تفاعلا مع فرض الإدلاء بجواز التلقيح على البرلمانيين لدخول مجلس النواب والمشاركة في جلسة الأسئلة الشفهية بالمجلس، أمس الاثنين 25 أكتوبر 2021، قال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن منع النواب من أداء وظيفتهم، لَهوَ تعسّف ما بعده تعسّف.
وشدد العلام في تدوينة نشرها بحسابه الفيسبوكي، أن من شأن هذا السلوك أن يضعف المؤسسات التمثيلية، ويجعلها عرضة للسخرية، ويؤثر على الثقة في العملية الانتخابية والمؤسسات الصادرة عنها، إن كانت هناك من بقية لهذه الثقة.
وذكر المتحدث ذاته، أن منع أعضاء البرلمان من لوج مجلس النواب، سابقة لا مثيل لها في تاريخ المغرب، بل إن نواب المعارضة الاتحادية عندما مُنعوا سنة 1981 من ولوج مجلس النواب، بسبب عدم ارتدائهم اللباس الرسمي (بسبب مقترح تقدم به – يا للصدفة!- النائب أحمد نضيفي عن حزب التجمع الوطني للأحرار، يلزم النواب بلباس “الجلابة والسلهام”)، سارع رئيس مجلس النواب آنذاك “الداي ولد سيدي بابا” إلى استقبال الأعضاء الممنوعين في مكتبه، وجعلهم يتابعون الافتتاح عبر شاشة التلفاز، وليس كما فعل الرئيس التجمعي الذي أصدر مذكرة تمنع النواب من دخوله إلا عبر إدلائهم بجواز التلقيح، ولم يكلف نفسه حتى النزول من مكتبه لكي يتواصل معهم أثناء منعهم من ولوج المجلس لأداء وظيفتهم الدستورية، التي لا يمكن أن يمنعوا من أدائها بموجب قصاصة إخبارية تخالف قانون الطوارئ نفسه.
وأشار العلام إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، راسل رئيس الحكومة من أجل إيقاف العمل بجواز التلقيح لأن من شأن ذلك أن يحول دون تمتع المواطنين بحقوقهم.
ومن الناحية القانونية، يردف الأستاذ الجامعي، وحتى إذا تم تشريع “فرض جواز التلقيح” وفق الأصول المعمول بها (وليس عبر قصاصة مجهولة الهوية)، فإن منع نواب البرلمان من دخوله، يستدعي أولا تغيير القانون الداخلي لمجلسي البرلمان، بحيث يتم إدراج إمكانية منع برلماني من دخول المجلس إذا ما صدر قانون يوجب ذلك.
وتابع، لأنه لا يعقل أن يخالف قانون أدنى (قانون الطوارئ والبلاغات المترتبة عنه) قانونا أعلى (القانون التنظيمي لمجلس النواب)، وإلا فإن الأمر سيشبه تلك الدورية لوزارة الداخلية التي منعت انعقاد دورات المجالس المنتخبة المنظمة بقانون تنظيمي، لذلك، يقول العلام، فإن الدول التي تحترم القانون وسمو الدستور والقوانين التنظيمية على القوانين العادية، لم تشرّع قانون الطوارئ بقانون عادي وإنما بقوانين تنظيمية.
من الناحية الدستورية أيضا، يردف العلام، واستحضارا لمبدأ فصل السلط، مكّن الدستور النائب البرلماني من الحصانة التي تضمن له عدة استثناءات لا تُمنَحُ لغيره من المواطنين، وذلك من أجل حمايته وإطلاق حريته في الدفاع عن قضايا الأمة.
وأضاف، بمعنى أن الدستور يضمن لنواب الأمة حق أن لا تتمّ مساواتهم مع باقي المواطنين من قبِيل عدم اعتقالهم إلا في حالة التلبس، وطلب الإذن من المجلس الذي ينتمون إليه من أجل المتابعة، وعدم التعرض للمنع أو التضييق أثناء عملهم، وغيرها من الحقوق التي لا يتوفر عليه المواطن العادي. بمعنى آخر، لا يمكن للسلطة التنفيذية أن تتدخل في عمل النائب البرلماني أثناء عمله، ولا يحق لها أن تتعرض له لا بالمنع ولا بالتفتيش إلا بما يسمح به قانون المؤسسة التي ينتمي إليه.
وللأسف، يخلص العلام، لا يوجد في الدستور أو في القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية ما يسمح للنواب الممنوعين، من التوجه إلى القضاء الدستوري (حامي الحقوق والحريات في البلدان الديمقراطية) من أجل الطعن في هذا المنع، ولا في الطعن في بلاغات الحكومة، ولو أفرجت الأمانة العامة للحكومة على “القانون التنظيمي للدفع بعد الدستورية”، لأمكن للمواطنين اللجوء إلى هذه المسطرة، للطعن في قانون الطوارئ نفسه، الذي أطلق للحكومة حرية التصرف في حقوق الإنسان عبر بلاغات، حتى كاد الفرق بين قانون الطوارئ الصحية وحالة الاستثناء أن يكون شبه منعدم!