فريدة بن سليم
شكلت السينما وعلى مر السينين إحدى العادات الأسبوعية لذى المواطن المصري الذي كان يتردد كل أسبوع على دور العرض السينمائي لمشاهدة ممثله أو فيلمه المفضل ،فذلك الفن البصري قد شكل إحدى الوسائل الهامة التي عهد إليها المجتمع لنقل ارثه الاجتماعي وواقعه المعيش ، فالسينما هي الفن الذي يحمل رسالة نبيلة وقضية يحاول الدفاع عنها. و قد استطاعت السينما من خلال شريطها في دقائق أو حتى ساعات أن تقدم تجارب و قيم إنسانية و مجتمعية في قالب رائع . و بماأن لكل مرحلة ايجابياتها و سلبياتها، و لكل مرحلة مرادفاتها و ظروفها عرفت السينما في الفترة الأخيرة انتكاسة، ليجنح الفن السينمائي عن تلك القيم المجتمعية بغية تحقيق أهداف ربحية بالدرجة الأولى . ومع أن السينما هي مشروع كباقي المشروعات و الربحية أمر مشروع . لكن البعض استغل هذا الجانب للترويج لأفكار مغايرة و تقديم ما لا يسمن ولا يغني عن جوع و أصبحت بعض الأعمال مجرد لث و عجن و ملء للأشرطة السينمائية بكل مايقال وما لايقال .وحتى إن الكثير من النقاد و المفكرين راحوا يوجهون حملات ضد السينما باعتبارها صارت تنشر ثقافة العنف، الانحلال و الانحراف و تحرض على تبني القيم المادية بعيدا عن القيم الاجتماعية و الروحانية الأصيلة في المجتمع المصري كمجتمع عربي مسلم. خاصة مع تلك المتغيرات الجديدة و استحواذ بعض الأشخاص و المؤسسات على القطاع السينمائي التي صارت تولي اهتماما للربح بالدرجة الأولى ولو على حساب الفن و ضروبه. ولعل هذا ماجعل السينما تقع مابين مطرقة سلطة المجتمع و سندان سلطة المال مماأدى الى خلق تلك العلاقة الجدلية للسينما بين الالتزام و المتاجرة .
و إذا كانت السينما بالنسبة للكثير تشكل تسلية و ترفيه بصري فهي في منطق سوق المال تسمى ” كسب دولار أو جنيه” هذا المصطلح الذي طغى على الإنتاج الفني اليوم ، وصار العمل السينمائي يقيم حسب ايرادات شباك التذاكر بعيدا عن القيمة الفنية له.
ولنلحظ ذلك الكم الهائل من القصص التي تدور في فلك واحد اغلبها حول صراع المال لتتقاطع مع قصص الحب و غيره. و لتنتشر ثقافة الاستهلاك من خلال الإسراف في عرض الديكورات و الألبسة الفاخرة و نموذج الحياة المصرية المترفة لرجال الأعمال و غيره تلك الصورة الأشبه باللوحة الفنية التي تدغدغ مشاعر المشاهد و حتى تدفعه للقسوة على وضعه الاجتماعي.
وصارت الدراما المصرية تعرض نماذج لسوبر مودل ، و الشقق الفاخرة و أماكن اللهو كنموذج محاكاة للواقع المصري غير أن الكثير يرى أن ما تعبر عنه ابعد عن ذلك الواقع المصري مما جعل السينما المصرية اليوم بين تقريب للواقع او تغريب أمام الشاشة . حتى البعض يرى أن ما يشاهد اليوم هو منتوج هجين بين هذا و ذاك ولكنه في الخلاصة بعيد حتى عن القيم المصرية العريقة. بينما اعتبر البعض الآخر أن هذه النوعية هي تعبر عن مطلب شعبي و جماهيري من خلال ” الجمهور عاوز كده” .
وحسب الكثير إن ماتروج له الدراما المصرية اليوم من خلال تلك القيم المادية و غيرها تترسخ بطريقة شعورية و لاشعورية لدى المشاهد من خلال تمثله لتلك الشخصية الدرامية على الشاشة السينمائية . وحسب دراسة لأستاذة علم الاجتماع ” عزة كريم” فان الدراما أصبحت تؤكد على المنظور المادي .وحتى أنها بعض الأعمال الفنية لم تعالج أي قضية، خلاصة القول الدراما المصرية أخذت المواطن المصري بعيدا عن واقعه المعيش وقلما يجد ما يعبر عنه على تلك الشاشة الفضية حتى أن منها من تاجرت بهمومه . فتلك الدراما التي من المفروض أن تحمل هموم المجتمع صارت تغرد خارج سربه.
“مساهمة من الباحثة الجزائرية ذ فريدة بن سليم خاصة ب “رسبريس”
محمد عبداللهمنذ 6 سنوات
موضوع جميل ومتكامل الأركان والكاتبه متمكنه جدا