خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها نقابة المحامين بالمغرب يوم الجمعة الماضي، من أمام وزارة العدل، ألقى الأستاذ خالد المروني رئيس نقابة المحامين بالمغرب كلمة بالمناسبة جاءت على الشكل التالي:
“بمداد من الفخر و الاعتزاز، تسجل نقابة المحامين بالمغرب، انخراطها إلى جانب فدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، و الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، في تسطير برنامج نضالي يتجاوب مع انتظارات كل المحاميات و المحامين بالمغرب ،و يستجيب للمطالب الاستعجالية المشروعة للمحامين. فالكل قد هب بنفس وحدوي ليصد الهجمة الشرسة و الرعناء لوزير العدل و من يقف وراءه ، و الكل يأبى إلا أن يسجل التاريخ اليوم أن بذلة الدفاع عصية على التطويع، و أبية على الإخضاع، و شامخة بتاريخها النضالي، و مبادئها الكونية.
الزميلات و الزملاء، لقد نام وزير العدل و من لف لفيفه فرأى فيما يرى النائم أن بمقدور ألاعيبه السياسوية الصغيرة أن تتطاول على رسالة الدفاع و تعبث بمبادئها الراسخة، لكن هيهات هيهات إن هي إلا أضغاث أحلام وتخاريف الأوهام. اليوم يقف كل المحامين و المحاميات و كل الإطارات المهنية صفا واحدا في خندق واحد ليصدحوا بصوت واحد:
- إن نساء و رجال الدفاع سيقفون دوما بالمرصاد لأية محاولة للنيل من مكانة المحاماة أو تقليص أدوارها القانونية و الحقوقية و المجتمعية.
- إن أي قانون منظم للمهنة لا يمكن أن يرى النور إذا لم يكن موضوع تشاور و توافق مع الإطارات المهنية الممثلة للمحامين اعتبارا لخصوصية الاستقلالية التي تتمتع بها مهنة المحاماة وفق المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين و المبادئ الدولية المتعلقة باستقلالية و مسؤولية المحامين.
- إن المحاماة ليست مجرد مهنة يمكن أن يخضع الولوج لها للحسابات السياسوية والانتخابوية الضيقة، أو للرهانات الشعبوية الطارئة ، بل هي رسالة كونية و مؤسسة جوهرية من مرتكزات الدولة الديمقراطية ،و آلية أساسية من آليات حماية الحقوق و الحريات يجب أن يرتبط الولوج لها بمدى التزام الحكومات بواجباتها المتمثلة في توفير الضمانات و الشروط الكفيلة بأداء المحامين لمهامهم و أدوارهم على الوجه الأمثل.
- إن المحاميات و المحامين لا ينتفضون انتصارا لمطالب فئوية ضيقة، و لا يساومون على مبادئ رسالتهم من أجل امتيازات خاصة، و لكنهم بالمقابل لن يقبلوا بأي مساس باستقلالية المحاماة و حصانة الدفاع ، و لن يسكتوا على أي استهداف للشروط الاقتصادية و الاجتماعية و القانونية الضامنة لقيامهم بالدفاع عن حريات و حقوق المواطنات و المواطنين، و تحقيق شروط الولوج المستنير للعدالة ، وضمانات المحاكمة العادلة.
نقول لوزير العدل و لمن يشرعن له أفعاله الرعناء:
المحاماة أكبر من أوهامكم السلطوية الصغيرة، و لو كان بإمكان النجاح في تطويع المحاماة لكان الأولى بالنجاح في ذلك نابليون بونابرت ، حينما اعتد بسيفه ، و وعد باستعماله لقطع لسان كل محام يستخدمه ضد الحكومة، لكن التاريخ سجل أن لسان المحامي لا يقطعه سيف، و ذهب صاحب السيف و بقيت المحاماة أبية و شامخة ،و سجل التاريخ للمحامين قيامهم بأدوارهم الطلائعية في كل معارك الشعوب من أجل العدالة و الحرية و حقوق الإنسان.
الزميلات و الزملاء، ونحن نشارك في هذه الوقفة الاحتجاجية نقول لكل من يهمه الأمر: لا تحسبن أن هذه الوقفة مجرد هبة عابرة بل هي احتجاج أولي ، و مستمر في الزمن، و لن يتوقف قبل إسقاط مسودة العار المتخلفة، من أجل إقرار قانون حداثي و تقدمي يليق بمحاماة القرن 21 ، وسن قوانين إجرائية و موضوعية تضمن الحقوق و الحريات و شروط المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها عالميا و وفاء الحكومة بالتزاماتها في تكوين المحامين و ضمان شروط ممارسة مهنية تليق بنساء و رجال الدفاع و تضمن للملتحقين من بنات و ابناء الشعب الراغبين في خدمة العدالة أداءهم لمهام الدفاع و تحملهم لأعبائها بكرامة و أمن قانوني و اقتصادي و اجتماعي يحصنهم ضد منظومات الفساد و النفوذ و يجعلهم فرسان الدفاع عن الحقوق و الحريات. فموعدنا ساحة النضال .. ولا عزاء لمن يراهن على انطفاء جذوة النضال .. فبإمكانكم قطف الزهور لكن لا يمكنكم إيقاف زحف الربيع. وعاشت مهنة المحاماة حرة مستقلة و أبية.”