قال تطبيق واتساب المملوك لشركة فيسبوك، إنه سيمضى قدما في تحديث مثير للجدل لسياسة الخصوصية لكنه سيسمح للمستخدمين بقراءته “على مهل”، وسيعرض أيضا إشعارا يقدم معلومات إضافية.
وكان تطبيق التراسل قد أبلغ المستخدمين في يناير الماضي، أنه يجهز سياسة جديدة للخصوصية، قد يتبادل بموجبها بيانات المستخدمين مع فيسبوك والشركات التابعة لها.
وأثار الأمر انتقادات عالمية ودفع الملايين من المستخدمين إلى الانسحاب من تطبيق المحادثات الأكثر شهرة حول العالم إلى تطبيقات منافسة، منها سيغنال وتليغرام، مما جعل واتساب يؤجل تطبيق السياسة الجديدة إلى مايو، ويوضح أن التحديث يركز على السماح للمستخدمين بمراسلة الشركات التجارية ولن يؤثر على المحادثات الشخصية.
وخلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يناير، حمل 25 مليون شخص على مستوى العالم تطبيق تليغرام على هواتفهم، فيما اكتسب سيغنال 7.5 مليون مستخدم جديد، وفقا لأرقام نشرتها لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني. وترجح بيانات أن هذه الأرقام اتجهت إلى “هجر” واتساب، في تراجع غير مسبوق بأعداد مستخدمي التطبيق.
وقال واتساب في أحدث تدوينة، إنه سيبدأ في تذكير المستخدمين بمراجعة التحديثات والموافقة عليها لمواصلة استخدام المنصة، وأضاف “أرفقنا المزيد من المعلومات لمحاولة معالجة المخاوف التي نسمعها”.
وفي محاولة لإخبار المستخدمين أنه “لا شيء سيتغير حقًا بالنسبة إليهم”، أوضح واتساب في بيان كيف يمكن للمستخدمين قراءة السياسة الجديدة ومعرفة كيفية التعامل مع الشركات والرسائل الشخصية بشكل مختلف، فقبل 15 مايو، موعد بدء البث المباشر الجديد لسياسة الخصوصية، يخطط واتساب أيضًا لتزويد المستخدمين بالقدرة على مراجعة سياسة الخصوصية الجديدة هذه داخل التطبيق، وقد كشفت الشركة عما سيتغير وما سوف لن يتغير لمستخدمي واتساب بعد دخول السياسة الجديدة حيز التنفيذ.
وأوضحت الشركة أن جميع الرسائل وملفات الوسائط المشتركة بين المستخدمين ستبقى مشفرة من طرف إلى طرف، وهذا يعنى بحسب الشركة أنه لن يتمكن واتساب ولا الشركة الأم فيسبوك من قراءة الرسائل.
وأكد واتساب أن الشركة لن تشارك تفاصيل اتصال المستخدمين مع الشركات الأخرى، كما تدعي أن السياسة تحظر على الشركات الاتصال بالمستخدمين دون الحصول على الموافقة أولاً للقيام بذلك.
وقال واتساب موضحًا السياسة “أنت المتحكم، والأمر متروك لك فيما إذا كنت تشارك رقمك مع شركة أم لا ويمكنك حظر نشاط تجاري في أي وقت”.
ويحتاج المستخدمون إلى قبول السياسة الجديدة لمواصلة استخدام حساب واتساب الخاص بهم، وإذا لم يقبل المستخدمون سياسة الخصوصية الجديدة بنهاية الموعد النهائي الجديد، 15 مايو، فلن يتمكنوا بعد ذلك من استخدام حساب واتساب الخاص بهم.
ولا يسمح واتساب بإعلانات بانر لجهات خارجية على نظامه الأساسي حتى الآن. وتصر الشركة على أن “قبولك لشروط الخدمة الجديدة لا يوسع من قدرة واتساب على مشاركة بيانات المستخدم مع الشركة الأم فيسبوك”.
وتقول الشركة “ستتمكن من التحدث إلى المزيد من الشركات على واتساب لإنجاز المهام بشكل أسرع مقارنة بالهاتف أو البريد الإلكتروني، وهذا اختياري تمامًا”، وهذا يعني أنه يمكن للمستخدمين التفاعل مع الشركات والعلامات التجارية على واتساب إذا أرادوا ذلك. لن يقوم واتساب من جانبه بمشاركة رقم المستخدمين مع أي شركة / علامة تجارية.
وتنذر البلبلة التي أثارتها شركة واتساب إثر نشرها قواعدها الجديدة لخصوصية البيانات بتقويض الثقة بدرجة أكبر بهذه الخدمة التابعة لفيسبوك، والتي تؤدي دورا جوهريا في مستقبل الشبكة الاجتماعية العملاقة.
وتتحدث خدمة المراسلة التي تضم ملياري مستخدم حول العالم، عن سوء فهم للقواعد الجديدة التي تؤكد أن هدفها مساعدة التجار في تحسين التواصل مع زبائنهم عبر واتساب.
ويقول الباحث في معهد “تك بوليسي لاب” التابع لجامعة واشنطن راين كالو إن ردود الفعل السلبية على إعلان واتساب مبررة. ويوضح “التغييرات لا تحمل طابعا ديستوبيا (الشر المطلق) كما يتصور كثر. لكنها تشكل خطوة نحو نموذج يخشاه كثيرون”.
وتشكل واتساب التي استحوذت عليها فيسبوك في 2014 مقابل 19 مليار دولار، ورقة استراتيجية أساسية للشبكة المملوكة من مارك زوكربيرغ التي تسجل تراجعا في نموها.
ويذكّر أخصائيون في شؤون السرية بأن واتساب تتشارك أصلا بيانات مع فيسبوك منذ اعتماد قواعد جديدة في 2016، غير أن المستخدمين كانوا مخولين عدم السير بها.
وتؤكد غيني غيبهارت الباحثة في “إلكترونيك فرونتير فاونديشن” أن رغبة واتساب في فرض هذه الإجراءات “أشبه بإهانة لذكاء المستخدمين”.
وتقول “الناس اكتشفوا أن واتساب تتشارك بيانات بدرجة أكبر بكثير مما كانوا يظنون، ما زاد الوضع سوءا وأثار ردات فعل”. وتوضح غيبهارت أن الخيارات البديلة ضيقة بسبب حجم المنصة وطابعها المجاني.
وتشير إلى أن المشكلات الأخيرة التي تعترض واتساب لن تبطئ ديناميتها، خصوصا بسبب “التباعد” بين أقوال الناس وأفعالهم على صعيد الخصوصية.
وتقول المحللة “ثمة بالتأكيد كثيرون يغادرون (واتساب) والعدد مرشح للازدياد”، لكن “من غير المرجح أن نشهد نزوحا جماعيا. وبما أن قاعدة مستخدمي واتساب بهذا الحجم، هذا تحديدا ما يجب فعله لتحقيق أثر حقيقي”.