رسبريس – رأي اليوم
انا أربعين سنة جهد ماخدتش شهادة تقدير ولا حتى ميدالية صفيح بالعكس كل مليم حوشته في حياتي اتاخد مني وملقيتش حاجة، كنت عامل زي الدوا للإنسان المهموم عشان اضحكه وانسيه همه وغمه، مش دي تكون نهايتي أبدا» كانت هذه آخر كلمات صرح بها اسماعيل ياسين قبل وفاته في عام 1972، كلمات تنم عن حزن واكتئاب شديدين، وتوضح النهاية التعيسة التي عاشها «أبوضحكة جنان» في أواخر حياته.
في ذكرى ميلاد «أبوضحكة جنان» الذي يوافق 15 سبتمبر عام 1912، لا يعلم الكثيرون منا أن إسماعيل ياسين، بائع الأمل وصانع البهجة الاول في مصر بلا منازع، مات بسبب اكتئاب شديد، ففي العام 1961 بدأت الأضواء تنحسر تدريجيًا عن إسماعيل؛ فبعد أن كان يقدّم أكثر من عشرة أفلام في العام الواحد قدم فيلمين فقط هما (زوج بالإيجار) و(الترجمان) وفي العام الذي يليه قدم (ملك البترول) و(الفرسان الثلاثة) و(انسى الدنيا) ثم في الفترة من 1963 إلى 1965 لم يقدم سوى فيلمين فقط، هما (المجانين في نعيم) و(العقل والمال بحسب موقع المصري اليوم )).
انحسار الأضواء عن إسماعيل ياسين كان لعوامل كثيرة، منها ما ذكره صبري موسى، في عدد من مقالاته بأخبار اليوم، عن إصابة الفنان القدير الرحل بمرض القلب، وتدخل الدولة في الإنتاج الفني في فترة الستينيات وإنشاء مسرح التليفزيون، واعتماده شبه الكلي على صديق عمره أبوالسعود الإبياري في تأليف جميع أعماله، ما جعله يكرر نفسه في السينما والمسرح (على سبيل المثال فيلم المليونير وزوج للإيجار)، وابتعاده عن تقديم المونولوج في أعماله الأخيرة، والذي كان يجذب الجمهور إلى فنه، كان هذا أحد عوامل اكتئاب إسماعيل ياسين.
العامل الآخر كان يتمثل في أنه لم يكن من المقربين من المسؤولين في الحكومة، فقد فوجئ بتراكم الضرائب عليه وأصبح بين عشية وضحاها مطاردا بالديون وحجز على العمارة التي بناها بكفاح عمره لتباع أمام عينه ويخرج من رحلة كفاحه الطويلة خالي الوفاض فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة منها (فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء) وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدأ ثم عاد إلى مصر محطما كسيرا وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع ما قدمه من تاريخ حافل ولم يرحمه أحد أو يقدره أحد، فكان الراحل يقرأ ما يكتب عنه ويبكي تألما، ويقول «بيتريقوا عليا ويقولوا بيشحت الفن، طب أنا أعيش منين، وأصرف على بيتي إزاي، مش حرام يا ناس اللي بيحصل فيّ ده».
وبينما كان الرئيس أنور السادات يفكر في تكريم إسماعيل ياسين، وافته المنية في 24 مايو 1972 بأزمة قلبية حادة، ليرحل عن عالمنا الرجل الذي أضحك الملايين –ومازال- ومات حزينًا مهمومًا.