رسبريس – أ ف ب
علق صندوق النقد الدولي، أمس الاثنين، على الاحتجاجات المتصاعدة في المنطقة العربية.
وقال الصندوق إن أحد أهم العوامل الدافعة للتظاهرات التي تشهدها بعض الدول
العربية هو ما يعاصره اقتصاد الدول العربية من تباطؤ في النمو وارتفاع في نسبة
البطالة.
وقال صندوق النقد الدولي، إن تحرك البطالة إلى جانب النمو الاقتصادي المتباطئ أشعل
التظاهرات في دول عربية عديدة، في وقت يشهد فيه العراق ولبنان وبلدان أخرى احتجاجات
ضد الفساد والتدهور الاقتصادي.
وأوضح الصندوق في تقرير حول الأداء الاقتصادي في المنطقة أنّ التوترات الاجتماعية
في دول عربية واحدة من عدة عوامل تسببت في إبقاء النمو الاقتصادي في المنطقة
ضعيفا.
وقبل أسبوعين، توقّع صندوق النقد أن يبلغ النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
نسبة 0.1 بالمئة فقط، بعدما كان عند عتبة 1.2 بالمئة في أبريل، ما يعكس ضعفا في اقتصادات
منطقة تعصف بها الأزمات.
وقال مدير الصندوق لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، جهاد أزعور، إن
“مستويات النمو في دول المنطقة أقل مما هي الحاجة إليه للتعامل مع مسألة
البطالة”.
وأوضح أزعور: “نحن في منطقة تتخطى فيها نسبة البطالة بين الشبان 25 و30
بالمئة، ومعالجة هذا الأمر يحتاج إلى نمو بين 1 و2 بالمئة”.
ويشهد لبنان منذ أكثر من عشرة أيام تظاهرات حاشدة مندّدة بالفساد والتدهور
الاقتصادي، ومطالبة بتغيير سياسي وبفرص عمل.
وفي العراق، يشارك الآلاف في تظاهرات للأسباب ذاتها، ضمن حركة احتجاجية قتل وأصيب
فيها المئات. وتجري تظاهرات في السودان والجزائر ومصر ودول أخرى.
وكانت المنطقة شهدت احتجاجات عارمة في 2011 سميت بـ”الربيع العربي”
للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، لكنها اصطدمت بحروب اشتعلت في سوريا وليبيا
خصوصاً.
ويعاني الاقتصاد اللبناني من تراجع كبير ومن ارتفاع في العجز واختلال في الميزان
التجاري.
ورأى أزعور أنّ على الحكومة “العمل بسرعة على تقويم هذه الاختلالات، واستعادة
ثقة (المواطنين) عبر إصلاح الوضع المالي وتقليص الإنفاق”.
وحذّر صندوق النقد في تقرير الاثنين، من أنّ معدلات الديون الحكومية أصبحت عالية
جداً في بعض دول المنطقة، وقد تجاوزت عتبة الـ85 بالمئة من الناتج المحلي كمعدل
عام، وأكثر من 150 بالمئة في لبنان والعراق.
وذكر الصندوق أنّ “تكلفة الديون باتت كبيرة، وهي تمنع الاستثمارات الضرورية
لمستقبل المنطقة الاقتصادي على المدى البعيد”.
وكان الصندوق خفّض هذا الشهر بشكل حاد توقّعاته للنمو في كل من السعودية
وإيران، أكبر اقتصادين في الشرق الاوسط، على خلفية العقوبات الأميركية والتوترات
الاقليمية وتراجع أسعار النفط.
وتوقّع الصندوق أن ينكمش اقتصاد إيران في 2019 بنسبة 9,5 بالمئة بعدما توقع في نيسان/ابريل
انكماشاً بنسبة 6 بالمئة، على أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 0,2 بالمئة مقابل
توقعات سابقة بأن يسجل النمو 1,9 بالمئة.
وهذا أسوا أداء متوقع للاقتصاد الإيراني منذ 1984، حين كانت الجمهورية الاسلامية
في حرب مع العراق.
كما أنّ هذه أسوأ توقعات للنمو في المملكة الغنية منذ أن انكمش الاقتصاد السعودي
في العام 2017 بنسبة 0,7 بالمئة.
وقال الصندوق في تقريره الاثنين إن الاقتصاد الإيراني دخل مرحلة من “الركود
الاقتصادي الحاد”.
ويوحي تراجع التوقعات بنسبة 3 بالمئة بين أبريل أكتوبر إلى تدهور كبير في الاقتصاد
الإيراني منذ ان بدأت الولايات المتحدة تطبيق عقوبات مشددة على قطاع النفط
الإيراني في مايو.
وكان الاقتصاد الإيراني شهد انكماشا في 2018 بنسبة 4.8 بالمئة.
أما السعودية، أحد أكبر مصدري النفط في العالم، فقد اقتطعت من الدعم الحكومي على الوقود
وفرضت ضرائب على الأجانب العاملين على أراضيها، وضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5
بالمئة، ورفعت أسعار المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتبغ.
ونهاية سبتمبر الماضي، أعلنت وكالة “فيتش” تخفيض التصنيف الائتماني
للسعودية درجة واحدة بسبب “التوتر الجيوسياسي والعسكري في منطقة
الخليج”، بعد هجمات غير مسبوقة طالت منشأتين نفطيتين في المملكة.