في قصة أغرب من الخيال، عُثر في إحدى البلديات الجزائرية على شاب يدعى “عمر” مختفٍ منذ أكثر من عشرين سنة، تبين أنه مختطف في قبو داخل بيت جاره، في ظروف مأساوية تعيد إلى الأذهان قصة النمساوية إليزابيث فريتزل.
ونشرت مواقع وصفحات على فيسبوك، فيديو يظهر لحظة العثور على الشاب الذي تحول إلى كهل (اختفى وعمره 19 عاما) وإخراجه من داخل قبو في ما يشبه الإسطبل وسط تبن الحيوانات. وقد تجمع المئات من جيران هذا الشخص والفضوليين، في بلدية القديد الواقعة في ولاية الجلفة (على بعد 300 كلم جنوب الجزائر العاصمة) لمتابعة المشهد على المباشر، والذهول يسيطر على ملامحهم.
ونقلت جريدة “الخبر” أن هذا الفتى اختفى في ظروف غامضة مع نهاية تسعينات القرن الماضي وهو على عتبة العشرين عاما. وقد تم البحث عنه حينها وشاعت أخبار أنه قتل بفعل الظروف الأمنية التي كانت تشهدها الجزائر، ومضت السنين ونُسي الشاب حتى أن والدته توفيت وقلبها يتقطع حسرة على مصيره.
وفي الأيام الأخيرة، وفق نفس المصدر، عادت القصة للواجهة لتكون حديث الشارع ببلدية القديد بعد ظهور منشور على صفحات التواصل الاجتماعي من شخص مقرب من مختطفه، يؤكد أن الشاب المختفي ” ب. عمر” على قيد الحياة وبصحة جيدة، وأنه يعيش ببلديته ولم يخرج إلى بلدية أو ولاية أخرى، وأنه لا يخرج إلى الشارع بل إنه يعيش قريبا من منزل أسرته، لأن من أخفاه هو شخص على عتبة الستين عاما اليوم، وأن هذا الشخص موظف ويعيش بمفرده في بيته لم يتزوج ويمشي وحيدا وقد أخفاه طيلة هذه المدة.
وأضافت الصحيفة أنه حين راجت هذه الأخبار بدأت أسرته في البحث عنه، وبدأت تستحضر بعض الأدلة حين غاب منذ سنوات، حيث كان للضحية كلب يرافقه دائما، ظل ملتصقا بالبيت الذي تم احتجازه فيه طيلة هذه المدة طويلة لأنه كان يشم رائحة صاحبه وفجأة اختفى الكلب هو الآخر.
وتابعت تقول: “بدأت رحلة البحث من طرف أقاربه الذين اقتحموا بيت المختطِف وهو بوسط مدينة القديد، ليجدوا الضحية وسط دار معبأة بمادة التبن واستخرجوه وتدخلت مصالح الدرك الوطني لبلدية القديد، حيث قاموا بتوقيف المختطِف، وفي ذات الوقت تم حمل الضحية لمباشرة إجراءات صحية وأمنية واستكمال التحقيق في قضية غاب فيها “عمر” فتى، وعثر عليه كهلا، فهو من مواليد سنة 1979 واكتشف السكان والأقارب أنهم كانوا يبحثون عن الفتى الغائب في أماكن بعيدة وهو في قلب المدينة وغير بعيد عن مسكن عائلته”.
من جهتها نقلت وسائل إعلام محلية أخرى بعدها عن أقارب عمر أنه اختفى بعد أن غادر قريته متوجهاً إلى وسط مدينة الجلفة، فقاموا بالبحث عنه ونشروا صوره في التلفزيون لكن من دون جدوى.
وأضافت أن عمر ذكر انه كان يسمع أقاربه ويراهم من فتحة صغيرة في الاصطبل، كما علم بوفاة أمه أثناء غيابه “لكنه لم يكن يستطيع أن يصرخ أو يهرب بسبب السحر (لكن) عقدته انفكت بمجرد الابتعاد عن منزل الشخص الذي كان يحتجزه”.
وذكرت أن المتهم الذي يعمل حارسا في البلدية، كان يمارس حياته بشكل طبيعي.
وقد أصدر مجلس قضاء مدينة الجلفة بعدها بيانا بشان القضية.
وأعلم النائب العام لدى مجلس قضاء الجلفة، الرأي العام، أنه “بتاريخ 12 أيار/ مايو 2024 في حدود الساعة الثامنة مساء 2000 تلقت مصالح الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالقديد شكوى المدعو (ب.ل) ضد شخص مجهول. “
وأضاف البيان “وعلى أساس التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، بأن شقيق الشاكي المدعو (ب.ع) المفقود منذ قرابة 30 سنة متواجد في منزل جارهم المدعو (ع.ب) ببلدية القديد داخل زريبة أغنام”.
وإثر البلاغ أمر وكيل الجمهورية مصالح الدرك الوطني بفتح تحقيق معمق، وانتقال عناصر الضبطية القضائية إلى المنزل المذكور، وتم العثور على الشخص المفقود المدعو (ب.ع) وتوقيف المشتبه فيه مالك المسكن (61 عاما).
وأردف ذات المصدر “أمرت النيابة العامة المصالح المختصة بالتكفل الطبي والنفسي بالضحية مع تقديم المشتبه فيه أمام النيابة فور انتهاء التحقيق. وسيتم متابعة مرتكب هذه الجريمة النكراء بكل الصرامة التي تقتضيها قوانين الجمهورية.”
ولاقت هذه القصة التي تشبه سيناريو فيلم هوليوودي، تفاعلا واسعا على مواقع التواصل، حيث تم تداول صور الرجل قبل وبعد الاختفاء وكيف تلاعب الزمن بملامحه. كما تساءل البعض عن سلامته العقلية وهو مغيب كل هذه السنوات، وعن الظروف التي قضى فيها كل هذه المدة، وكيف كان يأكل ويشرب وينام وغيرها من الأسئلة المحيرة حول صمود هذا الشخص.
وأحال البعض ما حدث في الجزائر، إلى قصة النمساوية الشهيرة إليزابيت فريتزل التي احتجزها والدها لمدة 24 عاما في مكان سري بقبو منزل العائلة، وتعرضت للضرب والاغتصاب وتكشفت قصتها سنة 2008.
المصدر: القدس العربي