أجمع سياسيون وباحثون واعلاميون ورجال دين على فرادة النموذج المغربي في إرساء الخطاب الديني الوسطي الذي يقوم على الاعتدال والحوار بين الأديان، وأكدوا خلال ندوة “إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب والحوار بين الأديان” التي نظمتها السفارة المغربية في باريس الاثنين الماضي، على أن المملكة المغربية تشكل نموذجا في مجال الحوار بين الأديان والعيش المشترك.
وأقيمت الندوة قبل أيام من زيارة البابا فرنسيس إلى المغرب المقررة في نهاية مارس الحالي بدعوة من الملك محمد السادس.
وأكد سفير المغرب بباريس شكيب بنموسى خلال افتتاحه الندوة التي حضرها صحافيون فرنسيون وغربيون، على تفرد النموذج المغربي الذي ينهض بإسلام متسامح ووسطي.
وأشار بنموسى إلى أن ديباجة دستور المملكة تنص على أن التنوع الثقافي يعد غنى وعاملا للتلاحم، كما تقر بحرية ممارسة العبادة. وبعد أن ذكّر بأن النموذج الديني المغربي يقوم على إمارة المؤمنين والمذهب السني والعقيدة الأشعرية.
وأبرز السفير أن إمارة المؤمنين تتمتع بشرعية هيكلة الحقل الديني، والتصدي لكل التيارات الراديكالية، كما أن الدين في المغرب يظل دائما بعيدا عن السياسة.
وفي ما يتصل بمسألة الحوار بين الأديان، شدد بنموسى على أن المغرب منخرط ويعمل بشكل نشط في هذا الميدان، ومن هذا المنطلق تعتبر الزيارة المقبلة للبابا “لحظة قوية من أجل التصدي للتيارات والرؤى المتعصبة، كما تعد “لحظة للتفاعل الاستثنائي بين الديانات والشعوب والحضارات”.
من جهته اعتبر أحمد العبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن الحوار بين الأديان بالمغرب “يعد تقليدا قديما يندرج في إطار الاستمرارية”، مذكرا بأن الوجود الفرانسيسكاني يعود إلى أكثر من 800 سنة.
وأضاف أن الحوار بين الأديان كان دائما قائما بالمغرب، كما تبرهن على ذلك مختلف المهرجانات (فاس وأكادير ومراكش) التي تنظم بالمغرب، مبرزا أن الحوار بين الأديان ليس ترفا بالنسبة للمغرب بل ممارسة وظيفية تتيح عيشا مشتركا بشكل أفضل.
وقال الباحث في الشأن الديني رشيد بن الزين إن المغرب بالإضافة إلى تقاليده، يتميز بـ” معرفة ومهارة” يعترف له بهما في مجال التعددية والحوار بين الأديان، مؤكدا أن المغرب أضحى اليوم كما كان في السابق، بالنظر إلى تدفقات الهجرة، أرضا للاستقبال بالنسبة لمختلف الأديان.
وتطرق عبدالرحيم حافظي منتج ومقدم البرنامج الثقافي “إسلام” على القناة العمومية الفرنسية (فرانس 2)، إلى تاريخ الحوار بين الأديان بالمغرب، وأبرز بدوره فرادة المملكة في ميدان الحوار بين الأديان والحضارات، مشيرا إلى أن النقاشات والمبادلات بين الأديان لم تتوقف في المغرب منذ الحماية الفرنسية وتعمقت بعد الاستقلال.
وقال إن زيارة البابا للمغرب تعد “نتيجة سياسية” تقر بأن المغرب يعتبر نموذجا لتمازج تاريخي وبلدا مؤسسا للحوار بين الأديان، وخاصة بين الإسلام والمسيحية.
واعتبر محمد الموساوي رئيس اتحاد مساجد فرنسا أن المغرب يعد رائدا في مجال الحوار بين الأديان، مشيرا إلى أن زيارة البابا فرنسيس للمملكة، على غرار تلك التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني، تعتبر أفضل تجسيد لذلك. وأضاف أن الدستور المغربي يضمن التأطير الديني للجالية المغربية بالخارج مع إجبارية مساهمة الدولة في تمويله.
يذكر أن أساقفة المغرب في كل من الرباط وطنجة، أكدوا أن الزيارة الرسولية التي سيقوم بها البابا فرنسيس إلى المغرب، يومي 30 و31 مارس الجاري، تعد لحظة تاريخية لتقوية الحوار بين الأديان، وترسيخ قيم السلام والتسامح. حيث أوضح أسقف الكنسية في الرباط، المطران كريستوبال لوبيز روميرو، خلال مؤتمر صحافي خصص لتقديم برنامج هذه الزيارة وشعارها “البابا فرنسيس: خادم الأمل”، أن الزيارة، الأولى من نوعها لقداسة البابا فرنسيس، تندرج في إطار تطوير الحوار بين الأديان وتعزيز التفاهم المتبادل بين مؤمني الديانتين، مؤكدا أنها ستكون فرصة مواتية للتطرق إلى بعض القضايا المتعلقة بالهجرة .