه جهادي فرنسي آخر، قدم على أنه “فرنسي الجنسية من أصول جزائرية ولد في فرنسا ويبلغ من العمر 29 عاما، ودرس علم النفس في إحدى الجامعات الفرنسية”.
وفيما تحاول السلطات العراقية الحصول على ما أمكن من المعلومات من قبل هؤلاء الجهاديين، أوضح الخبير في شؤون الجهاديين هشام الهاشمي لوكالة فرانس برس، مؤخرا، أن “ليس بينهم قياديون (…) لكنهم يمتلكون كنزا من المعلومات عن الهيئات الخارجية لداعش في أوروبا”.
وأكد الجهادي الأخير للقضاة العراقيين أنه قرر الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية “من خلال المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي والمقاطع التي كانت تصور للقتال هناك”.
وتقدم المحاكم العراقية نفسها على أنها صاحبة اختصاص في محاكمة الجهاديين الذين مروا بأرضها، حتى وإن تم اعتقالهم في سوريا.
ويسمح قانون مكافحة الإرهاب العراقي بتوجيه الاتهام الى أشخاص غير متورطين بأعمال عنف، لكن يشتبه في تقديمهم مساعدة للجهاديين. وينص على عقوبة الإعدام بتهمة الانتماء الى الجماعات الجهادية حتى لغير المشاركين في أعمال قتالية.
“خشية من الجواسيس”
يوضح بيان مجلس القضاء الأعلى أن جميع الفرنسيين الذين نقلوا من سوريا (13 بحسب السلطات العراقية، و14 بحسب القضاء)، تزوجوا في سوريا، بعضهم بأكثر من زوجة، وأنجبوا أطفالا.
وبين هؤلاء أيضا فرنسي آخر يبلغ من العمر 37 عاما نقل من سوريا إلى العراق عبر التحالف الدولي، وتم تقديمه على أنه “فرنسي ذو أصول تونسية (…) كان جنديا في جيش بلاده ويقيم في مدينة تولوز بجنوب فرنسا”.
وتولوز هي المنطقة التي يتحدر منها الأخوان فابيان وميشال كلان، اللذان أعلنا مسؤوليتهما عن اعتداءات فرنسا في 13 نوفمبر 2015، التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا في باريس.
ويؤكد هذا الجهادي أنه التحق بصفوف الجيش الفرنسي بين عامي 2000 و2010، “وخلالها كلفت بالذهاب إلى أفغانستان عام 2009”.
ويضيف أن انتماءه لتنظيم الدولة الإسلامية جاء بعد عودته إلى فرنسا وانتهاء مدة عقده مع الجيش الفرنسي “رغبة مني في الانتقال إلى مكان آخر للعيش”.
وتابع في معرض اعترافاته أنه “من خلال البحث في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع تنظيم “داعش” وجبهة النصرة (…) انتقلت إلى بلجيكا وتعرفت على أحد الأصدقاء الذي قام بدوره بتشجيعي على الانتماء”.
وأوضح الجهادي أنه انتقل من بلجيكا إلى المغرب، حيث تزوج “إحدى الفتيات التي تعرفت عليها من خلال مواقع التواصل والتي كانت ترغب بالانتقال إلى سوريا”.
ويشير هذا الفرنسي إلى أنه انخرط “في دورتين شرعية وعسكرية في ولاية حلب، وانتقلت إلى الموصل في العراق ورددت البيعة أمام أحد قادة داعش كان مرتدياً قناعا”، مؤكداً أن “القادة كانوا يتفادون الكشف أو الإفصاح عن هوياتهم أمام المقاتلين المهاجرين الأجانب خشية أن يكونوا مجندين لأجهزة الاستخبارات في بلدانهم أو يكونوا جواسيس”.
وسبق للعراق أن حكم على ثلاثة جهاديين فرنسيين بالسجن المؤبد، أكد أحدهم أنه اعتقل في سوريا، فيما صدرت أحكام إعدام في حق مئات الأجانب.
*أ.ف.ب