حسب ما تجمّع لحدّ الآن، من التحريات المُنجزة من قبل السلطات الأمنية في ملف بارون المخدرات المالي، الملقب بـ”إسكوبار الصحراء”، أن البرلماني السابق باسم حزب الأصالة والمعاصرة “ب. م”، كان من أبرز الوجوه التي تقوم بتهريب المخدرات عبر الحدود بين المغرب والجزائر.
وتفيد التحريات أن المشتبه فيه، الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي “عكاشة” بالدار البيضاء، كان دائم التعاون والتنسيق مع مروج للمخدرات على مستوى الجزائر يلقب بـ”عبد القادر الجزائري”، تربطه علاقة قوية به، كان يتكفل بنقل المخدرات نحو التراب الجزائري ومنه إلى وجهات أخرى متعدّدة.
ووفق ذات التحريات الأمنية، ومن خلال الاستماع إلى المتهمين من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، فإن البرلماني السابق المذكور، الذي ليس سوى صهر رئيس جهة الشرق القيادي البارز بحزب الأصالة والمعاصرة، عبد النبي بعيوي، كان يقوم بنقل المخدرات من مكان زراعة القنب الهندي بكتامة والنواحي، مع توفير التجهيزات اللوجيستيكية والبشرية لتهريبها صوب الجزائر.
وتشير المعطيات نفسها إلى أن الشبكة التي كان يديرها البرلماني السابق، كانت تعمل على تهريب المخدرات عبر الشريط الحدودي، باستعمال الدراجات النارية والسيارات رباعية الدفع.
ووفق ما أوردته منابر إعلامية وطنية، فإن بارون المخدرات “اسكوبار الصحراء” أكد خلال الاستماع إليه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن صهر بعيوي يعد من كبار مهربي الذهب انطلاقا من مالي والنيجر نحو وجهات متعدّدة.
واضافت افادات المدعو “المالي” أن الشخص المذكور (الصهر) كان يقتني رفقة بعيوي المخدرات من كتامة، ليتم تنقيلها عبر سيارات رباعية الدفع صوب الجهة الشرقية اعتمادا على شبكته المتخصصة في ذلك.
وكان الوكيل العام قد أعلن في وقت سابق أن الفرقة الوطنية للشرطة أنجزت، تحت إشراف هذه النيابة العامة(محكمة الاستئناف بالدار البيضاء)، أبحاثا لتحديد باقي الأشخاص المشتبه تورطهم مع شخص من جنسية أجنبية توبع في إطار قضية تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات ويقضي حالياً عقوبته في السجن، مبرزا أن نتائجها أظهرت الاشتباه في قيام بعض الأشخاص بارتكاب أفعال لها ارتباط في أغلبها بالوقائع ذاتها، التي سبق أن توبع في إطارها الشخص الأجنبي المذكور وآخرون لهم ارتباط به أدينوا بعقوبات سالبة للحرية.
وأوضح أنه، بالنظر لتعقد هذه الأفعال وتشابك امتداداتها، فقد استغرقت الأبحاث الوقت الكافي الذي اقتضته ضرورة ذلك في إطار الاحترام التام للمقتضيات القانونية ذات الصلة وتحت الإشراف المباشر للنيابة العامة، مشيرا إلى أنها أسفرت عن تقديم أمامها 25 شخصا، من بينهم من يتولى مهام نيابية أو مسؤولية جماعات ترابية أو مكلف بإنفاذ القانون، بالإضافة إلى أشخاص آخرين ارتكبوا افعالاً لها ارتباط بالموضوع.
وأكد الوكيل العام، في بلاغ أصدره بالمناسبة، أنه “تكريساً لمبدأ المساواة أمام القانون فقد آلت نتائج دراسة الأبحاث المنجزة إلى تقديم هذه النيابة العامة لملتمس إلى قاضي التحقيق بإجراء تحقيق معهم من أجل الاشتباه في ارتكاب كل واحد منهم لما هو منسوب إليه من أفعال معاقب عليها قانوناً”، والتي يتمثل تكييفها القانوني إجمالاً في مجموعة من الجرائم، محددا أهمها في “المشاركة في اتفاق قصد مسك المخدرات والاتجار فيها ونقلها وتصديرها ومحاولة تصديرها، والإرشاء والتزوير في محرر رسمي، ومباشرة عمل تحكمي ماس بالحرية الشخصية والفردية قصد إرضاء أهواء شخصية، والحصول على محررات تثبت تصرفا وإبراء تحت الإكراه، تسهيل خروج ودخول أشخاص مغاربة من وإلى التراب المغربي بصفة اعتيادية في إطار عصابة واتفاق وإخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة…”.
وذكر بأنه، بعد استنطاقهم ابتدائيا، قرر قاضي التحقيق إيداع عشرين (20) منهم السجن مع إخضاع شخص واحد لتدبير المراقبة القضائية، فيما عملت هذه النيابة العامة على تكليف الشرطة القضائية المختصة بمواصلة الأبحاث في حق الأربعة الآخرين منهم بهدف استجلاء خيوط بعض جوانب وقائع هذه النازلة، وحالما تنتهي الأبحاث المأمور بها ستعمل النيابة العامة أيضا على ترتيب ما يجب في حقهم.
وأبرز أن النيابة العامة ستواصل، في إطار الحق في الحصول على المعلومة، إطلاع الرأي العام على نتائج إجراءات البحث والتحقيق حال الانتهاء من ذلك، في إطار التقيد الكامل بمقتضيات القانون تجسيداً لدولة الحق والقانون مع ضمان احترام قرينة البراءة.
يشار إلى أن قائمة المحالين على القضاء في هذا الملف تضم مجموعة من رجال الأعمال وموظفي شرطة ودرك وموثقين ومستخدمين. وجاء التقديم أمام النيابة العامة بعد الانتهاء من البحث التمهيدي، الذي استغرق عدة أشهر، بسبب التدقيقات والافتحاصات المالية، والمواجهات والانتدابات التقنية.