استمع الزوجان الكنديان بوبا باهتمام للآذان مناديا لصلاة المغرب ثم جلسا على أرضية مسجد في الدوحة يشاهدان بدهشة ركوع وسجود المصلين، خلال زيارة جاءت على هامش حضورهم أول كأس العالم في دولة عربية ومسلمة.
وتعمل مؤسسات دينية حكومية وغير حكومية على اجتذاب بعض المشجعين الأجانب للتعرف على الإسلام خلال أوقات فراغهم عبر مساجد ومراكز قائمة بالفعل منذ سنين.
وزار الزوجان مسجد كتارا، المبني على الطراز العثماني والذي يزين فسيفساء من البلاط الأزرق والأرجواني واجهته الخارجية، ما جعله ي عرف باسم “المسجد الأزرق”.
ويشرف مركز “ضيوف قطر” التابع لمؤسسة خيرية أهلية على المسجد وقد جلب عشرات الدعاة المسلمين من أرجاء العالم لتعريف مواطنيهم المشجعين خلال المونديال.
وقال المحاسب دورينيل بوبا (54 عاما) الذي يزور وزوجته الشرق الأوسط لأول مرة لعشرة أيام لتشجيع منتخب بلادهما “زيارتنا هنا (للمسجد) للتعلم والمعرفة أكثر بالإسلام”.
وتابع بصوت منخفض في ساحة المسجد لوكالة فرانس برس “لدينا أفكار مسبقة ضد الثقافة والأشخاص (المسلمين) نتيجة وجود تنوع أقل في حياتنا”.
لكنه تابع بتأثر “حين تكون هنا وترى كيف يفكر الناس (المسلمون). فهذا يساعد الناس (غير المسلمين) على تغيير ارائهم”.
واصطحب مرشد انكليزي من أصل باكستاني الزوجين في جولة في المسجد لتعريفهما بشكل مبسط عن الصلاة والآذان والصوم ومناسك الحج، في أول زيارة لهما لمسجد على الإطلاق.
وفي ارجاء المسجد الذي يضم جانباه زخارف إسلامية زرقاء وتتوسطه ثريا عملاقة تتدلى منها قناديل زجاجية تكسب المكان إضاءة خافتة، يشرح مرشدون لمشجعين أجانب تعاليم الإسلام بمختلف اللغات.
وقالت زوجته الطبيبة كلارا (52 عاما) التي ارتدت عباءة سوداء فوق ملابسها وحجابا كشف عن قليل من خصلات شعرها إنها جاءت “ولدينا بعض الأفكار في رؤوسنا والآن قد يتغير بعضها”. وأضافت “لفهم الأمور عليك أن تأتي وتلتقي بالناس وتتعرف عليهم”.
صباح الجمعة، توافدت مشجعات أجنبيات، ارتدين عبايات طويلة فوق سراويلهن القصيرة، على المسجد الذي بات مدرجا على قائمة جولات المرشدين السياحين في المدينة.
وخارج المسجد، تتراص كتيبات بمختلف اللغات لتعريف المشجعين بالإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، وضعت قرب منصة عليها تمر عربي وقهوة للترحيب بالزوار.
واعتبر المتطوع السوري زياد فاتح كأس العالم “فرصة لتعريف المشجعين على الإسلام وإصلاح الافكار المغلوطة” عنه.
وتابع الرجل الذي ارتدى ثوبا عربيا وفاحت منه رائحة المسك “نوضح للناس أكثر عن الأخلاقيات وأهمية الترابط الأسري واحترام الجيران وغير المسلمين”. وأضاف أن “هدفنا ان يعودوا بأفكار طيبة عن الإسلام”.
وعلى مقربة من المسجد، تشرف متطوعات على مجلس مخصص للنساء، بالقرب من لافتة كتب عليها “أسالني عن قطر”.
وقالت المتطوعة الفلسطينية سمية إن أكثر الاسئلة تطرح حول “الحجاب وتعدد الزوجات وهل النساء مضطهدات في الإسلام”.
وفي وسط منطقة الكتارا الفاخرة على ساحل الخليج، يمكن للمشجعين الأجانب التعرف على الإسلام في جولة عبر نظارات الواقع الافتراضي مدتها خمس دقائق تبدأ بنزول الوحي على النبي وتنتهي داخل الكعبة.
وقال مسؤول في وزارة الأوقاف القطرية فضل عدم ذكر اسمه لفرانس برس إن الهدف الرئيسي ليس “عدد الذين يعتنقون الإسلام بل عدد الذين يغيرون رأيهم عنه”.
قرب سوق واقف الذي يعد مقصدا رئيسيا للمشجعين، يفتح مركز الشيخ عبد الله بن زيد الثقافي الذي تديره وزارة الأوقاف القطرية أبوابه 12 ساعة أمام الزوار.
وبعد جولة مع والده في المركز، قال مدرب التنس الإسباني خافيير غاميرو (21 عاما) إن الجولة ستساعده على “التعامل في شكل أفضل مع المسلمين بعد معرفة المزيد عن الإسلام من الداخل والقضاء على بعض الأفكار الخاطئة”.
وفي منطقة “ذي بيرل” ذات المطاعم والمقاهي الفاخرة، وضعت جداريات تحمل أحاديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالعربية والإنكليزية تتناول الحث على الأخلاق الحميدة، لكنها قليلا ما تستوقف المشجعين الأجانب.
و تقول لافتة مضاءة في الساحة “إذا كنت تبحث عن السعادة (…) فستجدها في الإسلام”، ووضعت لافتات مماثلة في مراكز تسوق فاخرة.
ويرى دعاة قطريون في تدفق مئات آلاف المشجعين على قطر فرصة لمحاربة الإسلاموفوبيا ومناسبة لإقناع زوار الإمارة باعتناق الإسلام.
وقال سلطان بن ابراهيم الهاشمي أستاذ الشريعة بجامعة قطر في مقابلة مع فرانس برس “سأعرض عليهم الدخول في الإسلام. إن وجدت الفرصة، عرضت عليهم الإسلام بكل يسر وسماحة”
لكن الرجل المشرف العام على إذاعة “صوت الإسلام” ومقر ها الدوحة أكد أن “الإسلام دين يقوم على القناعة، وليس على إكراه أحد على الدخول فيه”.
وفيما اكتظت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية بعشرات المنشورات التي تتناول اعتناق مئات المشجعين في قطر للإسلام، تأكدت خدمة تقصي صحة الأخبار في فرانس برس من عدم صحة هذه المنشورات.
وقال الشاب الكرواتي بيتر لوليتش إنها “فرصة جيدة لمعرفة المزيد عن الإسلام خاصة أننا في بلد إسلامي”.