- عبد السلام انويكًة
تقليد أصيل هو تقطير ماء الزهر في الوسط الأسري التازي على مستوى المجال العتيق للمدينة، وتقليد احتفائي استشرافي أيضا هو موسم الزهر الذي ينظم بتازة ربيع كل سنة. ولعل تقطير الزهر/ هذه المادة العطرية الطبيعية، كان دوما بطقوس احياء واحتفاء محلية خاصة – ما لا يزال قائما مؤثثا رغم كل التحولات-، ذلك أنه خلال فصل الربيع مع ظهور زهر النارنج، كثيرا ما يكون في أوج منظره بداية الفصل ممتدا ببساتين المدينة على مستوى جوارها لبضعة أسابيع. مع أهمية الإشارة لِما كانت عليه تازة من أمكنة شهيرة بتسويق (الزهر والورد) حيث قبة السوق وزنقة باب الزيتونة، عبر ما كان ولا يزال يعرض بها كل صباح عبر قفاف من دوم وقصب وحلفاء، بعد قطفه باكرا من قبل منتجين عن بساتين محيطة: دوار”مكوسة” و”بوحجار”ورأس الواد” و”الشقة”و”جنان عين سلطان”. ويسجل أن تقطير الزهر بالمدينة، هو إرث أسري عريق وهوية ثقافية ونمط عيش متوارث بين سلف وخلف، علما أن تقليد تقطير ماء الزهر على الطريقة التازية بقدر ما يحتاجه من شروط خاصة، بقدر ما يترجم فن عيش أسري تازي محلي.
المجتمع المدني المحلي ممثلا في دار السماع، ارتأى الانفتاح على تراث المدينة اللامادي عبر موعد احتفائي سنوي بلغ دورته السادسة، مستهدفا ما ينبغي من إنصات لمورد بيئي عطري ضمن أفق التنمية المحلية، فضلا عن لفت انتباه الجميع سلطات محلية وهيئات منتخبة وإعلام ومنعشين ومستثمرين الخ، من أجل ما ينبغي من تثمين وحضن رافع. حيث يستمر تقليد موسم الزهر بالمدينة لهذه السنة تحت شعار “دور المجتمع المدني في الحفاظ على الهوية الحضرية للمدن”، في محالة لمزيد من الأضواء والترسيخ صوب هذا الأفق على امتداد أيام 1، 2 ، 3 ماي 2025، وقد ارتأت الجهة المنظمة برنامجا وحفلا يتوزع على ندوة فكرة يؤطرها باحثون عن جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المركز الجهوي للتربية والتكوين فاس مكناس، الوكالة الحضرية تازة تاونات. فضلا عن معرض خاص بمراسيم عملية تقطير الزهر على إيقاع نفحات التراث العيساوي المحلي، وكذا سهرة ختامية كبرى بفضاء مشور المدينة العتيقة الأثري، تؤثثها فقرات فنية تراثية عدة منها وصلات اندلسية لجوق احمد لبزور التازي للموسيقى الاندلسية، وتؤثثها أيضا ثلة من الفنانين المتميزين في حقلي السماع والمديح منهم الحاج محمد با جدوب.
