أبدت صناعة مستحضرات التجميل بالمغرب آفاقا واعدة نظرا إلى نسق تطور السوق والنمو الديموغرافي، وتعزيز آليات التوزيع الحديثة والمؤهلات القوية في مجال التصدير، ما حفز المهنيين على مضاعفة معاملات القطاع.
ويقول مراقبون إن المزايا التنافسية القوية لهذه المستحضرات، مثل زيت الأركان وزيت التين الشوكي والنباتات العطرية والطبية والزيوت الأساسية تدعم زخم القطاع الذي بات يتيح فرصا استثمارية حقيقية ويعد بآفاق نمو جيدة.
وأصبحت بعض المستحضرات كالشامبو والواقي الشمسي ومستحضرات التجميل والعلاجات المضادة لشيخوخة البشرة، تحظى بإقبال واسع من شريحة كبيرة من المغاربة، مدفوعا بنسق الإعلانات.
وفي هذا الإطار، قال الأمين العام لفيدرالية الكيمياء وشبه الكيمياء عبد الرحمن الزغراري في تصريحات صحافية، إن “حجم سوق مستحضرات التجميل بالمغرب يقدر بحوالي 8 مليارات درهم، حسب بعض الدراسات، مما يجعله قطاعا كيميائيا مهما يحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة في هذا المجال”.
وتابع أن الأمر يتعلق بـ”قطاع ديناميكي يزخر بإمكانات نمو قوية”، مضيفا أن هذه الديناميكية ليست مرتبطة بالاستهلاك فحسب، ولكن أيضا بالعرض الذي تقدمه الشركات والمنتجات المحلية.
وسجل كذلك أن القطاع يتكون من شركات صغيرة مثل التعاونيات، ومن مؤسسات وطنية متوسطة وشركات كبرى متعددة الجنسيات.
ولا تزال العلامات التجارية الأجنبية الكبرى راسخة بقوة في ذاكرة المستهلك المغربي، حيث تهيمن على السوق المغربية. وتنعكس هذه الهيمنة على رقم المعاملات الذي تحققه بشكل أساسي المجموعات الدولية الكبرى أمام مساهمة ضعيفة للمنتجين المحليين.
وفي هذا الإطار أكد الزغراري، وهو أيضا مدير لإحدى الشركات المتخصصة في مستحضرات التجميل بالدار البيضاء، أن “الأمور تغيرت اليوم لصالح العرض المحلي، حيث تتراوح هذه النسبة ما بين 60 و70 في المئة، وبالتالي تراجعت الهيمنة لصالح العلامات التجارية الوطنية”.
وأوضح أنه “قبل 20 عاما، كانت نسبة الهيمنة الأجنبية تبلغ 90 في المئة مقابل 10 في المئة للمنتج المحلي. وصلنا اليوم إلى نسبة 65 في المئة مقابل 35 في المئة. وإذا استمرت هذه النتائج وتعززت المواكبة، فيمكننا عكس الاتجاه”.
وأضاف أنه “في السابق، كانت الشركات الوطنية المتخصصة في مستحضرات التجميل قليلة وكانت تصدر القليل فقط من منتجاتها. حاليا، يوجد حوالي 200 شركة، عدد مهم منها يوجه الإنتاج نحو التصدير”.
وأكد الزغراري على أهمية دعم المقاولات والمستثمرين الوطنيين ومساعدتهم على التطور لأنهم ينتجون في المغرب ويصدرون جزءا من منتجاتهم، في وقت يأتي فيه الجزء الأكبر من العرض من العلامات التجارية العالمية عن طريق الاستيراد.
ومن جهة أخرى، أشار إلى أن الهاجس الأكبر حاليا في مجال إنتاج مستحضرات التجميل في العالم هو التوجه العام نحو كل ما هو طبيعي، بالإضافة إلى المنتجات العضوية والتجارة العادلة، مبرزا أن زيت الأركان وزيت التين الشوكي أو حتى الزيوت الأساسية هي مؤهلات تصب في مصلحتهم.
كما سلط الضوء على الزخم السائد في صفوف المنتجين الوطنيين بجميع فئاتهم وأحجامهم، الذين يحاولون الابتكار قدر الإمكان وزيادة حجم مبيعاتهم وتعزيز صادراتهم.
وأشار إلى أنه حتى التعاونيات الصغيرة تستطيع أن تصدر منتجاتها، من قبيل زيت الأركان كمادة خام، ولكن أيضا المنتجات المصنعة باستعمال هذا الزيت والمنتجات الطبيعية الأخرى.
وأبرز الأمين العام لفيدرالية الكيمياء وشبه الكيمياء الديناميكية التي يشهدها هذا القطاع من حيث البحث والتطوير والابتكار وخلق الأفكار، لافتا إلى أن المستثمرين في هذا القطاع يرغبون في تعزيز الابتكار لخلق القيمة المضافة.
وتسعى العديد من الشركات المغربية إلى ابتكار وتحويل وتصدير منتجاتها المصنعة، مثل الكريمات والغسول والصابون الأسود المحول والمعطر بزيوت أساسية والكريمات المضادة لشيخوخة البشرة والتجاعيد، إضافة إلى المستحضرات الخاصة بالتدليك والتقشير.
وقال في هذا الإطار “نستورد 90 في المئة من احتياجاتنا من المواد الخام. ونقوم بتحويلها ونضيف إليها منتجات محلية”.
كما دعا إلى تشجيع ومواكبة المقاولات المغربية ليس فقط على مستوى الاستثمار والتمويل، ولكن أيضا من أجل مساعدتها على الترويج لمنتجاتها وتمويل بناء العلامات التجارية الوطنية. ويتعلق الأمر أيضا، حسب رأيه، بتسهيل الأمور الإدارية التي تقف عائقا أمام المستثمرين.
وبعد أن ذكر الزغراري بأن مستحضرات التجميل لا تصنف ضمن الاحتياجات الأساسية، أكد أن مبيعات بعض المنتجات مثل العطور ومستحضرات التجميل قد تأثرت بالأزمة الصحية، بينما لم تتأثر منتجات أخرى، من قبيل منتجات النظافة والشامبو والصابون السائل.
وأعرب عن أسفه بسبب اضطرار عدد من التعاونيات إلى الإغلاق بسبب الأزمة، في حين تمكنت مقاولات أخرى من إعادة توجيه أنشطتها، لاسيما نحو إنتاج مواد التعقيم.
وقال الزغراري “لست على علم بوجود حالات تسريح كبيرة للعمال في هذا القطاع”، مسجلا في المقابل أن القطاع قد يكون شهد تراجعا بنسبة تتراوح بين 50 و60 في المئة. لكن هذا لم يمنع من تسجيل “انتعاش طفيف”.
وفي ما يتعلق بآفاق هذا العام، أعرب المتحدث عن تفاؤله قائلا “إن 2021 هو عام الأمل”.
وقال الزغراري إن “التوقعات لعام 2021 تبدو إيجابية إلى حد ما”، مضيفا أن “العديد من المقاولات في القطاع بصدد زيادة فرص العمل واقتناء التجهيزات وتطوير منتجاتها واستهداف أسواق جديدة”.
وتابع “نأمل أن نبقى ضمن ديناميكية التنمية وأن نحقق النمو ونستعيد وتيرة 2019 أو أن نتجاوزها”.