رسبريس – و م ع
يتناول محمد خلفاوي، الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي (قطاع التعليم العالي والبحث العلمي)، ضمن هذا الحوار، تجربة “التعليم عن بعد” التي اعتمدتها الجامعات على إثر تفشي وباء “كورونا”.
كما يتحدث بالمناسبة،
عن تدبير الزمن الدراسي بالنسبة للدخول الجامعي الحالي لتفادي المشاكل التي
واجهتها الجامعة خلال الموسم الفارط، وأهم المشاريع والبرامج المعتمدة مع شركاء
مغاربة وأجانب، فضلا عن مواصلة مسار الإصلاح الجامعي.
1. ما هي التدابير التي تم اتخاذها بخصوص الدخول
الجامعي في ظل هذه الظرفية الاستثنائية ؟
تفاعلا مع ما تعيشه بلادنا من ظرفية استثنائية في ظل جائحة (كوفيد- 19)، وحرصا من الوزارة الوصية على السلامة الصحية لمختلف الفاعلين في التعليم العالي من طلبة وأساتذة باحثين وإداريين، تم اتخاذ مجموعة من التدابير، جعلت هذا الدخول الجامعي استثنائيا على عدة مستويات.
فبهدف تقليص الحركية والاختلاط داخل الوسط الجامعي، تم اعتماد مجموعة من الإجراءات على مستوى الجامعات العمومية ومؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات ومؤسسات التعليم العالي الشريكة، ومؤسسات التعليم العالي الخاص، وذلك في إطار استقلاليتها واحترام تام لقرارات هيئاتها التقريرية، قصد إجراء الامتحانات المؤجلة وإنجاح الدخول الجامعي الحالي مع مراعاة تطور الحالة الوبائية محليا، وإقليميا، وجهويا، كما تفيد بها السلطات العمومية المختصة.
وهمت هذه الإجراءات
الاستثنائية ظروف اجتياز امتحانات الدورة الربيعية المؤجلة قصد استكمال السنة
الجامعية 2019-2020، وتسجيل الطلبة الجدد وانطلاق الدراسة برسم السنة الجامعية 2020-2021،
والتي واكبتها مجموعة من التدابير الاحترازية بغية تعزيز الوقاية والسلامة الصحية
للجميع.
2. كيف تقيمون تجربة التعليم عن بعد التي تم اعتمادها
في الجامعات ؟
تعتبر حصيلة تفعيل عملية التعليم عن بعد طيلة فترة الحجر الصحي جد إيجابية ومحفزة، أخذا بعين الاعتبار أن الأمر يتعلق بتجربة غير مسبوقة في بلادنا، تمكنا من أجرأتها في وقت قياسي، حيث طرحت هذه الوضعية المستجدة على منظومة التعليم العالي، تحديا يتمثل في ضمان الاستمرارية البيداغوجية، في ظروف تضمن سلامة الجميع.
وقد أظهرت دراسة تقييمية يقوم بها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بتنسيق مع الجامعات، لتجربة التعليم عن بعد خلال فترة الحجر الصحي، نتائج أولية مُرضية.
وللتذكير فإن الجامعات المغربية تمكنت بفضل المجهودات الجبارة لهيئات التدريس والفرق الإدارية والتقنية للجامعات من توفير ترسانة مهمة من الموارد الرقمية والسمعية البصرية والعديد من الدعامات البيداغوجية لتمكين الطلبة من الاستمرار في التحصيل الأكاديمي.
وحرصا على ضمان الاستمرارية البيداغوجية وتمكين الطلبة من التحصيل الدراسي والعلمي في أفضل الظروف الممكنة، تم التنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، لتيسير ولوج الطلبة مجانا إلى المواقع والمنصات الالكترونية للجامعات والمؤسسات العمومية المخصصة للتعليم والتكوين عن بعد.
3. هل ستفرض أزمة “كورونا” مداخل جديدة في مسار الإصلاح البيداغوجي الجامعي الذي تم الشروع في التشاور بشأنه مع المؤسسات الجامعية قبل الجائحة؟
بناء على الوضعية المستجدة التي عاشتها منظومة التعليم العالي بكل مكوناتها خلال هذه الفترة المصاحبة لجائحة كورونا، يتبين جليا مدى أهمية تطوير التعليم عن بعد كمكمل للتعليم الحضوري وتشجيع التعلم الذاتي للطلبة، حيث يضع هذا النظام الجديد ضمن مرتكزاته تقوية الكفايات الرقمية للطالب على مستويين.
يتمثل المستوى الأول في تعزيز استعمال الرقمنة كوسيلة بيداغوجية للتعلم ولاسيما التكوين عن بعد من خلال تطوير طرق تدريس مبتكرة؛ فيما يتمثل المستوى الثاني في إدماج لغة الرقمنة في التعلمات باعتبارها ضرورة ملحة لمهن المستقبل وسوق الشغل، بالإضافة إلى تنمية الكفايات الحياتية والذاتية للطلبة، حيث يدرس الطالب لزوما 6 وحدات في المهارات الحياتية والذاتية (وحدة خلال كل فصل) طيلة مسار التكوين، مما سيمكن الطالب من تنمية عدة مهارات، بما في ذلك، قدراته على التعلم الذاتي.
4. ماهي الإجراءات المواكبة لتعزيز البحث العلمي وتطوير التعاون على الصعيدين الوطني والدولي خلال هذه المرحلة الاستثنائية؟
تم خلال هذه المرحلة الاستثنائية إطلاق طلبات عروض متعددة وتطوير مجموعة من اتفاقيات التعاون والشراكة على الصعيدين الوطني والدولي، من بينها برنامج دعم البحث العلمي والتكنولوجي في مجالات ذات الصلة بجائحة “كورونا”، بغلاف مالي يبلغ 10 ملايين درهم، لإيجاد حلول والمساهمة في تدبير هذه الأزمة. وقد همت مشاريع البحث الجوانب التكنولوجية، والاقتصادية، والاجتماعية والنفسية والسياسية والإدارية.
وينضاف إلى ذلك طلب عروض بشراكة بين الوزارة ومؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، لتمويل مشاريع أبحاث تنموية متعددة المجالات، وقد رصدت لها ميزانية قدرها 170 مليون درهم، وطلب عروض في إطار برنامج “الخوارزمي” تم إطلاقه بمبادرة من قطاع التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، عبر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني ووكالة التنمية الرقمية، بغلاف مالي يناهز 50 مليون درهم، بهدف دعم وتشجيع مشاريع البحث العلمي في ميدان الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
وأخذا بعين الاعتبار النتائج المترتبة عن عملية التقييم العلمي والقطاعي لمشاريع البحث وترتيبها حسب الاستحقاق، تم الاحتفاظ ب 45 مشروعا للاستفادة من الدعم، وفقا للغلاف المالي المخصص للبرنامج، بما في ذلك طلب عروض لتمويل مشاريع البحث في إطار البرنامج الأوروبي للبحث “BiodivRestore”، لتمويل مشاريع البحث المشتركة في ميدان الحفاظ على النظم البيئية والحماية من المخاطر والآثار المرتبطة بالتدهور البيئي؛ وطلب عروض لتمويل مشاريع أبحاث تنموية في إطار التعاون المغربي الألماني (40 مليون درهم)؛ وطلبات عروض في إطار برنامجي التعاون الدولي المغربي- التونسي لدعم البحث العلمي والابتكار (20 مليون درهم)، حيث تم انتقاء 30 مشروعا بعد تقييم مزدوج للمشاريع المتوصل بها.
كما تم توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين قطاع التعليم العالي والبحث العلمي والوكالة الجامعية الفرنكفونية، تهدف إلى تكوين مكونين في مجال التعليم عن بعد (60 أستاذ في كل دورة تكوين) وإعداد 12 وحدة دراسية رقمية في مجال الكفايات الحياتية والذاتية لفائدة الطلبة الجامعيين، خصوصا الجدد منهم.
ويتم أيضا تنظيم
منتديات عن طريق تقنية التواصل عن بعد من أجل تبادل الآراء ووجهات النظر حول آليات
تعزيز الاستمرارية البيداغوجية في ظل التحولات الرقمية التي تعرفها أنظمة التعليم
العالي بالعالم، في إطار التعاون بين المغرب من جهة، وكل من الولايات المتحدة
الأمريكية، والبنك الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية، من جهة أخرى، في مجال
التعليم العالي والبحث العلمي، وأيضا عقد عدة اجتماعات وورشات عمل مع شركاء
دوليين، بما فيهم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية،
وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية،
وسفارة المملكة المتحدة بالمغرب، بهدف تنويع سبل إنجاح الاستمرارية البيداغوجية من
جهة، وبغية تطوير ومأسسة التعليم عن بعد بالجامعة المغربية من جهة أخرى.
5. بالنظر إلى أن عدد الإصابات بفيروس “كورونا” آخذ
في الارتفاع. ما هي سيناريوهات تدبير الزمن الدراسي لتفادي المشاكل التي واجهتها
الجامعة الموسم الفارط؟
انكبت الوزارة بتنسيق تام مع ندوة رؤساء الجامعات والهياكل التقريرية بمختلف المؤسسات الجامعية، في إطار مقاربة استباقية، منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية، على الاشتغال على كل السيناريوهات الممكنة لتدبير وضمان نجاح الموسم الجامعي 2020-2021 ، حيث اشتغلت الأطر التربوية والإدارية بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي منذ شهر يوليوز الفارط على إعداد برامج ومضامين رقمية للدروس الخاصة بالدورة الخريفية.
وقد تم اعتماد نظام التفويج والتناوب بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، من خلال توفير ترسانة مهمة من الموارد البيداغوجية الرقمية لتمكين الطلبة من الاستمرار في التحصيل الأكاديمي، واستخدام منصات عن بعد من طرف الأساتذة لضمان تفاعل أكبر مع الطلبة، وتوفير الولوج لعدة موارد رقمية لعدد من الدول الأجنبية الشريكة (بريطانيا، فرنسا، سويسرا…).
كما تم وضع منصة خاصة بالموارد الجامعية الرقمية للولوج المباشر والحي، وتعزيز البنى التحتية عبر الشروع في إحداث استوديوهات على مستوى الجامعات لتسجيل الدروس الرقمية، وذلك في إطار اتفاقية للشراكة بين قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، ومؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، تروم إحداث “المركز الوطني للرقمنة والتعليم عن بعد”.