عاد ملف ارتفاع أسعار المحروقات وتداعياته على محطات التوزيع إلى الواجهة من جديد في المغرب بعد أن أعلنت الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود عن إضراب وطني شامل بجميع المحطات، داعية الحكومة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات والانكباب على حل المشاكل العالقة.
وبعد أن سجلت أسعار المحروقات أعلى مستوى لها ببلوغ سعر البنزين 15.42 درهما (حوالي 1.5 دولار) في محطات التوزيع تقول صحيفة”العرب”، اتهمت الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود الحكومة بالاستمرار في تجاهل وإغلاق باب الحوار أمام المهنيين وإقصائهم وعدم إشراكهم في مخرجات هذه الأزمة.
وبررت الجامعة تلويحها بورقة الإضراب الشامل بغياب التواصل الحكومي وغلق باب الحوار والخوف من التوقف عن العمل والشلل الذي قد يصيب المحطات.
وانتقدت المعارضة بمجلس النواب يوم الاثنين غياب أعضاء الحكومة عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان الدائمة بمجلس النواب، ما اعتبرته هروبا للحكومة من مناقشة مستفيضة للملفات الشائكة من بينها المحروقات والتي تؤثر على كل فئات المجتمع.
وأوضح رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إدريس السنتيسي الاثنين أنه كان بإمكان وزيرة الاقتصاد والمالية الحضور إلى البرلمان والمشاركة في اجتماع لجنة المالية لتنوير الرأي العام والكشف عن الحلول الواجب اتخاذها لمواجهة غلاء الأسعار.
وسجلت الجامعة بقلق واستغراب استمرار إغلاق الوزيرة الوصية على القطاع باب الحوار، لاسيما في ما يرتبط بإخراج النصوص التنظيمية المتعلقة بتطبيق قانون المحروقات.
وبرمج مجلس النواب جلسة الأربعاء المقبل بحضور الوزيرة ليلى بنعلي المسؤولة عن قطاع المحروقات وستخصص لدراسة أسباب ارتفاع أسعار المحروقات والتدابير المتخذة لتفادي تأثيرها على القدرة الشرائية للمواطن.
وانتقد بوعزة خراطي رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك استمرار ارتفاع أسعار المحروقات على الرغم من انخفاضها في السوق الدولية، مطالبا بتدخل الحكومة للحد من موجة الزيادات وذلك باللجوء إلى القانون وهو يمنحها الحق في مراقبة الأسعار وتحديد السعر لمدة 6 أشهر في انتظار تغيرات السوق.
وأكدت الجامعة الوطنية لتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب أن الزيادات التي تعرفها أسعار المحروقات لا علاقة لها بالمحطات وأن هذه الأخيرة متضررة على غرار المواطنين.
وتنكبّ وزارة النقل واللوجستيك على إعداد مشروع قانون يتعلق بـ”مقايسة” معاليم النقل الطرقي وأسعار المحروقات، من أجل تمكين مهنيي النقل من مواكبة تقلبات أسعار المحروقات. ويعني نظام “المقايسة” أن أسعار وتعريفة النقل ستزداد تلقائيا كلما فاق سعر اللتر من الديزل مبلغا معينا.
ودعا رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب رشيد حموني الحكومة إلى التحلي بالجرأة السياسية اللازمة وفرض تقليص هوامش الربح على شركات المحروقات، لافتا إلى أنه بهذه “القرارات تزيد الحكومة في تعميق الجراح الاجتماعية، وتصب الزيت على النار، وتعمل على إثقال كاهل عموم المواطنات والمواطنين، من خلال الشرعنة القانونية للزيادات في أسعار النقل، وذلك فقط من أجل إرضاء فئة أرباب الشركات الكبرى للنقل”.
وتم في عهد رئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بنكيران تحرير أسعار المحروقات دون أن يرافق القرار إحداث هيئة للمراقبة والتدخل في حال وجود تجاوزات، وبحسب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، فإنه أنه لا بد من إحداث هيئة لمراقبة أي قطاع يتم تحريره.
وأشار خراطي إلى أنه من بين الحلول المقترحة للتحكم في الأسعار خفض الضريبة على منتجات المحروقات، والتخفيض في الضريبة التي تقتطعها الحكومة من المحروقات والمقدرة بـ45 في المئة وهي نسبة مرتفعة جدا.
وأكدت الجامعة في بلاغ عزمها “مراسلة مجلس المنافسة من أجل التدخل لحماية المهنيين والقدرة الشرائية للمواطنين، ومطالبة وزارة الاقتصاد والمالية بإعفاء المهنيين من الحد الأدنى للضريبة الذي يتم احتسابه وفق رقم المعاملات ويرتفع في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، رغم أن هامش الربح ثابت سواء ارتفعت أسعار المحروقات أو انخفضت”.
وكشف مرصد العمل الحكومي التابع لمركز الحياة لتنمية المجتمع المدني في ورقة حول الزيادات في أسعار المحروقات خلال شهر أبريل الجاري في المغرب أنها تحمل بصمات دولية واضحة، مشددا على أن هذا لا يعني أن مجموعة من الإجراءات والتدابير المتخذة في في ما يخص قطاع المحروقات لم تُساهم أيضا في استفحال هذه الأزمة، وتزيد من وقع الزيادة في أسعار المحروقات.
ودعا المرصد الحكومة المغربية إلى مواصلة دعم المهنيين عن طريق الوقود المهني، وتعزيز آليات المراقبة وتمكين الفاعلين الحقيقيين من الوصول إلى الدعم، وتسهيل ولوج أرباب محطات الوقود إلى التمويلات البنكية ومساعدتهم على مواصلة تموين السوق من الاحتياجات من المواد البترولية، ومراجعة أو تجميد الضرائب المطبقة على المحروقات لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر في أفق استقرار أسعار المحروقات على المستوى الدولي.
وأكد رشيد حموني أنهم اقترحوا حلا للتخفيف من وطأة الأزمة على المغاربة باتخاذ الحكومة إجراءات ممكنة مثل التخفيض في مختلف الضرائب المفروضة على استهلاك المحروقات، والعمل على إعادة تشغيل شركة “لا سامير” بالنظر إلى دورها الاستراتيجي في الأمن الطاقي الوطني، بالإضافة إلى استعمال العائدات الإضافية التي توفرت للميزانية العامة خلال فترة الأزمة في دعم هذه الأسعار.