المغرب في سماء مهرجان قرطاج عبر مسرحية “المنسية”..

admin
2022-03-29T00:06:47+02:00
ثقافة وفن
admin29 مارس 2022آخر تحديث : منذ 3 سنوات
المغرب في سماء مهرجان قرطاج عبر مسرحية “المنسية”..

عبد السلام انويكًة

“بأبيض وأسود” يحضر المغرب في مهرجان قرطاج للمونودراما بتونس هذه السنة، وب”أبيض وأسود يحضر المغرب في سماء موعد درامي ابداعي دولي تنافسي الى جانب تجارب درامية متميزة مغاربية وعربية وأروبية. ولعل أبيض وأسود إحالة على سيرة ذاتِ الممثل المقتدر نور الدين بنكيران سفير المغرب في هذا العرس الدرامي السنوي بتونس، سيرة ذاتية صدرت مؤخرا ضمن طبعة أولى بحوالي ثلاثمائة صفحة، جمعت بين مسار تجربة ووعي على امتداد نصف قرن من زمن مسرح مغربي وسينما، وبين بوح استُهل بقول حول جدل تيه ايام فضلا تهافت وتخبط وخيال واستقواء في جذبة مجذوب مجرد وهْمٍ لا غير، زمن ارتآه هيهات ليس إلا بين أمس ويوم كذا صرخات وأحوال وبدايات وفصول ومساحة خرجات وحنين وغربة، كذا زقاقات وجرح وخيبات ضن ومضْيِ ولون ورقص على شوك. كل هذا وذاك مشاهد ذكرى هي سيرة ذات فنان مسرحي سينمائي مغربي تازي شامخ، سيرة بنبض هوية ارتآى هائم لسفريتها وعودها ودليل مقامها لغز غربةٍ وشوق رحمة. هكذا تبسط سيرة ذاتِ الفنان نور الدين بنكيران، لتشعب وشجون تجربة، وفي بسطه يحضر قمر وقصة خيوط دخان وموج بحر ومولد حلم ونشأة وفعل ومنعطفات وشدو ونَزْل.

 ولعل الفنان والممثل العصامي نور الدين بنكيران الذي يمثل المغرب في مهرجان قرطاج، والذي ارتأى نادي المسرح والسينما بتازة مؤخراً إلا أن يحتفي بإنجازه الرمزي هذا وأن يؤثث احتفاء يليق بمقامه وعظمة مساره وتجربته الدرامية، تثمينا منه لمقام ممثل شامخ وحضنا منه أيضا لإسم من أسماء دراما المغرب وتازة يستحق ما ينبغي من إلتفات ووقفة تأمل، هو مَعْلمَة وعلامة فنية في سماء مسرح المغرب وواحدا من أعلام مجال تبلورت على ايقاع نصف قرن من التفاعل. إسم فسيفسائي بكل ما في القصة من معنى لِما يتملكه من طاقة فعلٍ درامي وارادة وعزيمة قل نظيرها، ظهرت جلية فيما أسندت له من مهمات وأدوار ضمن أعمال تلفزيونية وسينمائية عدة مغربية وعربية رفيعة، لعلها وغيرها سُبلا وتدافعات شكلت مجتمعة روافد مدرسة فنية حقيقية قائمة، جعلته بما هو عليه من تجربة وخبرة وموقع فني وكاريزما مشهود له بها.

يذكر أن آخر نصوص أعمال الممثل والمخرج والكاتب نور الدين بنكيران السينمائية، عنوان موسوم ب “الهايم”، عمل درامي كان هو مخرجه ومؤلف نصه الذي جمع بين جدل نسيان تناسي وانسان وانسانية. عمل درامي رفيع توزعت مشاهده على مواقع أطلس تازة حيث ما هو أدغال وعلو وجبل وثلج وشلال وأودية، ناهيك عن عمران بيئة محيط أصيل كما قصبة امسون. “الهايم” الذي كان بأثاث طاقات سينمائية ادهشت ما ادهشت في عرض افتتاحي أول له ذات يوم في احدى دورات مهرجان سينما الهواء الطلق الأخيرة بتازة، ذلك التقليد الذي ينظمه نادي المسرح والسينما ودأب عليه جمهور المدينة ربيع كل سنة منذ عدة سنوات. دورة مهرجان وعرض أول افتتاحي لشريط “الهايم”، كانت قد حضرته وأشادت به  أسماء سينمائية مغربية رفيعة من قبيل فاطمة بوبكًدي مخرجة سلسلة”رمانة وبرطال”، المبدعة المغربية التي نجحت في جعل تراث البلاد الرمزي بمساحة وقوة فرجة غير مسبوقة في تاريخ دراما المغرب وبلاد المغارب والعالم العربي، ناهيك عن نقاد سينمائيين ممن يُشهد لهم بتكوينهم ورصانتهم وتملكهم وتتبعهم للمجال.

جدير بالاشارة الى أن مخرج”الهايم” الذي احتضنت سيرته الذاتية فعاليات ربيع نادي المسرح والسينما بتازة، هو عضو في الفدرالية الدولية للممثلين وفي النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، وكان قد انفتح على عالم التمثيل منذ بداية سبعينات القرن الماضي عبر عشرات الأعمال الفنية الدرامية مع مساحة واسعة من مخرجين مغاربة وأجانب كبار، فضلا عن اسهامات دولية درامية بكل من تونس والأردن ومصر والعراق وغيرها. هكذا هو الممثل نور الدين بن كيران مقام وقامة فنية بتفرد هيبة وهوية وكاريزما وزخم وسمو وطاقة فعل وتفاعل على امتداد عقود، جَمعٍ عبرها بين ممارسة وتأليف واخراج وكتابةِ وسناريو..، ما اسعفه في بلورة ورش واعد له منذ بضع سنوات. وعليه، ما بلغه من اسهامات اغنت نصوصها حقل الأدب المسرحي، منها ما شكل جسرا لحضور مغربي في مواعيد عدة وطنية ودولية.  

يذكر أن في كيان الفنان عِشق حتى النخاع للفن عموما والمسرح خاصة منذ سبعينات القرن الماضي، ما ارتبط به في مسقط رأسه تازة كواحدة من قلاع مسرح مغربي مكافح. وفي رصيده وجعبته أيضا أزيد من خمسين عملا مسرحيا، وهو من اعضاء فرقة اللواء المسرحي بالمدينة نفسها باعتبارها فرقته الأم، أسس نهاية ثمانينات القرن الماضي جمعية الكوميديا وفي أواسط تسعيناته أسس رفقة دربه فرقة المسرح البلدي التي ترأسها لحوالي عقدين من الزمن، وهي اطار جمعوي درامي تازي سمح له من خلال جملة اعمال مسرحية بتقديم عروض عبر عدة مدن مغربية ودول عربية، فحصل على ما حصل ونال ما نال من جوائز وتقديرات وطنية ودولية في المجال، تلك التي شملت جملة مستويات ضمن ما هو تأليف وتمثيل واخراج وسينوغرافيا…

وكان الفنان نور الدين بن كيران قد اختير كأحسن ممثل لعمل مشترك مغربي تونسي أواخر ثمانينات القرن الماضي، كما شارك في عديد أعمال ونصوص مسرح كبار الكتاب والمخرجين المغاربة بعدة محطات عربية، حاز فيها على جوائز عدة تخص ما هو تشخيص وتأليف واخراج. له فيلمين قصيرين متميزين فيلم “الهايم” الذي تم تصويرة كما سبقت الاشارة في مدينة تازة وجرسيف مع نخبة فنانين وفنانات، وقد حازت التجربة على جوائز وطنية ودولية عدة، وأما الثاني فهو “رقص على الأشواك” وقد تم تصويره بجماعة عين الشعير اقليم فكًيكً نواحي مدينة بوعرفة، وهو من انتاج المرحوم عبد الله بعزيز اخراج نورالدين بن كيران تشخيص نخبة مبدعين ومبدعات. وقد حضر عددا من الملتقيات والمهرجانات كعضو لجنة تحكيم وكمدير فني وكعضو منظم، له جملة اصدارات أدبية فنية درامية منها ما تم توقيعها في تظاهرات وطنية ودولية. ومن نصيب كتاباته عددا من المسرحات منها مسرحية:”المنسية” التي رأت النور على خشبة المسرح المغربي مؤخرا، وهي من اخراج الفنان عبد الرحيم النسناسي وتشخيص الفنانة امنة البطاش، كذا مسرحية “عيشة كونتيسا” اخراج الفنان المتميز سعيد غزالة ومسرحية “دار الرضواني” اخراج الفنان يوسف الساسي وتشخيص فرقة الفضاء المسرحي بمدينة القنيطرة.

ويرتبط الفنان نور الدين بنكران حاليا بأعمال مسرحية عدة، منها على سبيل الذكر مسرحية “مونامي” تأليف الأستاذ ادريس طيطي واخراج المبدع سعيد غزالة، مسرحية “ضجر” تأليف واخراج المبدع عبد الرحمن بن دحو، مسرحية “الحكرة” من تأليف الأستاذة بديعة الراضي واخراج المبدع محمد الزيات. وغير خاف عن مهتم متتبع أن للفنان حضور في عدد من المسلسلات التلفزية المغربية على امتداد سنوات، آخرها مسلسل “دار السلعة” من اخرج المبدع محمد مونة، ومسلسل “الغريبة” من اخراج المبدعة جميلة البرجي، ومسلسل “باب البحر” من اخراج المبدع شوقي العوفير، ومسلسل “سلمات ابو البنات” من اخراج المبدع هشام الجباري، فضلا عن فيلم وثائقي بعنوان “عبق من تراث” من انتاج القناة المغربية الأولى.

يذكر أن مسرحية “المنسية” للفنان نور الدين بن كيران، هو العمل الذي يمثل المغرب رسميا في سماء المهرجان الدولي للمنودراما في قرطاج بتونس ربيع هذه السنة (ماي2022). علما أن ادارة المهرجان، توصلت بحوالي مائة عمل مسرحي من كافة دول العالم ليتم انتقاء واحد وثلاثين منها فقط للمشاركة في المسابقة الشرفية، وأربعة عشرة عملا منها فقط للمسابقة الرسمية ومنها المسرحية المغربية الموسومة ب”المنسية”. وهو عمل ونص درامي من تأليف الكاتب والممثل نورالدين بن كيران سينوغرافيا واخراج الأستاذ عبد الرحيم النسناسي، تشخيص الفنانة أمينة بطاش تقديم وعرض وتشخيص فرقة القناع الأزرق للمسرح والثقافة بمدينة الجديدة. والقناع الأزرق واحدة من قلاع وتجارب وفرق الدراما المغربية التي يعود تأسسها لنهاية ثمانينات القرن الماضي، والتي توجد على ايقاع مسار ومسيرة هامة من اسهامات وتراكمات رفيعة، بقيادة وإدارة عبد الرحيم النسناسي أحد رواد ومخرجي المسرح الفردي والجماعي المتميزين. مع اهمية الاشارة هنا لِما يطبع هذه الفرقة التي يرتبط بها الفنان نور الدين بنكيران من اشعاع وتفاعل، لِما قدمته من عروض واعمال درامية عدة سواء داخل المغرب أو خارجه، بكل من الجزائر وتونس ولبنان وفرنسا والمانيا واليابان وبلجيكا واسبانيا وغيرها.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.