أفادت يومية “العرب” أن مجموعة من المنظمات والجمعيات المغربية وجّهت انتقادات لاذعة للسلطات الفرنسية في تدبيرها لعملية منح التأشيرات للمواطنين المغاربة، واصفة الإجراءات المعقدة التي تفرضها بـ”المخزية”.
وتأتي هذه الانتقادات في وقت تمر فيه العلاقات الفرنسية – المغربية بأسوأ فتراتها على خلفية اتهام الرباط لباريس بالوقوف وراء الحملة المناهضة لها في البرلمان الأوروبي، التي كانت أحد تمظهراتها إقرار الأخير لتوصية انتقد فيها الوضع الحقوقي داخل المملكة وتضمن بنودا لا تخلو من نزعة وصاية على المؤسسة القضائية المغربية.
ويرى مراقبون أن استمرار القيود المفروضة على منح التأشيرات للمغاربة هو رسالة فرنسية سلبية تجاه الرباط، لافتين إلى وجود نوع من التخبط في سياسة الإليزيه، قد يكلف الأخير خسارة شريك إستراتيجي في المنطقة المغاربية.
وأشارت تسع منظمات مغربية، إضافة إلى الهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية، التي تضم في عضويتها ست عشرة شبيبة حزبية، إلى أن قرار السلطات الفرنسية في التراجع عن تقليص عدد تأشيرات شنغن الممنوحة للمغاربة إلى النصف “لم يتغير”.
وذكرت المنظمات في بيان لها أنه رغم تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بشأن استئناف التعاون الكامل مع المغرب في موضوع التأشيرات، إلا أن “النتائج كانت مخيبة للآمال”.
وكانت وزيرة الخارجية الفرنسية قد أعلنت خلال زيارة لها إلى الرباط في ديسمبر الماضي عن انتهاء أزمة التأشيرات بين فرنسا والمغرب. وقالت إن القرار دخل حيز التنفيذ، معربة عن “سعادتها” بذلك.
وسبق للحكومة الفرنسية أن قررت في عام 2021 تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة والجزائريين بنسبة 50 في المئة والتونسيين بنسبة 30 في المئة، وبررت ذلك بـ”رفض هذه الدول استعادة مواطنيها الذين صدرت في حقهم قرارات ترحيل”.
وقد شكلت أزمة التأشيرات التي يبدو أنها لم تحل بعد، أحد أسباب التوتر في العلاقات الفرنسية –المغربية، والذي أخذ منحى جديدا الشهر الماضي، على الرغم من حالة الإنكار التي يمارسها قصر الإليزيه.
وسجل بيان المنظمات مجموعة من الإجراءات التي وصفتها بـ”المجحفة” والتي تعرقل حصول المغاربة على التأشيرة الفرنسية، أبرزها اللجوء إلى شركة وسيطة لتجميع طلبات التأشيرات نيابة عن الإدارة الفرنسية.
ولفتت الجمعيات إلى ما اعتبرته “تضخم وتعقد الإجراءات، وتعدد الفئات والفئات الفرعية المنظمة للعملية”، معتبرة أن كل ذلك يثقل عبء مسطرة إجراءات طلب التأشيرة، ويجعلها قديمة ومبهمة وقابلة للاحتيال والتلاعب من أعوان شركة المناولة أثناء معالجة وفحص الطلبات.
ونبهت المنظمات إلى اشتراط فرنسا دفع ثمن الرسوم الإدارية عند تقديم كل طلب، سواء تم الحصول على التأشيرة أو لم يتم، بدل أن يكون الدفع في حالة الحصول عليها فقط.
واعتبرت الجمعيات أن آجال الحصول على موعد التأشيرة لا تنتهي، وتفتح الباب واسعا للسماسرة الذين يعملون على حجز مواعيد، قبل توفيرها مقابل مبالغ مالية كبيرة، فضلا عن كون معايير الرفض غير مبررة بشكل كاف.
ويرى المراقبون أن الإجراءات المعقدة في منح التأشيرات للمغاربة تعزز الموقف الرسمي للمغرب الذي يتهم قوى في الدولة العميقة الفرنسية بالعمل على تقويض العلاقات الثنائية.
وأبرزت المنظمات توصلها بحوالي 300 طلب مؤازرة من فئات وحالات مختلفة من المتضررين من الإجراءات الفرنسية، خصوصا الحالات المتعلقة بالمرض والعمل والدراسة، مضيفة أنها راسلت مبعوثة الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت أن “في إجابة المسؤولة الأوروبية كان هناك نوع من التعالي، والدفاع الضمني عن دول الاتحاد، من خلال الدفاع عما قالت إنه سيادة الدول على حدودها، والتحكم في حدودها”.
وأشارت المنظمات إلى أن “المسألة هنا لا وجود للسيادة فيها، هناك حق من الحقوق يجب على الدول احترامه، خاصة عندما يتعلق الأمر بحالات مستعجلة”.
وكشفت السفارة الفرنسية بالرباط، في بيان لها، بداية الشهر الجاري أن النشاط القنصلي “عاد إلى طبيعته” بالمغرب. وأشارت إلى أن “هذا يعني أن الإجراءات التقييدية التي نفذت منذ سبتمبر 2021 من قبل السلطات الفرنسية قد ألغيت بشكل تام والهدف هو العودة إلى النشاط الطبيعي الذي سبق الأزمة الصحية سنة 2020“.
وذكرت السفارة أن مصالحها القنصلية تعمل بوتيرة متواصلة للوصول إلى هذا الهدف لاسيما من أجل إتاحة أقصى ما يمكن من المواعيد. لكن المنظمات أكدت أنها لم تسجل أي تخفيف بل على العكس، فقد جرى تشديد الإجراءات للحصول على التأشيرات.
ووفق الأرقام التي قدمتها وزارة الداخلية الفرنسية يوم السادس والعشرين من يناير الماضي، فقد تم خلال العام الماضي منح 142.921 تأشيرة فرنسية سنة 2022 للمواطنين المغاربة، مما يضع المغرب في المرتبة الثانية، بعد الهند، على لائحة البلدان التي تمنح فيها التأشيرات وعلى رأس اللائحة بالقارة الأفريقية.