- مصطفى قشنني
أصدر المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين، بلاغا، يوم 15 يناير 2025، أدان فيه مساندة الإتحاد العام للصحافيين العرب، “لوحدة التراب المغربي، في مواجهة مؤامرة الانفصال المدعومة خارجيا”، وإعلانه “دعمه لمشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية الوطنية على كافة التراب المغربي”. وقد ورد تأييد الاتحاد لمغربية الصحراء، في بيان نشره، عقب اجتماعه في دبي ما بين 12 و14 يناير 2025.
غير أن المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين، كانت له رؤية معاكسة، لموقف الإتحاد الذي يضم التنظيمات النقابية والمهنية للصحافيين في مختلف الأقطار العربية، وبالتالي فإن هذا الموقف مبني على قناعة راسخة لذى الإتحاد، أساسها الإنتصار للحق المغربي الغير قبل للتجزيء أو الإلتفاف عليه، خاصة وأن الإتحاد ليس إطارا قاصر الرؤية لكي يفرض عليه المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين توجهاته ومواقفه، التي تعاكس الوحدة الترابية للمملكة، علما أن هذا المجلس أصبح يتحرك ليصدر مواقفه النشاز منذ أمد بعيد وفق املاءات من الدولة الجزائرية المناوئة للحق التاريخي للمغرب في صحرائه، والذي ينبع من عقيدة و ارثوذوكس لا تفاوض ولا رجعة فيه، وإلا فلماذا يُصاب هذا الذرع السلطوي العسكراتي المسمى : المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين بصدمة وهلع وفزع جراء هذا الموقف المعبّر عنه من قبل الإتحاد العام للصحافيين العرب، فحاول – من خلال بلاغه البئيس – معاكسة التيار الإقليمي والدولي الجارف لتأييد مشروع الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية، كحل لهذا النزاع المفتعل – من قبل جار قدّم المغرب من أجله الغالي والنفيس من اجل نيل تحرّره واستقلاله -، متهما الإتحاد ، بأنه لم يحترم “المبادئ التي تقتضي الحياد والاستقلالية في التعامل مع القضايا الوطنية والدولية”. واعتبر أنه كان عليه أن “يتجنب التورط في مواقف سياسية تخدم أجندات تضرب مصداقية العمل الصحفي وتمس بتماسك الصف العربي ووحدته”.
علما أن مواقف هذا الإتحاد ، منذ أن تأسس قبل ما يناهز الستة عقود، أقر في دستوره أهدافا أساسية لا محيد عنها، من أهمها النضال لتحرير الوطن العربي من كل تدخل أجنبي أو نفوذ استعماري، وتجميع جهود الصحافيين العرب في اتحاد عام يكون قوة شعبية جماهيرية، لتحرير الوطن العربي تحريراً شاملاً كاملاً.
لذلك فإن الموقف المؤيد لمغربية الصحراء، جاء انسجاما مع مواقف الاتحاد، الذي ناهض دائما المشروع الجزائري، الداعم للانفصال في الصحراء المغربية، لأن الاتحاد يقف ضد تجزئة وتقسيم البلدان العربية، ويعتبر أن من واجبه دعم كل الجهود والنضالات التي تخوضها الشعوب من أجل وحدة الأوطان ونبذ الكيانات الوهمية والمصطنعة. وفي هذا السياق طالب البيان الصادر في دبي يوم 14 يناير 2025، بصيانة وحدة السودان وسوريا وليبيا.
من جانبها اعتبرت اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر في المغرب (المجلس الوطني للصحافة) أن موقف المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين، ليس سوى محاولة لإعادة إنتاج المشروع الاستعماري، الذي تصدت له الشعوب العربية، وواجهها الشعب والدولة في المغرب، في ملحمة متواصلة من أجل استكمال الوحدة الترابية، التي تعرضت للتمزيق على يد الاستعمار، وهو المشروع الذي مازالت تقوده الدولة الجزائرية، التي تنفذ مخططا استعماريا، أخذ يترنح بفضل صمود المغرب.
وذكرت اللجنة، أنه في سياق التصدي لهذا المخطط الاستعماري، أن حق تقرير المصير للشعوب يشمل حمايتها لوحدتها الترابية، كمبدإ كوني، ينسجم مع المكتسبات التي حققتها الإنسانية، في نضالها من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية والتحرر، وهي المبادئ التي تناهض التدخل الأجنبي وخلق الكيانات المصطنعة، وزرع الفتن والحروب، وافتعال الصراعات والشقاق بين الشعوب.
إن عزلة المشروع الجزائري على مختلف الأصعدة، و التأييد الدولي المتواصل لمقترح الحكم الذاتي، في ظل السيادة المغربية، خاصة من قبل الدول العظمى (الولايات المتحدة الأمريكية اسبانيا وفرنسا …) يُؤكد أن بلاغ المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين، ليس سوى الموقف الشاذ و الإصطفاف النشاز المكرّس للانعزال التام، الذي يعيشه “النظام” الجزائري، الذي يحن إلى زمن الحرب الباردة وإملاءات “الأخ الأكبر” وتصريف المواقف المزدوجة التي تدعو إلى مواصلة سياسة التجزئة والتقسيم المبني على أوهام ايديولوجية الهيمنة والتفوق المزعوم، وفرملة وتلغيم كل شكل من اشكال الوحدة والتكامل والاندماج بين شعوب المنطقة التي بالقدر الذي يجمعها المصير المشترك فهي تتوقُ إلى المستقبل الرحب و الأفق الأفضل بعيدا عن منطق الزعيق ونفيرالسعار..