كلما بكت السماء،استشعرت “زليخا” خوفا ليس على نفسها،بل على خمسة أطفال نجوا من الجوع والحرمان بعدما استيقظت ذات يوم ولم تجد سوى الفراغ.كان زوجها”بوشعيب” يتهمها دوما بأنها السبب في الزلط وأن همها الوحيد هو الإنجاب حتى لايتزوج عليها.لم يكن يتذكر تضحياتها بعافيتها،وسهرها الليالي من أجل أن تحيك جلبابا يقيه من برد الشتاء،وقميصا تبيعه لتنفق على عيالها كلما عاد خاوي الوفاض من الموقف .لما تذكرته،بكت،وقالت:”لنا الله وحسب”.تلك الليلة كانت طويلة ممطرة ظلت تناجي ربها تضرعا ألا يُغرقَ غرفتها التي لاتملك سواها.كانت عيناها على السقف المهترئ الذي بدأ يقطر شيئا فشيئا.تضاعفت مياه الغيث،وهرعت إلى فلذات كبدها تحاول أن تحتضنهم،وتضمهم حماية لهم من أي قطرة ماء،مناها ألا يستيقظوا مذعورين.ظلت ساعات وهي بجانبهم كمن يقي أبناءه من الضواري التي تنهش لحمه،وينزف دمه،ويشتدألمه،ومع ذلك لايبالي. هي على استعداد لتموت بشرط أن يعيش الأبناء،فجأة توقفت السماء عن البكاء رأفة بالأم الصالحة،فسعدت كثيرا كأنما كتب لها عمر جديد،ودون أن يشعر بها الأبناء،انسربت مثل الماء،وشرعت تنظف المكان من البلل.ما أسعدها أكثر أن أبناءها كانوا يغطون في النوم.لم يتطلب إفراغ الغرفة من الماء وقتا طويلا،وجاء الفرج حينما أشرقت شمس دافئة جففت المكان كأن شيئا لم يكن،ساعتها تيقنت أن السماء تعاطفت معها،وأن في العمر بقية،فسجدت لله شكرا وثناء،وفجأة تسابق الأطفال نحوها يلثمونها،ويحتضنونها كأنهم كانوا في غيبة سفر
مواهب وابداعات
يحي زروقيمنذ سنتين
شكرا للاعلامية حياة جبروني على الدعم المتواصل وكل القائمين على جريدة الحياة.دام لكم عشق الحرف وابداع الشباب.