رسبريس – وكالات
بلغ مجموع العقوبات التي التمستها النيابة الجزائرية خلال المحاكمة التي جمعت عدة وزراء من فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، 124 سنة سجنا نافذا، وذلك عن تهم فساد ثقيلة تتعلق بمنح صفقات ومشاريع خارج القانون وتبديد أموال عمومية.
ويعد هذا الملف فريدا من نوعه، إذ جمع لأول مرة ثلاثة وزراء في عهد الرئيس بوتفليقة، هم أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، والوافد الجديد على السجن نور الدين بدوي، كما ضم الملف أشهر الوزراء وأكثرهم نفوذا، مثل وزير الصناعة الفار، عبد السلام بوشوارب، ووزير الأشغال العمومية، ورئيس حزب تاج سابقا، عمار غول.
وخلال مرافعته، التمس وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد الابتدائية بالعاصمة، إنزال عقوبة 15 سنة حبسا نافذا في حق رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، و12 سنة سجنا نافذا على نور الدين بدوي. كما طالب بإدانة الوزير الأسبق للصناعة، عبد السلام بوشوارب، بإدانته بـ20 سنة سجنا نافذا، مع أوامر بالقبض الدولي عليه.
كما التمس ممثل الحق العام، 10 سنوات حبسا نافذا لوزير النقل والأشغال العمومية عمار غول، و12 سنة حبسا نافذا لوزير الموارد المائية السابق حسين نسيب، و15 سنة لمن خلفه على رأس القطاع أرزقي براقي، و10 سنوات حبسا نافذا لكل من وزيري البريد وتكنولوجيات الاتصال، إيمان هدى فرعون وعمار تو، كما طلبت النيابة 5 سنوات حبسا نافذا لوزير المالية الأسبق محمد لوكال.
وتدور وقائع القضية حول صفقات المشاريع الممنوحة لشركات الأخوة كونيناف، وهي مجمع كان يحصل على صفقات ضخمة في قطاع الأشغال العمومية ثم منحها لشركات أجنبية، بالاستفادة من النفوذ الواسع الذي كان للأخوة كونيناف، بسبب علاقتهم مع شقيق الرئيس الراحل السعيد بوتفليقة، وأغلب الوزراء والمسؤولين الكبار. والأدهى من ذلك، أن هذه العائلة تم التنازل لها بمبالغ زهيدة، عن مصنع ضخم لإنتاج الزيوت بميناء الجزائر، تم استعادته قبل مدة.
ومن بين الوقائع الواردة في ملف الإحالة، إنجاز قناة للمياه كلفت نحو 90 مليون دولار، وقضايا أخرى تتعلق بقطاع الاتصالات وحصول شركة كونيناف على تعويضات ضخمة. ويواجه المتهمون في القضية تهم فساد أبرزها منح امتيازات واعتمادات وإبرام صفقات وإعفاءات من الضرائب، تبديد أموال عمومية واستغلال الوظيفة.
ويتعلق الإشكال في هذه الصفقات وفق ما ذكره ممثل النيابة، أنها كانت تتم بالتراضي وبطابع الاستعجال مثلما حدث في قطاعات الري، الأشغال العمومية، المناطق الصناعية والاتصالات، وهو ما أدى إلى الإخلال بالالتزامات التعاقدية وتكبيد خزينة الدولة خسائر كبيرة بسبب التأخر في إنجاز المشاريع التي يترتب عنها إعادة التقييم وتخصيص ميزانيات إضافية. ويعد مشكل التأخر في المشاريع إشكالا كبيرا في الجزائر خلال العشرين سنة الماضية التي أُطلقت فيها مشاريع ضخمة، حيث يقدر بعض الخبراء نسبة الزيادة في التكلفة بنحو 70% في المشاريع.
والجديد الذي حملته هذه المحاكمة، هو الظهور الأول أمام القضاء لآخر رئيس للوزراء في عهد بوتفليقة، نور الدين بدوي، الذي بقي على رأس الحكومة إلى غاية رئاسيات 2019 التي أتت بعبد المجيد تبون رئيسا للبلاد. وظل بدوي بعد خروجه من الحكومة بعيدا عن قضايا الفساد التي مست عددا واسعا من رجال الرئيس السابق. لكن اسمه بدأ يظهر شيئا فشيئا، في قضايا تتعلق بفترة توليه منصب محافظ في عدد من الولايات الكبيرة قبل دخوله الحكومة.
وبدأ التحقيق معه منذ نحو سنة من طرف الضابطية القضائية لولاية قسنطينة شرقي البلاد، في ملفات فساد تخص عددا من المشاريع المتعلقة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ومخالفة قانون الصفقات والتصرف في أراض بطرق غير قانونية، إلى أن استدعي في شهر تموز/ يوليو الماضي أمام قاضي التحقيق، ليتحول رسميا إلى متهم مع وضعه تحت الرقابة القضائية، ثم تطورت الأمور بسرعة ليودع الحبس المؤقت.