أصدر القضاء السعودي حكما بالسجن 20 عاما بحق المدير السابق للأمن العام لإدانته في قضية فساد أدت لإقالته من منصبه في 2021، وفق ما أعلن الإعلام الرسمي الجمعة.
وهذا يعتبر أول وأكبر حكم ضمن حملة أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لملاحقة كبار الفاسدين حين أعلن قبل سنوات أنه لن يفلت من العقاب كبير أو صغير، وزير أو أمير تثبت إدانته في قضايا فساد.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) نقلا عن بيان للوزارة أنّه صدر بحق “الفريق أول خالد بن قرار الحربي حكم نهائي يقضي بثبوت إدانته بما نسب إليه من جريمة الرشوة وجريمة التزوير ومعاقبته لقاء ذلك كله بسجنه لمدة عشر سنوات وتغريمه مبلغا وقدره مليون ريال سعودي (266.6 ألف دولار).
وأدين الحربي بـ”استغلال نفوذ الوظيفة لمصلحة شخصية وجريمة استغلال العقود الحكومية وجريمة اختلاس المال العام وعُوقب لقاء ذلك كله بسجنه لمدة عشر سنوات”، مع إلزامه برد مبالغ تتجاوز 13 مليون ريال (3.46 ملايين دولار).
وتولّى الحربي قيادة الأمن العام منذ ديسمبر 2018، وشغل قبلها منصب مدير قوات الطوارئ الخاصة لعامين، على ما ذكر الإعلام المحلي.
وتتبع مؤسسة الأمن العام السعودي وزارة الداخلية وهي مكلفة بمهمة الحفاظ على النظام ومكافحة الإرهاب وحماية المقدسات وتأمين سلامة الحجاج.
وواجهت المملكة التي تحتل المرتبة 52 من 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية، عقودا من الكسب غير المشروع وممارسة “الواسطة” أو المحسوبية.
ومنذ توليه منصبه في 2017، شنّ ولي العهد السعودي حملة واسعة لمكافحة الفساد تضمنت احتجاز عشرات من الأمراء ورجال الأعمال والسياسيين في فندق “ريتز كارلتون”.
وتبعتها حملة أخرى شهدت توقيف مسؤولين عسكريين كبار بالإضافة إلى موظفين بيروقراطيين صغار.
وخصصت السلطات رقم هاتفي مجاني من أجل الإبلاغ عن أي شبهات فساد، فيما تنتشر في الشوارع لافتات تحض المواطنين على التجاوب مع الهيئة المسماة “نزاهة”. وهي تعلن باستمرار توقيف مسؤولين في قضايا فساد في مختلف القطاعات الحكومية.
والحكم بحق الحربي يشكل في توقيته رسالة تحذير لكل مسؤول في منصبه تسول له نفسه العبث بالمال العام، وهو ما يعكس صرامة وحزما في مواجهة الفاسدين.
وفي مايو الماضي أوقفت السلطات السعودية 166 شخصا بتهمة الفساد ينتمون لسبع جهات حكومية بينهم من وزارات الداخلية والدفاع والعدل وفق ما أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية “نزاهة” في ظل جهود تبذلها المملكة لمواجهة الظاهرة وتكريس الشفافية في المؤسسات.
وأوضحت الهيئة حينها “أنها باشرت اختصاصاتها ومهامها من خلال عمل 1790 جولة رقابية، والتحقيق مع 268 مشتبه به من ضمنهم موظفون من وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني والعدل والصحة والشؤون البلدية والقروية والإسكان والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.”
وشددت على أنها أوقفت 166 مواطنا ومقيما، وفقا لنظام الإجراءات الجزائية منهم من أطلق سراحه بالكفالة الضامنة، لتورطهم بتهم الرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي والتزوير وغسل الأموال، موضحة أنه “جار استكمال الإجراءات النظامية تمهيدا لإحالتهم للقضاء”.
وفي العام 2023 أوقفت السلطات 142 متهما بالفساد في تسع وزارات بينهم الداخلية، والدفاع والحرس الوطني والطاقة.
وفي نهاية العام 2020 تم الكشف عن قضية فساد كبرى في وزارة الدفاع تورط فيها عدد من الضباط والموظفين المدنيين بتعاملات مالية مشبوهة بنحو 328 مليون دولار.
وفي سبتمبرمن العام ذاته أعلنت الرياض، إقالة قائد القوات المشتركة فهد بن تركي بن عبدالعزيز وأمير منطقة الجوف عبدالعزيز بن فهد بن تركي وإحالتهما للتحقيق في واقعة “فساد” في وزارة الدفاع.
وفي مارس 2018، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمرا ملكيا بالموافقة على إحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العام وذلك “في إطار مكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله والمحافظة على المال العام”.
ومثل احتجاز العشرات من أفراد النخبة الاقتصادية والسياسية السعودية في 2017 من بينهم أمراء ووزراء ورجال أعمال في فندق ريتز كارلتون الرياض أبرز خطوة في حملة الدولة على الفساد.
ورغم أن الديوان الملكي أكد في 2020 انه وضع نهاية للحملة بعد مرور 15 شهرا، لكن السلطات قالت بعد ذلك إنها ستبدأ في ملاحقة فساد موظفي الدولة وهو ما يحصل بالفعل.