رسبريس – الأناضول
«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك».. تنساب هذه الكلمات بعد أيام قليلة بين الوافدين من جميع بقاع العالم لموسم حج (1444هــ/ 2023م)، والمقدرين بنحو مليوني حاج، وذلك في أول شروق كامل للحجاج بعد غروب جائحة كورونا، ووسط أكبر خطة استعدادات في تاريخ السعودية. الأناضول ترصد أبرز ملامح موسم الحج هذا العام، والذي يتفاءل به رئيس شؤون الحرمين الشريفين في السعودية الشيخ عبد الرحمن السديس، ويتوقع أن يكون «استثنائيا ومميزا وآمنا»، وفق مقابلة مع قناة الإخبارية (رسمية) قبل أيام.
وتترجم تلك الملامح، بين مبادرات وتطبيقات رقمية وأكبر مدينة للخيام والاستقبال الحافل وحشود من الموظفين والمتطوعين غير المسبوقة.
أول عودة كاملة للحجاج
وفي 19 الشهر الجاري، قال وزير الحج والعمرة توفيق الربيعة، في مقطع متلفز: «نرحّب بقدوم أكثر من مليونَي حاج من 160 دولة». وفي 9 يناير/ كانون الثاني الماضي أعلن الربيعة عودة أعداد وأعمار الحجّاج لما كانت عليه قبل جائحة كورونا التي انتشرت عام 2020. وشهدت البلاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مواسم حج استثنائية منذ انتشار كورونا، حيث فرضت قيودًا على أعداد الأشخاص وأعمار المسموح لهم بأداء الحج. وبلغ عدد الحجاج خلال الموسم الماضي 899 ألفًا و353 بينهم 779 ألفًا و919 من خارج البلاد، وهو أقل من السقف الأعلى لعدد الحجاج الذي كان مستهدفاً وقتها. فيما اقتصر موسم الحج لعام 2021 على مشاركة 60 ألفًا فقط من داخل السعودية، في ظل ضوابط صحية مشددة آنذاك جرّاء تفشي الوباء. إلا أن عام 2020 شهد موسمًا استثنائيًا للحج، إذ اقتصر عدد الحجاج آنذاك على نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنة بنحو 2.5 مليون في 2019 من كافة أرجاء العالم. في 1 الشهر الجاري، قال السديس في مؤتمر صحافي، إن موسم حج 1444 هجرية «يشهد أكبر خطة تشغيلية تعد الأكبر في تاريخ الرئاسة العامة لشؤون المجسد الحرام والمسجد النبوي». وأوضح أن تلك الخطة «نتاج عمل عام كامل من الإعداد والتخطيط والدراسات الدؤوبة»، مشيرا إلى أنه «تتواكب مع الإعلان عن استقبال أعداد مليونية من الحجاج، بعد انقشاع جائحة كورونا».
ويعمل في هذه الخطة وفق حديث السديس «كادر وظيفي هو الأعلى والأكبر في تاريخ رئاسة شؤون الحرمين». ويبلغ مجموع القوى العاملة في الحرمين الشريفين «14 ألف موظف وموظفة وعامل وعاملة، عبر 4 ورديات رئيسية».
ويضاف لذلك «توفير أكثر من 5 آلاف فرصة تطوعية في الحرمين الشريفين في 51 مجالات تطوعية، واستهداف تحقيق أكثر من 400 ألف ساعة تطوعية خلال موسم الحج»، وفق السديس.
3 لغات عالمية
تقدم رئاسة الحرمين خدمات الترجمة والإرشاد المكاني وإجابة السائلين عبر 51 لغة عالمية من خلال 49 نقطة موزعة بالمسجد الحرام، و23 نقطة لإجابة السائلين في المسجد النبوي. في هذا الصدد، قامت إدارة شؤون إرشاد السائلين (رسمية) بتوفير جهاز الروبوت التوجيهي للحجاج في المداخل الرئيسية من صحن المطاف، ويدعم الروبوت 11 لغة وهي: (العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، الفارسية، التركية، الملاوية، الأوردو، الصينية، البنغالية، الهوسا). «طريق مكة» إحدى مبادرات وزارة الداخلية السعودية، والتي تهدف إلى إنهاء إجراءات ضيوف الرحمن من بلدانهم، بدءا من إصدار التأشيرة إلكترونيا انتهاء لإيصالهم إلى مقار إقامتهم بمسارات مخصصة في وقت قياسي تسهيلا على الحجاج. واستضافت المبادرة الحجاج الأتراك لأول مرة هذا العام، وسط ترحاب كبير. ومنذ 5 أعوام، تطبق مبادرة «طريق مكة» لتسهيل عبور الحجاج إلى السعودية في 5 دول هي المغرب وإندونيسيا وماليزيا وباكستان وبنغلاديش، وللمرة الأولى يتم تطبيقها هذا العام في كل من تركيا وكوت ديفوار.
أكبر خيام في العالم
وفق تصريحات وزير الحج توفيق الربيعة، في 19 يونيو الجاري، «سخّرت السعودية منظومة متطورة من الخِدمات والتجهيزات الصحية والأمنية والمدنية وبقدرات سعودية متميزة، وذلك في جميع المشاعر، وخصوصًا في مشعر منى». وأوضح أنها «تعد أكبر مدينة خيام في العالم، حيث تبلغ مساحة إسكان الحجاج فيها 2,192,000 متر مربع»، على مساحة 20 بالمئة من مساحة مشعر منى. ووفق تقرير سابق لوكالة الأنباء السعودية الرسمية، نشر في يوليو/ تموز 2022، تعد خيام مشعر منى «خيام مطورة مصنوعة من الأنسجة الزجاجية المغطاة بمادة مقاومة للحرارة العالية والاشتعال». وتضم الخيام المذكورة 30 ألف رشاش لمكافحة الحرائق، وأكثر من 3 آلاف كاميرا مراقبة، وأكثر من 12 ألف سماعة للإرشاد والتنبيه وأكثر من 15 ألف وحدة تكييف وتهوية. وفي إطار تنمية الغطاء النباتي للمشاعر المقدسة، وتحسين جودة الهواء لضيوف الرحمن، أشار وزير الحج السعودي إلى تكثيف أعمال التشجير في مناطق النسك لتصل إلى «130 ألف شجرة». وذكر الربيعة أن «قطار المشاعر المقدسة الكهربائي الصديق للبيئة في مقدمة تلك المنظومة، إذ يتكون من 17 قطارًا موزعة على 9 محطات بطاقة تشغيلية تقدر بـ 72 ألف راكب في الساعة، بالإضافة إلى وجود حافلات النقل الترددي التي يتجاوز عددها 24 ألف حافلة».
وحرصاً على خدمة كبار السن وذوي الإعاقة، قامت رئاسة شؤون الحرمين، بزيادة عدد العربات لتصل إلى «9 آلاف عربة تعمل على مدار الساعة»، ويمكن حجزها مسبقاً عبر تطبيق «تنقل» حيث يصل الحاج، ويجد العربة في انتظاره. وهيأت رئاسة شؤون الحرمين «أكثر من 14 خدمة إلكترونية، منها تطبيق تنقل، وتطبيق لوامع الأذكار، والمصحف الشريف» لفائدة ضيوف الرحمن. ومن هذه التطبيقات أيضا تطبيق «تروية» ويتيح معرفة مواقع خدمات المياه خاصة ماء زمزم وتقديم البلاغات ومتابعتها بـ 7 لغات مختلفة (العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الإندونيسية، الفارسية، التركية، الأردو)، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية. بجانب «حزمة الحاج الرقمية» التي أطلقتها وكالة الشؤون التقنية والتحولات الرقمية برئاسة شؤون الحرمين، في 19 يونيو الجاري. وتوفر تلك الحزمة، العديد من المنصات والتطبيقات تحت منصة واحدة تخدم جميع حجاج وزوار قاصدي الحرمين، ومن أبرزها: خدمات الفتاوى وإرشاد السائلين والمقترحات والإرشادات. وأعلنت رئاسة شؤون الحرمين عزمها «توزيع 40 مليون لتر من ماء زمزم المبارك في الحرمين الشريفين».
ويتم التوزيع عبر أكثر من 30 ألف نقطة توزيع بالحرمين، وأكثر من مليوني عبوة ماء زمزم توزع يومياً. ومنذ لحظة وصول الحجاج للمملكة، يوفر برنامج «ريادة ووفادة» ومبادرة «حفاوة» استقبالا حافلا لضيوف الرحمن عبر «الهدايا في المراكز التوعوية وإرشادهم»، حسب بيانات رئاسة شؤون الحرمين.