عبد السلام انويكًة
من الأعمال العلمية المجالية التي انفتحت بشكل عملي على الرهان الترابي الجهوي بالمغرب، ما اشتغل عليه الأستاذ أحمد البراهمي بالرباط في اطار عمل أكاديمي قارب فيه جوانب بقدر كبير من الأهمية في أجرأة ورش الجهة والجهوية بالمغرب، خاصة ما يتعلق بموارد هذا الرهان البشرية والطبيعية وايضا مسألة حكامة التدخلات ونجاعة الانجاز والسرعة والفاعلية. وقد توجه هذا العمل العلمي في اشكاليته الأساسية، لتصميم وإنشاء نموذج لنظام المعلومات الجغرافي باعتباره تطبيقا في مجال الإحصاء من جهة وخدمة التحليل الاقتصادي في بعده الترابي المجالي المغربي الجهوي فضلا عما هناك من رهان حكامة من جهة ثانية. ولعل بقدر ما تناولت هذه الدراسة القيمة والميدانية والتجريبة إنشاء أداة لدعم اتخاذ القرار في مجال محدد، بقدر ما استهدف جعل خطوات هذه الأداة رهن اشارة مستخدِمِين وفي خدمتهم (أطر مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، مديريات الوزارة، عموم المهتمين..). وذلك لتسهيل ولوجهم لمؤشرات اجتماعية واقتصادية تهم كل التراب المغربي، وعلى مستويات جغرافية مختلفة من حيث التحليل. وعليه، تم انشاء نموذج نظام على شبكة الإنترنت يستخدم لجمع وتخزين وتحليل وتحيين بيانات وصفية وجغرافية، مع عرضها على شكل خرائط موضوعاتية، ضمن مراعاة معايير التصنيف ومعالجة المعلومات الإحصائية عبر متصفح الويب.
ولعل مساهمة الأستاذ أحمد البراهمي البحثية العلمية هذه، هو دراسة أكاديمية لنظام المعلومات الجغرافية وكذا مقاربة علمية لسبل التفكير لإستخداماتها في مجال التحليل الاقتصادي الجهوي المغربي. وقد اعتمد لتصميم هذا النموذج على أدوات مفتوحة المصدر، والتي من شأنها تمكين خفض تكاليف الاستثمار المتعلقة بالبرمجيات، والعمل ايضا على تحديث أدوات وأساليب معالجة المعلومات الإحصائية بمديرية الدراسات والتوقعات المالية.
يذكر أن الأستاذ البراهمي ومن اجل بلوغ اهداف بحثه، انطلق بدراسة أولية همت تفكيك الاحتياجات القائمة عبر البحث الميداني الذي تم اجراءه مع أطر المديرية، وكذا تحليل مقارن لنظم المعلومات الجغرافية في مجال رسم خرائط احصائية وتكنولوجيات مختلفة مستخدمة. هذا قبل قيامه منهجيا بإجراء تقييم مقارن لبعض الحلول والتكنولوجيات المفتوحة المصدر، تلك التابعة لدور نشر مصنفة موجودة ومعتمدة. وفي خطوة ثانية ضمن ورشه ودراسته هذه ومن خلال نتائج الدراسة الأولية، قام بعملية تصميم وتطوير مكن من بلورة النتائج إلى نماذج ورسوم بيانية استنادا إلى طريقة التصميم المعتمدة دولياUML. وقد انتهى الباحث الى أن هذه النماذج ساعدت بشكل معبر وعملي من تحقيق توضيح أفضل لاحتياجات ومتطلبات المستخدمين، من أجل اقتراح بنية التطبيق ثم تطوير النموذج الأولي.
هكذا قدم الباحث ما بلغه من نتائج علمية وعملية معا، عبر وصف لشاشات النموذج الذي تم انشاءه اعتمادا على محرك الخرائطي MapServer ومكتبةMapscript.net ، Postgre/Postgis كنظام لقاعدة بيانات مكانية. ويسجل في هذا الاطار أنه تم وضع تصور لمحتوى تنفيذ التطبيق النهائي، والذي توقع من خلاله توفير الموارد البشرية اللازمة والمواد والبرامج وكذا الموارد المالية، مع إعطاء تقديرات لمختلف هذه المحاور التي تهم تحديدا: مجال التدريب والمساعدة التقنية، شراء المعدات…وقد كان هذا العمل البحثي حول نظام المعلومات الجغرافي بقدر كبير من الأهمية والقيمة المضافة في مجال التدبير عموما والترابي المجالي الوطني تحديدا، مع ابرازه لما هناك من مساهمات وثغرات لا تزال قائمة، فضلا عن توصيات هامة عملية لتحسين الأهداف كمنتوج نهائي، وفضلا ايضا عن اثارة واستحضار لجوانب تنظيمية وكذا إدارة المشاريع وكذا ما هناك من جوانب تقنية يمكن أن تكون مستقبلا مساحة لأبحاث علمية. ولا شك أن الدراسة التي انجزها الاستاذ البراهمي في مجال بجوانب الدقيقة تهم عالم التدبير الترابي والموارد، تشكل بحق قيمة مضافة بحثية هامة لفائدة نصوص خزانة المغرب في هذا الاطار، ووثيقة رافعة للتنمية المحلية واجرأة الجهوية المغربية بكل ما تقتضيه من حكامة جيدة، بل وثيقة محفزة للباحثين والمهتمين من أجل مزيد من المقاربة العلمية والإغناء والاضافة.