سلوك التشفي وسادية التلذذ بآلام البشر..حريق كاليفورنيا نموذجا..  

admin
2025-01-15T22:53:53+01:00
مقالات رئيس التحرير
admin15 يناير 2025آخر تحديث : منذ يومين
سلوك التشفي وسادية التلذذ بآلام البشر..حريق كاليفورنيا نموذجا..  
  • مصطفى قشنني

على اثر الحرائق المرعبة التي أتت على أخضر ويابس أحياء مدن وغابات كاليفورنيا الأمريكية محوّلة إياها إلى جحيم ثُمّ إلى رماد تدروه الرياح، تباينت مواقف الكثير من المتتبعين لهذا الحادث المأساوي، فمنهم من اعتبر الأمر معادلا موضوعيا لما يقع في قطاع غزّة – من حرائق وابادة وتدمير ممنهج من قبل بني صهيون بدعم من ماما أمريكا،  –  بمبرّر، هاته بتلك، ومنهم من اعتبر الأمر عقابا إلهيا على اثر وعيد الرئيس الأمريكي المنتخب، دولاند ترامب بتحويل غزة إلى جحيم، إذا لم يتم حل ملف الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لذى حركة حماس. وهناك من تلذذ وتشفى وبالغ في ضغائنه وأحقاده “مُحمدلا ومكبّرا” على النصر الإلهي المبين، الذي عجزت عنه الأرض وأخيرا حققته السماء.

ولعل هؤلاء المتشفين في حرائق كاليفورنيا  – بموقفهم هذا- يحشرون أنفسهم في خانة التشفي أيضا في عشرات الآلاف من أبناء جلدتهم من العرب و المسلمين الذين تحتضنهم الولاية والذين لم تستثنيهم الحرائق، ولن نجد للمتشفين من تبرير أو عزاء، إذا وضعنا في حسبانهم عشرات الكوارث التي تصيب بلاد المسلمين – آخرها زلزال الحوز وتارودانت وتركيا وسوريا وفياضنات قبلة المسلمين : مكة المكرمة، والتي حصدت أرواح  الآلاف من الأبرياء المسلمين. إذا ما علاقة هذا بذاك؟ ومن يزنّد نار الفتنة الدينية والطائفية والعرقية بين البشر، ويدعي – وهو جاهلا بالحقائق – أن ما يقع في “بلاد الكفر”  – على إثر مثل هكذا حوادث – هو عقاب وانتقام إلهي، وإذا حدث ما يشابهه في بلاد المسلمين يصنفونه في خانة الإبتلاء والإختبار الإلهي الذي لا يعادله سوى “الجزاء الأوفى في الدارين”.؟

إن مثل هذه المواقف القاصرة تنمّ عن جهل مبطّن بحقائق العلوم وطبائع الجغرافيات والحركات التكتونية التي تعتري أقسام القشرة الارضية والتي تتسبب في الزلازل والبراكين واتسوناميات (…) والتي لا علاقة لها بوعد و وعيد ، أو ابتلاء وامتحان إلهي، وهي تتجاوز خطابات تحريضية، الحقائق العلمية أول من ينقضها ويسخر منها، والذي يقع في دوامتها ويتعثّر في حبالها هم بدرجات متفاوتة جيوش السوقة والغوغاء “والشيوخ التكفيريون” ومن على شاكلتهم من ضعاف النفوس الذين تجد لديهم  مثل هذه الأفكار الشاردة البئيسة قابلية للتبلور والالتهاب والغليان السريع.

إن المجتمعات التي لا تحترم السياقات الكونية ولا تستوعب آلام الناس ومحنهم وأوجاعهم، ولا تقدّر وحدة المصير الإنساني، وتُناقض مشاعر الأسوياء من البشر، وتكرّس الضلال الأخلاقي والسمج الفكري، مجتمعات تدقّ آخر المسامير في نعش عزلتها الإنسانية والكونية..

ولله في خلقه شؤون..           

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.