رسبريس – العرب اللندنية
تكشف منظمات حقوقية دولية وإقليمية عن انتهاكات مفزعة بحق الصحراويين المحتجزين في مخيم تندوف الواقع تحت سلطة الجزائر وتديره جبهة البوليساريو الانفصالية، في ما يمكن تسميته بالأزمة المنسية بفعل تركيز الجهود الأممية على النزاع المفتعل في الصحراء المغربية واقتصار دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على تقديم معونات وتمويلات إنسانية معظمها انتهت إلى جيوب قادة الصف الأول في الجبهة الانفصالية ومعاونيهم الذين يديرون المخيم بالحديد والنار.
المنظمة الإفريقية لمراقبة حقوق الإنسان (أفريكا ووتش) أعدت في الفترة الأخيرة تقريرا سلطت فيه الضوء على انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية من بينها تعرض صحراويين مناوئين لسياسات البوليساريو، للإخفاء القسري والتعذيب والتجويع والاغتصاب والقتل.
ونددت المنظمة في تقرير أرسلته إلى جوشوا هاريس، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركي المكلف بشمال إفريقيا، بوضع صعب يواجهه الصحراويون بعيدا عن أعين العالم ووسط حصار مطبق على المخيم وتضييق الخناق على النشطاء الذين سبق أن تعرضوا للاعتقال والمراقبة المستمرة لترهيبهم وتكميم أفواههم.
وبحسب ما نشرته المنظمة على موقعها الالكتروني وحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي فإن التقرير الذي رفعته إلى هاريس جاء عقب الزيارة التي قام بها لمخيم تندوف من أجل إعادة تنشيط المفاوضات حول النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
وشمل التقرير رصدا لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية والوضع الإنساني للمحتجزين تحت حراب البوليساريو في المخيم سيء الذكر، منددة بالانتهاكات ضد السكان الصحراويين في تندوف.
واستنكرت الانتهاكات المختلفة التي يتعرض لها الصحراويون في مخيمات هذه المنطقة الجزائرية خارج أي حماية دولية، بسبب افتقارهم إلى صفة لاجئ قانوني بسبب عدم إحصائهم وتسجيلهم منذ إنشاء تلك المستوطنات عام 1975 والتي تتخذها الجبهة الانفصالية ورقة لاستقطاب دعم دولي لطروحاتها وتسويق مظلومية باتت مفضوحة وابتزاز مالي بعنوان إعاشة سكان المخيمات وتوفير احتياجاتهم.
وسلطت منظمة ‘أفريكا ووتش’ الضوء على ما أكدت أنها “انتهاكات جسيمة يجري ارتكابها داخل وحول المخيمات من قبل قيادات جبهة البوليساريو وعناصر الجيش الجزائري المتمركزين بمنطقة تندوف، فضلا عن القمع والمضايقات والمظاهرات الاستعبادية التي تتعرض لها النساء ومحاولات إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في المخيمات”.
وأوضحت أن الجبهة الانفصالية وأجهزة الأمن الجزائري ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان منذ أن تم إنشاء مخيمات تندوف في جنوب غرب الجزائر، منبهة إلى أن هذه الانتهاكات مرتبطة بالمواقف داخل المخيم من النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
وشددت المنظمة الحقوقية غير الحكومية على أنه لا يمكن النظر لهذه الانتهاكات الخطيرة بمعزل عن السياق العام في الدولة المضيفة والحاضنة لجبهة البوليساريو، ما يؤكد مرة أخرى تورط الجزائر على مستوى الدولة في تلك الانتهاكات.
أفريكا ووتش قالت أيضا إن جبهة البوليساريو تواصل ارتكاب عمليات إعدام خارج نطاق القوانين والأعراف الدولية لأسباب عرقية أو على الهوية وأن سجلها حافل بمثل هذه الجرائم منذ إنشاء المخيمات في تندوف على الأراضي الجزائرية وتحويلها إلى معسكرات ومراكز احتجاز.
وبقدر ما يدين التقرير الحقوقي عصابات البوليساريو بقدر ما يدين النظام الجزائري بصفته راع وحاضن لتلك العصابات وباعتبار مشاركة أجهزته في انتهاكات قدر ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
سجون سرية وتهم كيدية
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن البوليساريو تقيم سجونا سرية وأن ضحاياها يتعرضون لفترات اعتقال طويلة وأنه تشير إليهم باعتبارهم خونة وعملاء، لكن اللافت أن كل الانتهاكات الجسيمة بعلم أو بتورط من الجهات الجزائرية الرسمية.
وأوضحت أنه ووفقا لعدة شهادات ورغم تحديد الجلادين بالأسماء ومراكز الاحتجاز في السجون السرية وشهادات ناجين، ترفض الدولة الجزائرية تقديم أي معلومات حول عمليات إعدام تتم خارج نطاق القانون.
وقالت إن “الأعمال خارج نطاق القانون التي ترتكبها أجهزة الأمن الجزائرية أو جبهة البوليساريو ضد الصحراويين المعزولين، الذين اكتفوا بانتقاد أفكار البوليساريو وطريقة إدارة المخيمات أو الذين طالبوا بحقوقهم بموجب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة”.
وعددت المنظمة الانتهاكات في المخيم، من بينها “تكرار حوادث الاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بإجراءات موجزة والقتل لأسباب تتعلق بالهوية والتعذيب في مراكز الاحتجاز وغيرها من الأعمال اللاإنسانية والمهينة أثناء الاحتجاز”.
وأبرز التقرير أن عددا من الشباب الصحراوي تعرضوا لإطلاق النار من قبل عناصر من الجيش الجزائري على الحدود الجزائرية الموريتانية وبالقرب من مخيمات تندوف.
وكشفت أيضا عن تعرض صحراويين للقتل رميا بالرصاص من قبل الجيش والدرك الجزائريين في حوادث متكررة وخلال فترات متقاربة وأن تلك الجرائم تمر في صمت ودون عقاب.
وسلط التقرير أيضا الضوء على تعرض منشقين وناشطين صحراويين في المخيم للاستجواب والتعذيب في مراكز اعتقال قريبة من المعسكرات بسبب اراء مخالفة لسياسات البوليساريو، مشيرا إلى أن سياسة القتل والتعذيب تهدف في النهاية لترهيب كل من تسول له نفسه مخالفة طروحات الجبهة الانفصالية وحاضنته في ما يخص حل النزاع في الصحراء المغربية.
وقالت المنظمة كذلك إن تلك المآسي تتكرر بما فيها قتل من يرفض الصمت ومن يطالب بمزيد من الحريات، موضحة ان ضحايا التعذيب والانتهاكات الجسيمة لا يتمكنون من انتقاد وضعهم الإنساني أو المطالبة بتدخل دولي لحمايتهم من جرائم الاغتصاب والاعتقال والتعذيب من قبل عناصر في أجهزة الأمن الجزائرية وعصابات البوليساريو.