أ ف ب
غادر المرشح للرئاسة نبيل القروي السجن اثر قرار قضائي صدر مساء الأربعاء تزامنا مع الاعلان عن نتائج التشريعية التي قد تفضي الى برلمان مشتت.
وخرج القروي المتهم في قضايا غسل أموال وتهرب ضريبي محاطا بمجموعة من أنصاره حملوه على الأكتاف وسرعان ما صعد الى سيارة سوداء غادرت محيط السجن، وفقا لمراسل فرانس برس.
وأكد بن مسعود لفرانس برس ان “محكمة النقض تخلت عن قرار غرفة الاتهام” الذي أوقف القروي بموجبه اواخر غشت الفائت.
وافاد نزيه الصويعي المحامي من هيئة الدفاع عن القروي انه “تم الغاء قرار التوقيف وهو حر وسيتواصل التحقيق”.
ولم يشمل قرار الافراج شقيقه غازي القروي الموقوف معه والذي ترشح عن دائرة بنزرت (شمال) ولم ترشح أي معلومات عنه وعن مكان تواجده.
واثر صدور القرار تجمع عدد من أنصاره أمام مقر الحزب بالعاصمة وحملوا صوره مرددين “اليوم يخرج نبيل من المرناقية ويذهب الى قرطاج (مقر الرئاسة)”.
“مسار انتخابي صحيح”
ويقول حاتم المليكي الناطق الرسمي باسم حملة القروي “اليوم القضاء التونسي يثبت أنه جزء من الدولة التونسية جزء من المصلحة العليا للوطن. اليوم تونس تسترجع جزء كبيرا من مسارها الانتخابي الصحيح”.
والقروي رجل أعمال وقطب إعلامي أُوقف في 23 غشت 2019 وأودع الحبس الاحتياطي بشبهة تبييض أموال، لكنّه نال 15,58 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر، مما أهّله لخوض الدورة الثانية الحاسمة.
ورفضت السلطات القضائية، التماسات عدّة قدّمها القروي لإطلاق سراحه، كان آخرها في الأول من أكتوبر.
وأعلن حزبه “قلب تونس” أنه تمّت مراسلة “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات” بتاريخ 30 سبتمبر 2019 لمطالبتها بتمكين القروي من “التنقل لكافة الولايات (24 ولاية) أثناء الحملة وإجراء حوارات مباشرة مع وسائل الإعلام”.
وتابع الحزب أنه “في حالة عدم الاستجابة، فقد طالبنا بتأجيل الدور الثاني إلى حين انقضاء أسباب عدم تكافؤ الفرص”.
وحلّ حزبه الذي تأسس قبل ستة أشهر ثانيا في الانتخابات التشريعية الأحد الماضي، بحسب عدة استطلاعات، علما بأن النتائج الرسمية الاولية ستصدر مساء الأربعاء.
وسابقا دعت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات وسياسون تونسيون ومراقبون دوليون إلى تمكين القروي من خوض حملته بشكل متكافئ.
والسبت، أعلن المرشّح قيس سعيّد أنه سيعلّق حملته احتراما لمبدأ تكافؤ الفرص مع منافسه.
وقادت سلوى السماوي، زوجة القروي، الحملة الانتخابية نيابة عن زوجها، كما تتولى قناة نسمة الدعاية رغم اعتراض سلطات مراقبة الإعلام المرئي والمسموع.
وستُجرى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، الأحد المقبل بعد دورة أولى شهدت تصويتا عقابيا استبعد مَن كانوا في السلطة وأدت الى تأهل وجهين جديدين خاضا حملتيهما على أساس القطيعة مع النخب السياسية.
من المتوقع ان تؤكد نتائج الانتخابات التشريعية الرسمية تشكل برلمان قادم مجزء وتتصدره حركة “النهضة” ذات المرجعية الاسلامية في وقت انطلقت فيه المشاورات بين الاحزاب لتشكيل حكومة.
كتل برلمانية مشتتة
أظهرت استطلاعات الرأي والمؤشرات الأولية ان حزب “النهضة” سيتحصل على أكبر عدد من المقاعد في المقابل تفككت الأحزاب الوسطية وتراجعت مع تقدم مرشحين جدد يرفعون لواء مناهضة نظام الحكم الحالي.
يرى مراقبون ان الانتخابات التشريعية تأثرت بنتائج الدورة الرئاسية الأولى التي صوت فيها الناخبون لمرشحين من خارج النظام الحاكم هما أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد ورجل الأعمال نبيل القروي.
تعزز هذه المؤشرات تواجد كتل برلمانية مشتتة ما سيجعل من المرور الى تنفيذ باقي المسار الانتخابي مهمة صعبة ومعقدة خصوصا ان تعلق الأمر بتحصيل توافق 109 صوتا للمصادقة على الحكومة.
من المتوقع ان تنال “النهضة” نحو خمسين مقعدا من مجموع 217 في البرلمان ويظهر هذا تراجع وتآكل قاعدنها الانتخابين منذ 2011 دون ان تغادر المراتب الأولى.
حازت “النهضة” الغالبية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011 بـ89 مقعدا وتراجع عدد نوابها من انتخابات الى أخرى وتمكنت في 2014 من جمع 68 مقعدا لتجد نفسها اليوم مطالبة بتوافقات.
تراجع النهضة فسره مراقبون برفض عدد مهم من قواعدها لسياساتها وبالأخص قرارها التحول الى حزب مدني في 2016.
ويقول سليم الخراط، عن “مرصد بوصلة” المتخصص في متابعة الشأن البرلماني “فوز النهضة محدود بالمقارنة بعدد المقاعد التي حصلت عليها في 2011…سقوطها لافت”.
لعبة التحالفات
يأتي حزب “قلب تونس” الليبيرالي ثاني الترتيب في البرلمان وقد أسسه نبيل القروي الموقوف منذ 23 غشت بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي ويخوض الدورة الرئاسية الثانية المقررة الأحد.
كما جمع كل من “التيار الديمقراطي” (ديمقراطي اجتماعي) و”ائتلاف الكرامة” الذي يضم محافظين نحو عشرين مقعدا لكل منهما. وضمت البقية أحزابا ومستقلين بأقل تمثيلية.
ويرى الخراط “بتشتت الأصوات هذا من الصعب ان نتحدث عن فوز الأحزاب المتنافسين”.
ويعتبر النائب السابق والكاتب السياسي سليم بن عبد السلام ان “نواكب مشهدا سياسيا متفجرا مع بعض الاستقرار. بعض الأحزاب التي لعبت دورا مهما في السابق مثل نداء تونس تراجع كثيرا…كما اضمحلت أحزاب أخرى بالكامل”.
ولفت عبد السلام الى خشيته من “ظهور صوت بتوجه يميني أكثر من النهضة بائتلافين” في اشارة الى “ائتلاف الكرامة” الذي يترأسه المحامي سيف الدين مخلوف و”الرحمة”.
لا تملك النهضة أمام هذا الشتات سوى البحث عن تحالفات بدء بمن يتقاسم معها التوجه السياسي وصولا الى من يعاديها ان تطلب الأمر ذلك. وكتبت صحيفة “لو كوتيديان” الناطقة بالفرنسية الأربعاء ان النهضة “ستواجه مشاكل عدة لتحصيل غالبية صعبة عبر لعبة التحالفات”.
وأكدت صحيفة “لابراس” على ضرورة “وشرعية التساؤل حول هوية الأحزاب” التي من الممكن أن تتحالف مع النهضة، ولم تستبعد الصحيفة “امكانية فشل كل محاولات تشكيل الحكومة”.
غير ان الخرّاط يرى ان “كل الأحزاب ليس لها مصلحة في الذهاب الى انتخابات مبكرة كما يقر ذلك الدستور وسيقدرون وفقا لمصالحهم البراغماتية”.